هولندا تعيد كنزاً فرعونياً مسروقاً إلى مصر: رأس تمثال نادر من عصر تحتمس الثالث

في خطوة تاريخية تعكس التعاون الدولي في مكافحة تهريب الآثار، أعلن رئيس الوزراء الهولندي ديك سخوف عن عزم بلاده إعادة تمثال فرعوني أصيل إلى مصر، بعد أن سرق وخرج بطريقة غير شرعية خلال فترة الاضطرابات السياسية المعروفة بـ”الربيع العربي”.
القطعة الأثرية عبارة عن رأس حجري منحوت بدقة متناهية، يعود تاريخه إلى حوالي 3500 عام، ويصور شخصية بارزة من عهد الفرعون تحتمس الثالث، أحد أعظم قادة مصر القديمة.
تم اكتشاف التمثال في معرض الفنون الدولي (Tefaf) بمدينة ماستريخت الهولندية عام 2022، مما أثار تحقيقات فورية حول مصدره.
خلال لقاء رسمي مع الرئيس المصري عبد الفتاح السيسي، أكد سخوف أن التاجر الهولندي الذي كان يمتلك القطعة سلمها طواعية بعد التأكد من أنها نهبت من مصر. وأشار إلى أن هذه الإعادة تأتي دون أي مقابل مالي، كرمز لاحترام التراث الثقافي العالمي.
تفاصيل التمثال وأهميته التاريخية
يُلقب تحتمس الثالث، الذي حكم من 1479 إلى 1425 قبل الميلاد، بـ”نابليون مصر القديمة”، نظراً لإنجازاته العسكرية الواسعة التي امتدت من الشرق الأوسط إلى النوبة (جنوب مصر وشمال السودان). التمثال، الذي يُحتفظ بتفاصيله في متحف Rijksmuseum van Oudheden الهولندي، يُعد شاهداً على فن النحت في العصر الفرعوني الذهبي.
أفادت إدارة التراث الثقافي الهولندية بأن التمثال سيُسلم رسمياً إلى السفير المصري في لاهاي قبل نهاية العام الجاري.
ومع ذلك، لا تزال ظروف السرقة غامضة، إلا أن التحقيقات ترجح وقوعها خلال أعمال النهب في المتاحف والمواقع الأثرية بين عامي 2011 و2012.
وجهة التمثال في مصر
لم تكشف السلطات المصرية بعد عن الموقع الدقيق لعرض التمثال، لكن التوقعات تشير إلى المتحف المصري الكبير بالقاهرة، الذي افتتح أبوابه رسمياً هذا الأسبوع بحفل أسطوري حضره قادة عالميون.
يحتوي المتحف على أكثر من 50 ألف قطعة أثرية، تغطي تاريخ الحضارة المصرية منذ 3000 قبل الميلاد، ويُعتبر أكبر صرح أثري في العالم.
أعرب سخوف، الذي شارك في حفل الافتتاح، عن سعادته برد فعل الرئيس السيسي، الذي أكد أهمية استعادة الآثار المسروقة ومكافحة التجارة غير القانونية.
وصف رئيس الوزراء الهولندي العملية بأنها “بادرة صداقة وعدالة تاريخية”، مشدداً على التزام هولندا بحماية الإرث الإنساني.
هذه الإعادة تأتي في سياق جهود مصرية مكثفة لاسترداد آلاف القطع الأثرية المهربة، خاصة بعد افتتاح المتحف الكبير، الذي يُعد نقلة نوعية في عرض التراث الفرعوني للعالم.



