منوعات

حسين عبد الرسول: الطفل الذي غير مجرى التاريخ باكتشاف مقبرة توت عنخ آمون

حسين عبد الرسول هو الطفل المصري البالغ من العمر 12 عامًا الذي لعب دورًا حاسمًا في أعظم اكتشاف أثري في التاريخ الحديث، وهو اكتشاف مقبرة الملك توت عنخ آمون في عام 1922.

كان حسين فتى بسيطًا من عائلة صعيدية تعمل في مجال التنقيب عن الآثار في وادي الملوك بالأقصر، ولم يكن يعلم أن صدفة يومية بسيطة ستجعله جزءًا من لحظة تاريخية غيرت فهم العالم للحضارة المصرية القديمة.

 خلفية عائلية وطفولة حسين عبد الرسول

ولد حسين عبد الرسول في عائلة نوبية-صعيدية تعود جذورها إلى القرن التاسع عشر، حيث اشتهرت العائلة بعملها في التنقيب الأثري مع البعثات الأجنبية في مصر. كان والده، عبد الرسول، عاملًا في مواقع الحفر، ويساعده حسين يوميًا في نقل جرار الماء (المعروفة بـ”البلاص”) إلى العمال تحت شمس الجنوب الحارقة.

لم يكن حسين عالم آثار أو باحثًا، بل مجرد طفل يساهم في عمل أسرته لكسب العيش، وسط رماله وادي الملوك الذي يحمل أسرار الفراعنة منذ آلاف السنين.

قصة الاكتشاف: الصدفة التي أنقذت التاريخ

في 4 نوفمبر 1922، كان حسين يركب حماره الصغير متجهًا إلى موقع الحفر الذي يديره العالم البريطاني هوارد كارتر، ممولًا من اللورد جورج كارنارفون.

أثناء الطريق، سقطت جرة الماء من يد الطفل واصطدمت بجسم صلب تحت الرمال، مما أصدر صوتًا غريبًا.

أثار هذا الطفل فضول حسين، الذي هرع إلى والده ليخبره بالأمر. أبلغ والده كارتر فورًا، الذي أمر ببدء الحفر في الموقع نفسه.

بعد يومين من العمل الشاق، كشف الفريق عن أول درجات سلالم حجرية تؤدي إلى مدخل مقبرة مغلقة تحمل ختم الملك توت عنخ آمون، الذي حكم مصر في القرن الـ14 قبل الميلاد وتوفي في سن الـ19 عامًا.

ترك الفريق المقبرة مغلقة لأربعة أيام للتهوية، خوفًا من الغازات والكائنات الدقيقة المحبوسة داخلها منذ أكثر من 3000 عام. عندما فتح كارتر الباب أخيرًا، صاح مشهورًا: “أرى أشياء رائعة!”، واكتشف غرفة الدفن مليئة بكنوز لا تُقَدَّر: أكثر من 5000 قطعة أثرية، بما في ذلك قناع الذهب الشهير لتوت عنخ آمون (يزن 11 كيلوغرامًا)، عربات حربية، مجوهرات، تماثيل، أسرّة ملكية، وأدوات يومية محفوظة بشكل مثالي.

كانت المقبرة سليمة دون تخريب، مما جعلها أعظم اكتشاف أثري في القرن العشرين، وأعادت إحياء الاهتمام العالمي بالمصريات.

دون سقوط جرة الماء، كان الفريق قد غادر الموقع، وفقًا لروايات ابن حسين النوبي حسين عبد الرسول، الذي أكد في مداخلات تلفزيونية حديثة أن “لولا الحمار والبلاص” لما تم الاكتشاف. كما كشف عن كواليس مثل استخدام الفريق للكلاب للكشف عن الغازات السامة قبل الدخول.

 دور حسين في التنقيب والاعتراف به

كان دور حسين محدودًا بمساعدة والده في نقل الماء، لكنه كان الشرارة الأولى للاكتشاف. لم يُنسب الفضل له رسميًا في البداية، حيث سرق كارتر الأضواء كمكتشف رئيسي، لكن العائلة تحتفظ بصورة تذكارية لهوارد كارتر يرتدي قلادة فرعونية من المقبرة كهدية شكر لهم. اشتهرت عائلة عبد الرسول أيضًا باكتشاف خبيئة الملكة حتشبسوت، مما يعزز إرثهم في التنقيب.

 الأحداث اللاحقة والإرث العائلي

توفي حسين عبد الرسول في سن الـ80 عامًا، لكنه ترك إرثًا يرويه أحفاده اليوم. في السنوات الأخيرة، خاصة مع افتتاح المتحف المصري الكبير في 2025، أعادت مصر الاعتبار له كـ”صاحب أعظم اكتشاف”، حيث عرضت مجموعة توت عنخ آمون كاملة لأول مرة.

ابنه النوبي حسين عبد الرسول، البالغ من العمر اليوم أكثر من 80 عامًا، روى القصة في برنامج “الحكاية” مع عمرو أديب، مشيرًا إلى فخرهم بـ”بصمة في التاريخ” وكيف يحكونها للأجيال الجديدة.

كما كشف عن مفاجآت مثل عدم وجود آثار في منزل العائلة، لكن الذكريات والصور هي كنوزهم الحقيقي.

أصبحت قصة حسين رمزًا للمساهمة المصرية في تراثها الخاص، محولة الطفل البسيط إلى بطل تاريخي يُذكر كدليل على أن التاريخ يتغير بأيدي الأفراد العاديين.

Mariam Hassan

مريم حسن كاتبة وصحفية متخصصة في الشأن الهندي ـ الباكستاني و جنوب شرق آسيا خبرة سنتين في مجال العمل الصحفي والإعلامي. أماكن العمل : داي نيوز الإخباري. أعمل على ترجمة وتحرير الأخبار والتقارير الصحفية المتنوعة. تحليل و دراسة التحولات السياسية والتهديدات الأمنية في آسيا وانعكاساتها على الأمن القومي المصري والعربي. متابعة التطورات الاقتصادية والتكنولوجية، وتحليل سياسات القوى الإقليمية وأنماط التحالفات بين جنوب آسيا والشرق الأوسط.

مقالات ذات صلة

اترك تعليقاً

زر الذهاب إلى الأعلى