642 نازحاً من الفاشر يصلون الشمالية وسط مخاوف من كارثة إنسانية أوسع

أعلنت شبكة أطباء السودان، صباح اليوم السبت، وصول 642 شخصاً نازحاً من مدينة الفاشر عاصمة شمال دارفور إلى منطقة الدبة في الولاية الشمالية، بعد رحلة مليئة بالمخاطر والصعوبات.
وفي بيان صحفي، عبرت الشبكة عن قلقها البالغ من التصاعد الملحوظ في عمليات النزوح من المدينة، التي شهدت مؤخراً سيطرة قوات الدعم السريع عليها، وسط تقارير عن مجزرة جماعية وانتهاكات جسيمة.
وأوضح البيان أن هؤلاء النازحين، الذين فروا من أعمال العنف المنهجي الذي ترتكبه قوات الدعم السريع، يواجهون ظروفاً إنسانية مزرية في المناطق المستقبلة، حيث يفتقرون إلى أي مأوى مناسب، ويعانون من نقص حاد في الغذاء والمياه النقية، بالإضافة إلى غياب الرعاية الصحية الأساسية.
وأبرزت الشبكة أن الفئات الأكثر تضرراً تشمل الأطفال والنساء وكبار السن، الذين يعرضون لمخاطر صحية فورية بسبب الإرهاق والجوع.
وأكدت الشبكة أن هذه العائلات، التي لجأت إلى الولاية الشمالية بحثاً عن أمان نسبي، تواجه الآن تحديات معيشية تفوق قدرات المجتمعات المحلية على التعامل معها، مع توقعات بتضاعف أعداد الوافدين بشكل دراماتيكي خلال الأيام المقبلة، نتيجة لتدهور الأوضاع الأمنية والإنسانية في إقليم دارفور بأكمله.
وفي سياق مشابه، أفادت تنسيقية النازحين في دارفور بأن أكثر من 36 ألف شخص قد فروا من الفاشر خلال الأيام الأخيرة وحدها، معظمهم مشياً على الأقدام إلى مدن مجاورة مثل الطويلة، التي تضم بالفعل أكثر من 652 ألف نازح، مما يفاقم الضغط على الموارد المحدودة.
وناشدت شبكة الأطباء السلطات المحلية والمنظمات الإنسانية داخل السودان وخارجه بالتدخل الفوري لتوفير المساعدات الطبية والغذائية الطارئة، إلى جانب إنشاء مخيمات مأوى آمنة وتقديم الدعم النفسي والاجتماعي للناجين، محذرة من أن التأخير قد يؤدي إلى انهيار كامل للوضع الإنساني في المنطقة.
وأكدت أن “الاستجابة السريعة في هذه اللحظة الحساسة يمكن أن تنقذ آلاف الأرواح المرهقة بالنزوح والخوف والمجاعة”.
من جانب آخر، شددت تنسيقية النازحين في تصريحاتها لوسائل إعلامية، على ضرورة ضغط المجتمع الدولي على الطرفين المتحاربين لإيقاف إطلاق النار فوراً، محذرة من كارثة إنسانية غير مسبوقة إذا استمر الوضع.
وأوضحت أن الأوضاع قد خرجت عن السيطرة تماماً بسبب غياب أي حماية للمدنيين ونقص الإمدادات الأساسية، مطالبة بتأمين ممرات آمنة لنقل المساعدات إلى المناطق المتضررة دون عوائق.
وفي سياق الانتهاكات المرتكبة، أكدت تقارير من مختبر الأبحاث الإنسانية بجامعة ييل، بناءً على صور أقمار صناعية حديثة، استمرار عمليات القتل الجماعي والتطهير العرقي في الفاشر، مع عدم وجود مؤشرات واضحة على نزوح واسع النطاق للمدنيين، مما يشير إلى أنهم إما محاصرون أو قُتلوا أو أُسِروا.
وأبرز التقرير تجمعات نازحين في قرية جرني قرب المدينة، حيث تُرتكب انتهاكات تشمل التعذيب والإعدامات والاختفاء القسري، خاصة للرجال والأولاد، داعياً إلى وصول فوري للمنظمات الدولية إلى الموقع.
كما أعربت الأمم المتحدة عن قلقها الشديد، حيث حذر مسؤولون أمميون من “تصعيد مروع” في النزاع، مشيرين إلى أن السيطرة الفعلية لقوات الدعم السريع على المدينة – التي كانت آخر معقل للجيش في دارفور – قد أدت إلى مقتل عشرات المدنيين، وهجمات على المستشفيات، ونزوح مئات الآلاف. ودعا الأمين العام أنطونيو غوتيريس إلى وقف فوري للنار، مع التأكيد على ضرورة استعادة الاتصالات وتوفير ممرات آمنة للنازحين، الذين يتعرضون الآن للاختطاف والابتزاز على الطرق.
كذلك، أفاد المنسق الإنساني توم فليتشر بأن “المدينة على وشك الانهيار”، مع حصار دام 18 شهراً أدى إلى مجاعة واسعة، وطالب بحماية المدنيين وتسهيل وصول المساعدات غير المقيدة.
يأتي هذا التصعيد في سياق الحرب الأهلية الدامية بين الجيش السوداني وقوات الدعم السريع، التي اندلعت في أبريل 2023، والتي أسفرت عن مقتل عشرات الآلاف ونزوح أكثر من 12 مليون شخص داخلياً، بالإضافة إلى 4.2 مليون لاجئ خارج البلاد، مما يجعل السودان يعاني من أكبر أزمة إنسانية في العالم.
وأشارت منظمة الصحة العالمية وأطباء بلا حدود إلى علاج مئات الجرحى والنازحين في مراكز صحية قريبة، معظمهم أطفال يعانون من سوء التغذية الحاد، محذرة من أن التمويل المحدود – حيث لا يتجاوز 27% من الطلب الإنساني لعام 2025 – يعيق الاستجابة الفعالة.
وفي تصريح للجيش السوداني، أقر قائده عبد الفتاح البرهان بسحب قواته من الفاشر إلى “موقع أكثر أماناً”، مما يمثل ضربة قاسية للقوات الحكومية. أما قوات الدعم السريع، فقد نفت تورطها في “النزاعات القبلية”، لكن زعيمها محمد حمدان دقلو (حميدتي) أقر ببعض الانتهاكات ووعد بتحقيق داخلي.
ومع ذلك، تستمر التقارير عن إطلاق نار عشوائي ونهب واسع، مع مخاوف من تقسيم السودان فعلياً إذا استمرت السيطرة الإقليمية للدعم السريع في دارفور.



