أخبار دوليةتقارير

في أولى فعالياته حول الشأن الأمريكي.. “إيجبشن إنتربرايز” يناقش تداعيات ولاية ترامب الثانية

>>| سطوحي: «ما تشهده الولايات المتحدة اليوم ليس مجرد تعديل سياسي، بل إعادة تشكل في موازين القوى بين الحكومة الفيدرالية والولايات»

كتبت: هدير البحيري

في ظل التحولات العميقة التي تشهدها الولايات المتحدة مع الولاية الثانية للرئيس دونالد ترامب، نظمت وحدة الدراسات الأمريكية بمركز “إيجبشن إنتربرايز للسياسات والدراسات الاستراتيجية”، الأربعاء، ندوة عبر الإنترنت بعنوان “علاقة النظام الفيدرالي بالولايات في ظل ولاية ترامب الثانية”، وذلك ضمن أولى فعاليات برنامج الدراسات الأمريكية بالمركز، عبر تطبيق “زووم”، بمشاركة نخبة من الباحثين والخبراء المتخصصين في الشأن الأمريكي.

وشهدت الندوة نقاشًا معمقًا حول التحديات التي يواجهها النظام الفيدرالي الأمريكي في ظل سياسات ترامب، وأدارها الصحفي والباحث المصري محمد ماهر، المسؤول التنفيذي لبرنامج الدراسات الأمريكية بالمركز ومراسل صحيفة “المصري اليوم” في واشنطن، وخريج برنامج الزائر الدولي القيادي الذي ترعاه وزارة الخارجية الأمريكية.

الصحفي والباحث المصري، ومسؤول برنامج الدراسات الأمريكية بمركز "إيجبشن إنتربرايز"، محمد ماهر
الصحفي والباحث المصري، ومسؤول برنامج الدراسات الأمريكية بمركز “إيجبشن إنتربرايز”، محمد ماهر

وتناول النقاش التوترات بين الحكومة الفيدرالية والولايات، مستعرضًا تأثير سياسات ترامب على العلاقة بين المركز والولايات وما نتج عنها من تحديات دستورية وإدارية.
كما ركز الحوار على دور الإعلام وجماعات الضغط (اللوبيات) في تشكيل عملية صنع القرار داخل واشنطن، مع تحليل لكيفية تأثير هذه القوى على السياسات الداخلية والخارجية للولايات المتحدة.

الفيدرالية الأمريكية في عهد ترامب: توترات بين الحكومة والولايات

وقدم الصحفي والخبير المصري، المخضرم والمتخصص في الشؤون الأمريكية، محمد السطوحي قراءة معمقة لتطور النظام الفيدرالي الأمريكي منذ تأسيس الاتحاد.

الصحفي والخبير المصري المتخصص في الشؤون الأمريكية، محمد السطوحي
الصحفي والخبير المصري المتخصص في الشؤون الأمريكية، محمد السطوحي

واستعرض السطوحي أبرز المراحل التي شهدت انتقال السلطات من استقلالية واسعة للولايات إلى تعزيز دور الحكومة الفيدرالية (المركز) في مجالات الأمن والسياسة الخارجية والاقتصاد، مع بقاء الولايات محافظة على صلاحياتها في مجالات التعليم والخدمات المحلية.

كما تناول التوترات الناشئة بين الحكومة الفيدرالية والولايات في ظل سياسات الرئيس ترامب الثانية، مسلطًا الضوء على التحديات الراهنة التي يواجهها النظام الفيدرالي الأمريكي.

وأشار السطوحي إلى أن العلاقة بين المركز والولايات تظل جوهر النظام السياسي الأمريكي، لكنها دخلت مرحلة جديدة من التوتر في عهد ترامب، مع تصاعد الخلافات حول قضايا مثل الهجرة والضرائب والتمويل الفيدرالي.

المجمع الانتخابي.. جدل مستمر

وفي محور آخر، قدم الخبير في الشأن الأمريكي، شرحًا لآلية عمل المجمع الانتخابي الأمريكي، مبينًا أنه نظام يمنح الولايات الصغيرة وزنًا انتخابيًا أكبر من حجمها السكاني، ما قد يؤدي أحيانًا إلى فوز مرشح بالرئاسة رغم خسارته التصويت الشعبي، كما حدث في انتخابات عام 2000 بين آل جور وجورج بوش الابن.

وأوضح أن هذا النظام يعكس فلسفة التوازن بين الولايات داخل الاتحاد، لكنه يظل موضع جدل متجدد مع كل استحقاق رئاسي.

ترامب.. تأثير استثنائي وتحولات داخل الحزب الجمهوري

اعتبر السطوحي أن ترامب يمثل “أحد أكثر الرؤساء تأثيرًا وتحولًا في التاريخ الأمريكي الحديث”، مشيرًا إلى أنه أعاد صياغة الخطاب السياسي وغير موازين القوى داخل الحزب الجمهوري.

وأضاف أن ترامب خلق حالة جديدة من الاستقطاب السياسي والاجتماعي، وحول طبيعة العلاقة بين البيت الأبيض والإعلام والمؤسسات الفيدرالية، لافتًا إلى أن المؤرخين يمنحونه تقييمًا يتراوح بين 7 و8 من 10 على مقياس التأثير السياسي.

صراع ترامب مع الولايات والقضاء الأمريكي

سلطت الندوة الضوء على الصراع بين إدارة ترامب والولايات الديمقراطية، إذ استخدم ترامب تهديدات بنشر الحرس الوطني وحجب التمويل الفيدرالي عن الولايات التي رفضت سياساته.
وأكد السطوحي أن هذه الممارسات غير مسبوقة في السياسة الأمريكية، وأن القضاء الأمريكي يلعب دورًا محوريًا في كبحها، مشيرًا إلى أن المحكمة العليا ستكون لها الكلمة الفصل في النزاعات المقبلة بين المركز والولايات.

تحولات الإعلام الأمريكي

وتناول النقاش أيضًا التحولات في المشهد الإعلامي الأمريكي، حيث أشار السطوحي إلى أن الهيمنة الليبرالية التاريخية بدأت تتراجع لصالح صعود القنوات المحافظة مثل “فوكس نيوز”، التي أصبحت الأكثر مشاهدة بين القنوات الإخبارية المدفوعة في الولايات المتحدة.
وأشار إلى التغيرات في ملكية المؤسسات الإعلامية الكبرى، مستشهدًا ببيع شبكة “سي بي إس” واستقالة رئيس تحريرها بسبب القيود المفروضة على العمل الصحفي، مؤكدًا أن المشهد الإعلامي الأمريكي يشهد إعادة تشكيل جذرية في موازين التأثير والمصداقية.

جماعات الضغط واللوبيات في واشنطن

وفي محور خاص، أوضح السطوحي أن جماعات الضغط (اللوبي) تعد جزءًا أساسيًا من النظام السياسي الأمريكي وليست ظاهرة سلبية بالضرورة.

واستعرض أبرز هذه الجماعات، وعلى رأسها اللوبي الإسرائيلي (إيباك)، ولوبي جي ستريت داخل الحزب الديمقراطي، إضافة إلى لوبي السلاح (NRA)، مشيرًا إلى أن تأثيرها يتجلى في دعم المرشحين وتمويل الحملات الانتخابية وصياغة التشريعات داخل الكونجرس.

السياسة الخارجية الأمريكية.. انعكاس للانقسامات الداخلية

أكد السطوحي أن فهم السياسة الخارجية الأمريكية يستحيل دون إدراك تفاعلاتها الداخلية، موضحًا أن الصراعات الحزبية والانقسامات الأيديولوجية داخل واشنطن تلعب دورًا مباشرًا في رسم توجهات البلاد الخارجية، خاصة في الشرق الأوسط.
وأضاف أن فكرة “وحدة الموقف الأمريكي في الخارج” لم تعد دقيقة، إذ باتت السياسة الخارجية انعكاسًا لصراعات الداخل أكثر من كونها نتاج رؤية استراتيجية موحدة.

تيك توك والسياسة: كيف يستخدم نتنياهو المؤثرين لمواجهة معاداة إسرائيل

وفي سياق متصل، تطرق السطوحي إلى استراتيجية رئيس الوزراء الإسرائيلي بنيامين نتنياهو في استخدام المؤثرين على وسائل التواصل الاجتماعي لمواجهة تصاعد المشاعر المعادية لإسرائيل بين الشباب الأمريكي، خصوصًا على منصة “تيك توك”.

وأشار إلى أن نتنياهو عقد لقاءات مع مؤثرين خلال زيارته الأخيرة إلى الولايات المتحدة، مؤكداً أهمية بيع المنصة لشركة أمريكية لتغيير المحتوى الذي تعتبره تل أبيب “معاديًا لإسرائيل”.

الجامعات الأمريكية تحت الضغط

ناقش الويبنار كذلك تهديدات ترامب للجامعات الأمريكية التي رفضت سياساته، مثل جامعة “هارفارد” التي تم تعليق تمويلها الفيدرالي البالغ أكثر من مليار دولار سنويًا، مما أثر على برامجها البحثية والمنح الدراسية.

وأوضح السطوحي أن بعض الجامعات رضخت لضغوط الإدارة الأمريكية، بينما لجأت جامعات أخرى إلى القضاء لحماية استقلالها الأكاديمي.

مشروع لتقييم السنة الأولى من ولاية ترامب الثانية

في ختام الندوة، أعلن المسؤول التنفيذي لبرنامج الدراسات الأمريكية بالمركز محمد ماهر عن إطلاق مشروع بحثي جديد لبرنامج الدراسات الأمريكية بالمركز، يهدف إلى تقييم السنة الأولى من ولاية ترامب الثانية، على أن يتم نشر نتائجه مطلع العام المقبل، ضمن خطة المركز لإعداد دراسات معمقة حول المجتمع والسياسة الأمريكية وتطوراتهما الراهنة.

مقالات ذات صلة

اترك تعليقاً

زر الذهاب إلى الأعلى