واشنطن وتل أبيب تدرس خطة لتقسيم مؤقت لغزة بين إسرائيل وحماس

كشفت صحيفة “وول ستريت جورنال” الأمريكية، في تقرير نشر يوم 22 أكتوبر 2025، أن الولايات المتحدة وإسرائيل تدرس اقتراحاً لتقسيم قطاع غزة إلى منطقتين مؤقتتين: إحداهما تحت السيطرة الإسرائيلية المباشرة، والأخرى تحت إدارة حماس لفترة انتقالية قصيرة، بهدف تجاوز العقبات أمام المرحلة الثانية من اتفاق وقف إطلاق النار الذي تم التوصل إليه في 10 أكتوبر 2025.
وأوضح التقرير أن هذه الخطة، التي صممها بشكل أساسي المبعوث الأمريكي ستيف ويتكوف، تشمل سحب القوات الإسرائيلية التدريجي من أجزاء من غزة مقابل ضمانات أمنية، مع التركيز على نزع سلاح حماس وإعادة إعمار القطاع دون السماح للحركة بالاحتفاظ بسلطة دائمة. ومع ذلك، رفض الوسطاء العرب، بما في ذلك مصر وقطر والسعودية، هذه الفكرة بشدة، معتبرين أنها قد تؤدي إلى إنشاء منطقة سيطرة إسرائيلية دائمة داخل غزة، مما يعرقل حل الدولتين ويثير مخاوف إقليمية من تصعيد التوترات.
في سياق الجهود الدبلوماسية المكثفة، شددت إدارة الرئيس دونالد ترامب على إرسال وفود متتالية إلى إسرائيل لتعزيز الاتفاق الهش، الذي يُعد أكبر إنجاز دبلوماسي لها حتى الآن، ومنع أي خروقات قد تهدد استقراره.
ووصل نائب الرئيس جي دي فانس إلى إسرائيل يوم 21 أكتوبر 2025، حيث عقد اجتماعات مع رئيس الوزراء بنيامين نتنياهو في القدس يوم الأربعاء، مشدداً على أن هدفه “تعزيز السلام وضمان انتقال ناجح إلى المرحلتين الثانية والثالثة من الخطة”.
وقال فانس خلال مؤتمر صحفي مشترك مع نتنياهو: “جئت للحديث عن السلام، وكيفية الحفاظ على الاتفاق الذي بدأ قبل أسبوعين، مع التركيز على الشراكة بين بلدينا لا السيطرة”.
وأكد فانس تفاؤله باستمرار الهدنة، لكنه شدد على ضرورة “مراقبة مستمرة” من قبل الولايات المتحدة وحلفائها، مع الإشارة إلى أن الولايات المتحدة لن تفرض قوات أجنبية على إسرائيل ضد إرادتها، وأن هناك لا موعد نهائي لنزع سلاح حماس.
يُتوقع وصول وزير الخارجية الأمريكي ماركو روبيو إلى إسرائيل يوم الخميس 24 أكتوبر 2025، لزيارة مدتها يومين، حيث سيلتقي نتنياهو يوم الجمعة، كما أفادت مصادر رسمية إسرائيلية وأمريكية.
ويأتي ذلك بعد مغادرة المبعوثين الرئاسيين ستيف ويتكوف وجاريد كوشنر، اللذين وصلا إلى تل أبيب من القاهرة بعد جلسات مفاوضات ناجحة في شرم الشيخ، حيث ساهما في صياغة الخطة الأمريكية المكونة من 20 نقطة. وتشمل الخطة إطلاق سراح الرهائن الإسرائيليين المتبقين (حوالي 20 حياً) مقابل إفراج عن 250 فلسطينياً يقضون أحكاماً بالسجن المؤبد و1700 آخرين، وسحب إسرائيلي جزئي من 53% من أراضي غزة، بالإضافة إلى عفو عن أعضاء حماس الذين يلتزمون بالتعايش السلمي وتفكيك أسلحتهم.
وأكد نتنياهو في المؤتمر أن إسرائيل “لن تكون محمية أمريكية”، لكنه أشاد بالشراكة مع واشنطن، مشيراً إلى رفضه أي دور لقوات أمنية تركية في غزة بسبب التوترات مع أنقرة.
وفي الوقت نفسه، وصل نائب رئيس السلطة الفلسطينية حسين الشيخ، الذي يُعتبر الخليفة المحتمل لمحمود عباس، إلى القاهرة يوم الأربعاء، مصحوباً بمدير المخابرات العامة ماجد فرج، للمشاركة في اجتماعات تهدف إلى دعم تنفيذ الاتفاق.
وتأتي زيارتهما في إطار تنسيق مع الوسطاء المصريين والقطريين، حيث ناقش الوفد الفلسطيني آليات توزيع المساعدات الإنسانية وإعادة الإعمار، مع التركيز على تجنب أي تقسيم يعزز السيطرة الإسرائيلية الدائمة.
وأكد الشيخ في تصريحات لوسائل إعلام فلسطينية أن السلطة ملتزمة بدعم الاتفاق، لكنه حذر من أن “أي محاولة لتقسيم غزة ستُقابل برفض فلسطيني وعربي موحد”.
أما في سياق متصل، أصدرت محكمة العدل الدولية (ICJ) في لاهاي يوم الأربعاء 22 أكتوبر 2025، رأياً استشارياً يلزم إسرائيل، كقوة احتلال، بالتعاون مع وكالات الأمم المتحدة، بما في ذلك وكالة غوث وتشغيف اللاجئين الفلسطينيين (الأونروا)، لتسهيل إيصال المساعدات الإنسانية إلى غزة والأراضي المحتلة.
وأكدت المحكمة أن إسرائيل ملزمة بضمان “الاحتياجات الأساسية” للسكان، بما في ذلك الغذاء والماء والمأوى والوقود والرعاية الطبية، محذرة من أن استخدام “التجويع كوسيلة حرب” محظور بموجب القانون الدولي.
ورفضت المحكمة ادعاءات إسرائيل بتورط “جزء كبير” من موظفي الأونروا مع حماس، مشيرة إلى أن تحقيقاً أممياً أدى إلى فصل 9 موظفين فقط بعد التحقق، وأن الوكالة لا يمكن استبدالها فجأة دون خطة انتقالية. ورفضت وزارة الخارجية الإسرائيلية الرأي، معتبرة إياه “سياسياً وغير ملزم”، بينما رحب الأمين العام الأممي أنطونيو غوتيريش بالقرار كـ”خطوة مهمة”، مشدداً على أنه يأتي في وقت يحتاج فيه غزة إلى تعزيز المساعدات بعد عامين من الدمار الذي أودى بحياة أكثر من 65 ألف فلسطيني.
وأدى الحكم إلى تصعيد الجدل حول حظر إسرائيل للأونروا في مارس 2025، الذي أعاق تدفق المساعدات، رغم أن الوكالة ما زالت تعمل داخل غزة بقيود شديدة.