تقارير

المرأة الحديدية تجلس على عرش رئاسة وزراء اليابان لأول مرة.. هل ستنجح؟

كتبت: سارة محمود

طالما كان مكان المرأة اليابانية هو البيت والعمل في خدمة الرجل والأطفال. ولكن ظروف الحرب الطويلة التي عاشها اليابانيون جعلت من المرأة الزوجة المنتجة، التي تتولى بجانب شئون الأسرة العمل في الزراعة والصناعة والتجارة وإدارة كافة أمور العائلة في حالات غياب الرجل في الخدمة العسكرية. لذا نشأت المرأة اليابانية وهي قانعة بأن مكانها البيت ومسئوليتها التربية ، وأهم أهدافها أن تجد حظها في رجـل يقترن بها.

 

لكن الإصلاحات بعد الحرب العالمية الثانية منحت المرأة حقوقًا أكبر مثل حق التصويت والمساواة في الأجر. ومع ذلك، لا تزال التقاليد الثقافية والتحيزات الراسخة تحدّ من تقدمها، خاصة في المناصب القيادية في الشركات، مما يجعل التوازن بين العمل والحياة الأسرية تحديًا مستمرًا، على الرغم من كونهنّ من بين أفضل النساء تعليمًا في العالم، يُعتبر تبوؤ النساء اليابانيات مناصب قيادية أمرًا مُحرّمًا.

 

لطالما هيمن الرجال على المناصب القيادية، وقد واجهت البلاد صعوبةً في زيادة عدد المشرّعات ورائدات الأعمال. وكان لدى الحكومة هدفٌ بزيادة نسبة القيادات النسائية إلى 30% بحلول عام 2020 ومع ذلك لم يحقّق هذا الهدف بعد. ولكننا نجد هنا أمرأة برزت على الساحة السياسية مؤخرا، بل واعتلت عرش رئاسة الوزراء اليابانية وهي “ساناي تاكاشي”.

أقرأ أيضاً:سر الخلطة: السوشي الياباني (ماكي رول)

 

زاوية في حياتها السابقة

 

تبلغ تاكاشي من العمر 64 عاما، انتُخبت زعيمة للحزب الليبرالي الديمقراطي الحاكم في الذكرى السبعين لتأسيسه، وأصبحت رئيسة وزراء البلاد في خطوة وصفتها وسائل الإعلام المحلية بأنها “ولادة المرأة الحديدية اليابانية”.

كانت ساناي تاكايتشي عازفة طبول هيفي ميتال، واشتهرت بحملها الكثير من العصي لأنها كانت تكسرها أثناء عزفها المكثف، كما كانت تمارس الغوص وتعشق السيارات الرياضية، ولا تزال سيارتها المفضلة من طراز “تويوتا سوبرا” معروضة اليوم في متحف بمدينة نارا.

قبل دخولها عالم السياسة، عملت لفترة كمقدمة برامج تلفزيونية، مما ساعدها على اكتساب حضور إعلامي قوي، وهي سمة ظلت تميزها في مسيرتها السياسية اللاحقة، اضطرت للعمل لتغطية رسوم جامعتها لأن والديها رفضا إرسال ابنتها إلى الجامعة نظرا لتقاليد العائلة اليابانية المتحفظة، وهذا هو الوقت الذي بدأ فيه شغفها بالسياسة (خلال دراستها بالولايات المتحدة الأمريكية).

تقول تاكاشي إنها استمدت قوتها من تجاربها الشخصية مع رعاية كبار السن والمرضى في أسرتها، مضيفة: “اختبرت بنفسي صعوبات التوفيق بين العمل والرعاية، ولهذا أريد بناء مجتمع لا يُضطر فيه أحد لترك وظيفته من أجل أسرته”.

اليوم، وبينما تواجه اليابان تحديات اقتصادية وديموغرافية متصاعدة، تضع تاكاشي نصب عينيها هدفا واضحا: إعادة الثقة في الحزب الحاكم واستعادة مكانة اليابان على الساحة العالمية.

 

كيف يرى الإعلام الياباني الخبر؟

 

تصدرت جميع وسائل الإعلام اليابانية الرئيسية نبأ فوز تاكاشي، مُسلّطةً الضوء على إنجازها التاريخي كأول رئيسة وزراء، وقد أشارت بعض الصحف، مثل صحيفة ماينيتشي شيمبون، إلى أنها تعرض مناصب على جميع منافسيها الأربعة في سباق قيادة الحزب، مما يعكس صورة من الوحدة داخل حزبها.

كما ركّزت التقارير على التحديات المُباشرة المُقبلة، بما في ذلك إقرار ميزانية مُكمّلة للسنة المالية 2025 لمعالجة الارتفاع المُستمر في الأسعار. وتشير صحيفة سانكي شيمبون إلى أن هناك مهمة رئيسية أخرى تتمثل في تمرير مشروع قانون لتقليص عدد المقاعد في مجلس النواب بنسبة 10% ــ وهو جزء من الاتفاق الائتلافي مع حزب الابتكار الياباني.

إقرأ أيضاً:هل حقن دماء الفلسطينيين بين يدي حماس؟… مستشار يجيب

 

انقسام في صفوف المرأة اليابانية بعد تولي تاكاشي الحكم

 

على الرغم من أن تاكاشي أصبحت أول زعيمة يابانية على الإطلاق، إلا أن بعض الشابات في البلاد قلن إنهن غير مقتنعات بأنها ستعزز حقوقهن، سبق لتاكاشي أن أيدت في الماضي قصر الخلافة الإمبراطورية على الذكور، وعارضت احتفاظ النساء المتزوجات بأسماء أسرهن قبل الزواج، وعارضت زواج المثليين.

من المفترض أن تنصيب تاكاشي سيكون فرصة عظيمة لتمكين المرأة والمساواة بين الجنسين، ولكن إذا دققنا في معتقداتها السياسية وما تمثله، سندرك أن بعض الأمور تقليدية للغاية، وبدلاً من إحداث تغيير هيكلي، فإنها تُرسّخ النظام الأبوي.

 

ماذا ستفعل تاكاشي من أجل السياسة الخارجية؟

 

وفي حوار خاص لموقع “داي نيوز” الإخباري مع الباحث والمحلل في الشأن الأسيوي الأستاذ محمد صلاح الدين قال أن تاكاشي لها تاريخ طويل في العمل السياسي وكانت حليفة سابقة لشينزو آبي، وكانت حاضرة في حكومات سابقة كوزيرة، وبالتالي لديها خبرة سياسية جيدة جدا، كما وعدت أنها ستحيي السياسات الاقتصادية الخاصة بشينزو آبي، خاصة أن شينزو آبي كان ناجح جدا في هذا الملف.

 

وأضاف المحلل أن الجانب الآخر الذي فيه تخوف هو انتمائها لليمين المتطرف بشكل أو بآخر خاصة فيما تعلق بزيارة ضريح ياسوكوني، لكن يصفها بعض المحللين المتخصصين في اليابان على أنها قد تكون مثل جورجيا ميلوني، صحيح أنها من اليمين المتطرف لكن في النهاية ستحاول بقدر الامكان أن تتجنب فكرة زيارة ضريح ياسوكوني الذي يكون مثير للمشاكل للجارتين كوريا الجنوبية والصين.

 

أما عن السياسة الخارجية الخاصة بها يوضح صلاح الدين أنه يجب النظر إلى الوزير الذي قامت بتعينه وهو موتيجي توشيميتسو الذي كان وزير الخارجية في عهد شينزو ابي، وبالتالي قد يسعى لتأكيد التحالف بين كوريا الجنوبية والولايات المتحدة.

لكن التخوف الوحيد هو حدوث أي حدث يحيي الخلافات التاريخية، لأن هذا سيكون الفيصل في إظهار الجانب اليميني الذي لدي رئيسة الوزراء الجديدة أم لا، لأنه عندما حدث تطورات بسبب الخلافات التاريخية في عهد شينزو آبي فإنه كان لديه مواقف يمينية متطرفة، وبالتالي سيكون الفيصل في وضوح سياسة تاكاشي أن يحدث أي حدث مرتبط بأي خلاف تاريخي سواء مع كوريا الجنوبية أو مع الصين ويبدأ التوتر.

Sara Mahmoud

سارة محمود كاتبة وصحفية متخصصة في الشأن الهندي والباكستاني خبرة 8 سنوات في مجال العمل الصحفي والإعلامي. أماكن العمل: فرسان للأخبار الإماراتية، وموقع العين الإخبارية، وأبلكيشن الزبدة الإخباري وداي نيوز الإخباري، ونافذة الشرق الإخباري. أعمل على ترجمة وتحرير الأخبار والتقارير الصحفية المتنوعة، وكذلك كتابة اسكريبت فيديوجراف وإنفوجراف. أهتم بالتحليل السياسي والإعلامي لدول جنوب شرق آسيا.

مقالات ذات صلة

اترك تعليقاً

زر الذهاب إلى الأعلى