تقارير

هل حقن دماء الفلسطينيين بين يدي حماس؟… مستشار يجيب

كتبت: سارة محمود

نشأت حركة حماس نتيجة تفاعل عوامل عديدة عايشها الشعب الفلسطيني، منذ نكبة 1948م بشكل عام مرورا بهزيمة 1967م بشكل خاص، وكان استمرار الاحتلال الإسرائيلي وممارساته الاستفزازية اليومية حافزا على بروز الحركة.

ومن التوجهات المصيرية التي تؤمن بها حركة حماس أن صراعها مع الاحتلال الإسرائيلي “صراع وجودي لا حدودي”، وأن الجهاد والمقاومة هو السبيل للتحرير، ولا تعترف بمفاوضات السلام مع إسرائل وتعتبرها تضيياً للوقت وتفريطاً في الحقوق.

 

دروس غير مستفادة

 

عندما حاصرت القوات الإسرائيلية منظمة التحرير في بيروت صيف 1982م، وافقَ الزعيم ياسر عرفات على مغادرة المدينة مع مقاتليه الذين كانوا يُعدّون بالألوف لإنهاء معاناة المدنيين، أما حماس فماذا تفعل الآن!؟

تكبدت حماس خسائر أكبر بكثير مما توقعت، واستمرت الحرب لصالح إسرائيل عسكرياً دون انحراف كبير عن أي قوى أخرى، وتمكن الإسرائيليون من تعطيل هجمات مماثلة خططت لها خلايا مختلفة في الضفة الغربية.

فقدت حماس السيطرة بشكل كبير على زمام الأمور في قطاع غزة وبات ذلك واضحا في محدودية العمليات التي ينفذها مقاتلي القسام وكذلك ندرة الصواريخ التي تطلق على المستوطنات الإسرائيلية، مع دفع فاتورة باهظة تتمثل في دماء المدنيين، في واحد من أطول الحروب التي خاضتها إسرائيل خلال العقود الماضية ضد فصائل مسلحة.

اقرأ أيضاً:إسرائيل تتهم حماس بخرق الاتفاق رغم موافقتها على نزع سلاحها  

 

هل حقن دماء الفلسطينيين بين يدي حماس؟

 

يقول الدكتور على المعموري “باحث أقدم في جامعة ديكن الاسترالية مستشار التواصل الاستراتيجي لرئيس الوزراء العراقي السابق” لـ”داي نيوز” الإخباري: علينا أن نضع الأمور في سياقها الصحيح. الاعتداءات الإسرائيلية على الفلسطينيين لم تبدأ مع حماس ولن تنتهي بانتهائها. فخلال العامين الماضيين فقط، قتلت إسرائيل الكثير من الفلسطينيين في الضفة الغربية، رغم أنه لا وجود فعلي لحماس هناك. هذا يعني أن استهداف الفلسطينيين يتم بشكل منهجي بغضّ النظر عن الفصيل الحاكم أو الجهة المسيطرة.

وأوضح المستشار إن مسؤولية وقف نزيف الدم الفلسطيني تقع أولاً على عاتق إسرائيل التي تمتلك القوة العسكرية والسيطرة الكاملة على المجالين الجوي والبحري، وتتحكم في كل تفاصيل الحياة الفلسطينية. لذلك، الحديث عن أن “حقن الدماء” بيد حماس وحدها فيه تبسيط مخل للواقع السياسي والعسكري القائم.

 

ترامب يؤكد على وقف إطلاق النار رغم القصف الإسرائيلي المستمر

 

وأضاف المعموري أن رئيس الوزراء الإسرائيلي بنيامين نتنياهو لم يكن متحمسًا لوقف إطلاق النار منذ البداية. فاستمرار الحرب يخدم مصالحه السياسية، لأنه يخفف الضغط الداخلي عليه، ويمنحه فرصة للبقاء في السلطة، خاصة مع تصاعد الانتقادات داخل إسرائيل ضده. كما أن اليمين المتطرف في حكومته يضغط عليه لتوسيع العمليات العسكرية بهدف استكمال مشروع “التطهير العرقي” في غزة وتهيئة الأرض أمام خطط الاستيطان الدائم.

لكن الضغوط الأمريكية، خاصة من إدارة ترامب، إلى جانب فشل الجيش الإسرائيلي في تحقيق أهدافه المعلنة داخل غزة، والخشية من تصاعد الضغوط الدولية، أجبرت نتنياهو على قبول صفقة وقف إطلاق النار. إلا أنه يحاول الآن إيجاد ذرائع ومبررات لخرقها، سواء من خلال الغارات على غزة أو التوسع في العمليات بلبنان وسوريا، في محاولة لإبقاء المنطقة في حالة توتر مستمر.

 

تضارب بين تصريحات حماس وإسرائيل

 

ويرى الباحث أن الحديث عن “خرق وقف إطلاق النار” مبالغ فيه إلى حد كبير. ما حدث أن هناك تأخيرًا في تسليم جثامين بعض الرهائن الإسرائيليين من قبل حماس بسبب صعوبة انتشالها من تحت الأنقاض نتيجة القصف المستمر، وقد استخدم نتنياهو هذا التأخير كذريعة سياسية وإعلامية للادعاء بأن حماس انتهكت الاتفاق.

إسرائيل تسعى من خلال هذه السردية إلى تبرير تجدد القصف على غزة وإبقاء الضغط العسكري قائماً. بينما الولايات المتحدة – التي كانت ضامنة أساسية للاتفاق – أكدت أنه لا توجد خروقات ممنهجة من قبل حماس، وأن ما يجري هو توظيف سياسي للأحداث الميدانية.

اقرأ أيضاً:ألمانيا ترسل ثلاثة جنود لمراقبة عملية السلام في إسرائيل وغزة

 

عائلات فلسطينية تتهم حماس بقتل أفرادها

 

وقال المعموري أنه يجب أن نفهم السياق الاجتماعي في غزة. فالمجتمع الفلسطيني، مثل معظم المجتمعات العربية، يقوم على روابط عائلية وقبلية متشابكة. وفي ظل الحروب الطويلة والمآسي الإنسانية، تظهر أحيانًا مشاحنات داخلية ذات طابع قبلي أو مناطقي.

وأختتم المستشار حديثه بأنه من المهم الإشارة أيضًا إلى أن إسرائيل تعمل منذ فترة طويلة على خلق ميليشيات محلية موالية لها داخل القطاع، عبر المال والسلاح، بهدف إثارة الفوضى الداخلية وتقويض سلطة حماس من الداخل. هذه المحاولات ليست جديدة، وهي تتكرر كلما شعرت إسرائيل بأن حماس ما زالت قادرة على الصمود. لذلك، من غير المستغرب أن نسمع بين حين وآخر أصواتاً متعارضة داخل غزة، بعضها بدوافع شخصية وبعضها نتيجة اختراقات أمنية مقصودة.

Sara Mahmoud

سارة محمود كاتبة وصحفية متخصصة في الشأن الهندي والباكستاني خبرة 8 سنوات في مجال العمل الصحفي والإعلامي. أماكن العمل: فرسان للأخبار الإماراتية، وموقع العين الإخبارية، وأبلكيشن الزبدة الإخباري وداي نيوز الإخباري، ونافذة الشرق الإخباري. أعمل على ترجمة وتحرير الأخبار والتقارير الصحفية المتنوعة، وكذلك كتابة اسكريبت فيديوجراف وإنفوجراف. أهتم بالتحليل السياسي والإعلامي لدول جنوب شرق آسيا.

مقالات ذات صلة

اترك تعليقاً

زر الذهاب إلى الأعلى