ملوك البيزنس: ستيف جوبز – كيف أصبح مليونيراً في سن الـ23

ستيف جوبز، المؤسس المشارك لشركة آبل، يُعد أيقونة في عالم التكنولوجيا وريادة الأعمال، حيث جمع بين الرؤية الإبداعية، الشغف بالتصميم، والإصرار على تغيير العالم.
من خلال إنشاء منتجات مبتكرة مثل Apple II وMacintosh، ثم لاحقاً iPod وiPhone، أعاد جوبز تعريف صناعات الحوسبة والترفيه.
1. النشأة والطفولة: جذور الإبداع في كاليفورنيا
وُلد ستيفن بول جوبز في 24 فبراير 1955 في سان فرانسيسكو، كاليفورنيا، لأم أمريكية، جوان شيبل، وأب سوري، عبد الفتاح “جون” جندلي، وهما طالبان جامعيان لم يتزوجا. أُعطي جوبز للتبني بعد ولادته مباشرة، واعتمده بول وكلارا جوبز، وهما زوجان من الطبقة العاملة في لوس ألتوس، كاليفورنيا.
كان بول جوبز ميكانيكياً ونجاراً، بينما عملت كلارا كمحاسبة. نشأ ستيف في بيئة متواضعة ولكنها داعمة، حيث شجعه والداه على الفضول والتجريب.
في سن مبكرة، أظهر جوبز اهتماماً بالإلكترونيات، حيث كان يساعد والده في إصلاح الأجهزة في الجراج. في سن الـ13، التقى بستيف وزنياك (وز)، مهندس إلكترونيات موهوب، من خلال جار مشترك.
شكل الاثنان صداقة قوية بناءً على حبهما للإلكترونيات والهوايات التقنية. في المدرسة الثانوية (Homestead High School)، كان جوبز طالباً ذكياً ولكنه متمرد، يفضل استكشاف اهتماماته الخاصة على اتباع النظام التقليدي.
شارك في نادي Hewlett-Packard Explorer Club، حيث تعلم أساسيات تصميم الحواسيب، وحصل على وظيفة صيفية في HP بعد أن اتصل مباشرة برئيس الشركة، بيل هيوليت، لطلب قطع غيار.
في سن الـ17، بدأ جوبز في تجربة أسلوب حياة غير تقليدي، متأثراً بالثقافة المضادة في الستينيات، حيث تبنى نظاماً غذائياً نباتياً واستكشف الفلسفات الشرقية.
2. التعليم: مغامرة قصيرة في ريد كوليدج
في 1972، التحق جوبز بكلية ريد في بورتلاند، أوريغون، وهي كلية فنون ليبرالية معروفة بأجوائها غير التقليدية. ومع ذلك، ترك الدراسة رسمياً بعد ستة أشهر فقط (في 1973)، لأنه شعر أن المناهج لا تقدم له ما يريد.
ظل يحضر بعض الدروس كطالب غير رسمي، خاصة دورات في الخط العربي، التي أثرت لاحقاً على تصميم خطوط ماكنتوش. عاش حياة بسيطة، ينام على الأرض في غرف أصدقائه ويجمع زجاجات المشروبات لكسب المال.
في 1974، سافر جوبز إلى الهند بحثاً عن التنوير الروحي، متأثراً بالفلسفة الزن البوذية. هذه التجربة شكلت رؤيته للبساطة والتصميم، وهي مبادئ أصبحت لاحقاً جوهر منتجات آبل.
3. البداية الريادية: تأسيس آبل – الجراج الأسطوري
تأسيس آبل (1976)
في 1975، عاد جوبز إلى كاليفورنيا وانضم إلى نادي Homebrew Computer Club مع وزنياك، وهو تجمع لهواة الحواسيب في وادي السيليكون.
كان وزنياك قد صمم حاسوباً أحادي اللوحة يسمح بتوصيل لوحة مفاتيح وشاشة، وهو ما أصبح لاحقاً Apple I. رأى جوبز إمكانية تسويق هذا الحاسوب للهواة، على عكس وزنياك الذي كان يرغب في مشاركة التصميم مجاناً.
في 1 أبريل 1976، أسس جوبز ووزنياك ورونالد واين شركة Apple Computer Company في جراج منزل عائلة جوبز. بيع جوبز سيارته الفولكس فاجن مقابل 1500 دولار، وباع وزنياك آلته الحاسبة HP مقابل 500 دولار لتمويل المشروع.
أقنع جوبز متجر Byte Shop المحلي بشراء 50 وحدة من Apple I بسعر 500 دولار للوحدة، مما تطلب من الثلاثي تصنيع الأجهزة يدوياً. كان دور واين محدوداً، وباع حصته (10%) مقابل 800 دولار بعد أسبوعين فقط، وهي خطوة ندم عليها لاحقاً.
نجاح Apple II
في 1977، أطلقت آبل جهاز Apple II، وهو حاسوب شخصي كامل مع لوحة مفاتيح مدمجة، تصميم ملون، وإمكانية عرض الرسومات.
كان الجهاز ثورياً بفضل سهولة استخدامه، مما جذّب المستخدمين العاديين وليس فقط الهواة. حصلت آبل على تمويل من المستثمر مايك ماركولا، الذي استثمر 92,000 دولار وأصبح شريكاً، مما ساعد في توسيع الإنتاج. بحلول 1978، حققت آبل مبيعات تجاوزت مليوني دولار، وحصل جوبز، الذي كان يمتلك حصة كبيرة في الشركة، على أول ملايين دولاره الشخصية، ليصبح مليونيراً في سن الـ23. قيمة الشركة ارتفعت بسرعة، مما جعل حصته تزيد قيمتها بشكل كبير.
4. الاختراق الكبير: الطرح العام لآبل
في ديسمبر 1980، طرحت آبل أسهمها للاكتتاب العام (IPO) بسعر 22 دولاراً للسهم، مما جمع 100 مليون دولار وقيّم الشركة بحوالي 1.8 مليار دولار.
أصبح جوبز، الذي كان يمتلك حوالي 15% من الشركة، مليونيراً متعدد الملايين، حيث قُدرت ثروته الشخصية بحوالي 250 مليون دولار في سن الـ25. كان هذا الطرح العام واحداً من أكبر الاكتتابات في ذلك الوقت، مما عزز مكانة آبل كرائدة في صناعة الحواسيب الشخصية.
5. التحديات المبكرة
– نقص الموارد: بدأت آبل بتمويل محدود، مما أجبر جوبز ووزنياك على العمل يدوياً في الجراج.
– المنافسة: واجهت آبل منافسة من شركات مثل IBM وCommodore، التي كانت تقدم أجهزة أرخص.
– الصراعات الداخلية: كان جوبز قائداً متطلباً، مما تسبب في توترات مع الموظفين وشركاء مثل واين.
– التمرد الشخصي: أسلوب حياة جوبز غير التقليدي وطباعه المتمردة جعلت إدارته للشركة صعبة في البداية.
6. الفلسفة والمبادئ: كيف أصبح مليونيراً
نجاح ستيف جوبز لم يكن صدفة. مبادئه تشمل:
– التركيز على تجربة المستخدم: ركز على تصميم منتجات بسيطة وجميلة، مثل Apple II، التي كانت سهلة الاستخدام.
– الشغف بالتفاصيل: كان مهووساً بالجودة والتصميم، مما أثر على كل جانب من منتجات آبل.
– المخاطرة: ترك الكلية وباع ممتلكاته لتمويل آبل، وهي مخاطرة كبيرة في وقت كانت فيه الحواسيب الشخصية فكرة جديدة.
– الشراكات القوية: اعتمد على وزنياك للجوانب التقنية وعلى ماركولا للتمويل والخبرة الإدارية.
– الرؤية الطويلة الأمد: آمن أن الحواسيب يجب أن تكون متاحة للجميع، مما قاده إلى ابتكار منتجات ثورية.
7. الحياة الشخصية: التوازن والتحديات
– الزواج: تزوج جوبز من لورين باول في 1991، وأنجبا ثلاثة أطفال (ريد، إيرين، وإيف). كما أنجب ابنة، ليزا، من علاقة سابقة مع كريس آن برينان.
– الصحة: عانى جوبز من سرطان البنكرياس، تم تشخيصه في 2003، وتوفي في 5 أكتوبر 2011.
– الجدل: واجه انتقادات بسبب أسلوبه القيادي القاسي وصراعاته مع مجلس إدارة آبل، مما أدى إلى طرده من الشركة في 1985.
– الإرهاق: كان يعمل لساعات طويلة في سنوات آبل الأولى، مما أثر على حياته الشخصية.
8. المشاريع اللاحقة
– نكست (1985): بعد طرده من آبل، أسس جوبز شركة نكست لتطوير أجهزة حاسوب متقدمة، والتي اشترتها آبل في 1997، مما أعاد جوبز إلى الشركة.
– بيكسار (1986): اشترى جوبز قسم الرسومات في لوكاس فيلم مقابل 5 ملايين دولار، وحولها إلى بيكسار، التي أنتجت أفلاماً مثل “Toy Story”. باعتها لديزني في 2006 مقابل 7.4 مليار دولار.
– العودة إلى آبل (1997): قاد جوبز آبل إلى عصر ذهبي مع منتجات مثل iMac، iPod، iPhone، وiPad.
الثروة في 2025
توفي ستيف جوبز في 2011، لكن في ذروته (2011)، قُدرت ثروته بحوالي 7 مليارات دولار، معظمها من أسهم ديزني (من صفقة بيكسار) وحصته في آبل. لو كان على قيد الحياة في 2025، لكانت ثروته أكبر بكثير بسبب نمو قيمة آبل.
أصبح ستيف جوبز مليونيراً في سن الـ23 بفضل رؤيته لجعل التكنولوجيا متاحة وجميلة، وشراكته مع وزنياك، وجرأته في المخاطرة. بدأ من جراج والديه، وحوّل آبل إلى رائدة في الحواسيب الشخصية بحلول 1978. نصيحته للطامحين: “اتبع قلبك، ولا تستقر عند أقل مما تحب”. ستيف جوبز ليس مجرد مليونير، بل رمز للإبداع والابتكار، مما يجعله ملكاً حقيقياً في عالم البيزنس.