تقارير

محمود عباس…. ٢٠ عام من الا شيء… فماذا بعد؟

كتبت: سارة محمود

أعلن الرئيس الفلسطيني محمود عباس الالتزام بإجراء انتخابات عامة رئاسية وبرلمانية خلال عام واحد من تاريخ انتهاء الحرب الجارية، مع وجود دستور مؤقت للدولة خلال ثلاثة أشهر الذي سيشكل قاعدة للانتقال من السلطة إلى الدولة.

 

كما سيتم تعديل قانون الانتخابات والقوانين ذات الصلة استناداً إلى أحكام الدستور المؤقت، بحيث يُحظر على أي حزب أو قوة سياسية أو فرد الترشح ما لم يلتزم بالبرنامج السياسي والالتزامات الدولية والقانونية لمنظمة التحرير الفلسطينية، وتنفيذ مبدأ حل الدولتين، ومبادرة السلام العربية، وقرارات الشرعية الدولية، ومبدأ النظام الواحد، والقانون الواحد، ووجود قوة أمنية شرعية واحدة.

 

أقرأ أيضاً: ترامب: حماس تبحث عن مزيد من الرهائن وواشنطن مستعدة لنزع سلاحها إذا لم تلتزم

حكم جديد، شرعية جديدة

 

وأظهر استطلاع رأي أجراه “معهد أبحاث الأمن القومي” بجامعة تل أبيب، أن غالبية الفلسطينيين في الضفة الغربية تدعم إجراء انتخابات فلسطينية رئاسية وتشريعية بهدف تغيير قيادة السلطة الفلسطينية.

واعتبر 48% من المستطلعة آراؤهم أن الانتخابات وتغيير القيادة التغيير الأهم المطلوب في السلطة الفلسطينية كي تقود نحو دولة فلسطينية، وحل في المرتبة الثانية من اهتمامات الفلسطينيين هو مطالبة السلطة بإجراء إصلاحات شاملة في مؤسساتها ومحاربة الفساد.

 

وكان عباس قد أكد الشهر الماضي على أن لا حكم لحركة حماس في اليوم التالي للحرب، وأنه سيتولى كامل المسؤولية في غزة بدعم عربي ودولي، كما شدد على حماس تسليم سلاحها للسلطة الفلسطينية لأنه يريد دولة غير مسلحة، ولكن الواضح على الساحة الآن وبعد انتهاء الحرب لا يبشر بالخير.

 

فقد بأدت حمات حملة واسعة ضد مسلحي مليشيات وعشائر في قطاع غزة، تضمنت اشتباكات واسعة وتصفية مسلحين بطريقة علنية، وكان رد حماس على ذلك أنها أستهدفت أفراداً منهمين بالخيانة، بسبب صلات مع أجهزة الاستخبارات الإسرائيلية أو مليشيات منافسة، وإن الإعدامات تمت بعد تحقيقات مستفيضة.

 

ركود تاريخي لمدة عقدين

 

وقال المفكر والباحث الأستاذ حسين قنبر “مدير مركز دراسات الشرق للسلام” في حوار خاص لموقع “داي نيوز” الإخباري أنه بعد مرور عقدين على تولي الرئيس محمود عباس سدة الحكم، يبدو أن النظام السياسي الفلسطيني يعيش حالة من الركود التاريخي غير المسبوق، تتجلى في غياب التداول الديمقراطي للسلطة، وتآكل الشرعيات المؤسساتية، وانسداد الأفق السياسي مع إسرائيل والمجتمع الدولي على حد سواء. لقد أسس عباس لمرحلة عنوانها “الاستقرار الإداري مقابل الجمود السياسي”، حيث ظلت مؤسسات السلطة تعمل ضمن حدود وظيفية أكثر منها وطنية، دون قدرة فعلية على إنتاج مشروع سياسي جديد أو إعادة بناء النظام السياسي على أسس ديمقراطية.

 

وأضاف المفكر أنه مع تصاعد النقاش حول إمكانية صياغة دستور جديد وتشكيل حكومة برلمانية، يثار التساؤل حول ما إذا كان هذا التحول المرتقب يعبر عن إرادة إصلاح حقيقية أم أنه محاولة لإعادة إنتاج البنية القائمة بشكل مغاير شكلاً لا مضمونًا. فالتحولات الدستورية في السياق الفلسطيني تبقى مرهونة بمدى قدرة النخب السياسية على تجاوز الانقسام، وليس فقط تعديل البنية القانونية.

 

تسليم سلاح حماس

 

وعلق قنبر: “أما بالنسبة لحركة حماس، فإن موقفها من دعوات عباس لتسليم سلاح المقاومة يعكس التباين العميق بين مشروعين سياسيين متناقضين: مشروع السلطة الذي يسعى إلى احتكار الشرعية ضمن الإطار المؤسسي، ومشروع المقاومة الذي يعتبر السلاح ضمانة للهوية الوطنية ولحقوق الشعب الفلسطيني. ومن الناحية الواقعية، تبدو احتمالات تخلي الحركة عن سلاحها ضعيفة جدًا، ما لم تتوافر منظومة وطنية جامعة تُعيد تعريف شرعية المقاومة ضمن إطار الدولة الفلسطينية المستقبلية”.

اقرأ أيضاً:من شرم الشيخ إلى غزة: كيف قرأت الصحافة الإيرانية قمة السلام ومساعي إنهاء الحرب؟

 

انفلات أمني وإشتباكات دامية

 

وأكد الباحث على أن الساحة الميدانية الغزية تشهد حالة من الانفلات الأمني والاشتباكات الدامية التي تُعد انعكاسًا مباشرًا للأزمة السياسية البنيوية. غياب الأجهزة الشرطية الرسمية، وتآكل ثقة المواطنين بالمؤسسات، يرسخان واقع “الفراغ السلطوي”، حيث تتداخل سلطة الفصائل مع غياب المرجعية القانونية. هذه الحالة، إن استمرت، قد تُشكل تهديدًا جوهريًا للنسيج الاجتماعي الفلسطيني ولأي مشروع وطني قادم.

 

وأختتم قنبر بأن المرحلة المقبلة ستحدد مصير النظام السياسي الفلسطيني برمته: فإما الذهاب نحو مصالحة وطنية حقيقية تُعيد بناء الشرعية على أسس تشاركية، أو الانزلاق نحو مزيد من الانقسام والتآكل المؤسسي، وهو ما سيعمّق عزلة القضية الفلسطينية في الإقليم والعالم.

Sara Mahmoud

سارة محمود كاتبة وصحفية متخصصة في الشأن الهندي والباكستاني خبرة 8 سنوات في مجال العمل الصحفي والإعلامي. أماكن العمل: فرسان للأخبار الإماراتية، وموقع العين الإخبارية، وأبلكيشن الزبدة الإخباري وداي نيوز الإخباري، ونافذة الشرق الإخباري. أعمل على ترجمة وتحرير الأخبار والتقارير الصحفية المتنوعة، وكذلك كتابة اسكريبت فيديوجراف وإنفوجراف. أهتم بالتحليل السياسي والإعلامي لدول جنوب شرق آسيا.

مقالات ذات صلة

اترك تعليقاً

زر الذهاب إلى الأعلى