أخبار دولية

زلزال في روما.. ميلوني تُلاحق بتهمة التورط في إبادة غزة

لقد كان أسطول الصمود هو الشرارة التي أنارت الشُّعلة”، بتلك الكلمات علَّقت أستاذة علوم الاجتماع والسياسة، الإيطالية المرموقة دوناتِللا دِللا بورتا، على المظاهرات المتضامنة مع فلسطين في إيطاليا، يوم 4 أكتوبر ، التي تجاوز المشاركون فيها مليون شخص.

وأتى ذلك بعد أيام قليلة من مرور طائرة رئاسة الوزراء الإسرائيلية عبر المجال الجوي الإيطالي في طريقها إلى نيويورك كي يحضر بنيامين نتنياهو الجمعية العامة للأمم المتحدة، التي تفادت بعد ذلك الأجواء الإسبانية والفرنسية، نتيجة صدور مذكرات توقيف من المحكمة الجنائية الدولية بحق نتنياهو بسبب جرائم الحرب التي ارتكبها في غزة، فيما بدا أنه تجاهل من روما للتحرُّكات الدولية ضد دولة الاحتلال.

زفي الـ7 من أكتوبر ، خرجت رئيسة الوزراء الإيطالية جورجا ميلوني في مقابلة تلفزيونية مع قناة “راي 1” الإيطالية.

لم يكن اللقاء ولا تاريخه الذي انعقد فيه ليمرَّا دون ضجة في مواقع التواصل الاجتماعي الإيطالية، أتت انعكاسا لاضطرابات أوسع أثرا في الأيام الأخيرة، حيث امتلأت الشوارع الإيطالية بمظاهرات رافضة للحرب الإسرائيلية على غزة، ولاعتراض جيش الاحتلال الإسرائيلي أسطول الصمود الإغاثي الذي كان مُتَّجها إلى القطاع المُحاصَر.

أحدثت الضجة بالأساس تصريحات ميلوني، التي أعلنت أنها مُستهدفة بتهمة التواطؤ في حرب الإبادة الجماعية، التي شنَّها جيش الاحتلال في قطاع غزة، رِفقة وزير الدفاع في حكومتها غيدو كروسيتو، ووزير الخارجية أنطونيو تاياني، والمدير العام لشركة ليوناردو للصناعات، التي تعمل في مجالات الطيران والدوقد أعدَّت هذه الشكوى التي رُفِعَت إلى محكمة الجنايات الدولية مجموعة محامين وقانونيين من أجل فلسطين، نتيجة الدور الذي أدّته حكومة ميلوني في دعم حرب جيش الاحتلال على غزة، وإمدادها جيش الاحتلال بأسلحة فتاكة بحسب الشكوى، التي تعني فعليا أن الحكومة الإيطالية كانت شريكة في جرائم الحرب التي ارتكبت بحق الفلسطينيين في القطاع.

أثارت الشكوى اندهاش ميلوني، وقد اعتبرتها من أغرب الدعاوى في التاريخ على حدِّ تعبيرها، لكن الكثير من الإيطاليين لا يُشاطرونها الرأي.

إذ يُمكِن بسهولة لمن يعيش في إيطاليا أن يُدرِك حقيقة استيعاب التيار السائد في الشعب الإيطالي لحقيقة الاحتلال الإسرائيلي التي كانت محجوبة عن قطاع واسع فيه من قبل، وهو ما تثبته المظاهرات والإضرابات الاستثنائية التي شهدتها مختلف المدن الإيطالية دعما ونصرة للقضية الفلسطينية.

وعلى النقيض، أصبح أي رأي يساند دولة الاحتلال رأيا منبوذا على الصعيد الشعبي، ومع ذلك، لم تدخر الحكومة الإيطالية جهدا في دعم دولة الاحتلال الإسرائيلي والوقوف بجانبها، مما خلق في نهاية المطاف وضعا غريبا ومتكررا في الكثير من البلاد الغربية، حيث تتجه حكومات الدول في طريق مُعاكِس لرغبات ورؤى شعوبها، في مشهد يضرب جوهر الديمقراطية في مقتل، ويجعل تلك الحكومات في خصومة مع شعوبها، على الأقل في ما يتعلق بسياستها الخارجية.

إقرأ أيضًا:الشرع يبحث مع بوتين مستقبل العلاقات السورية الروسية وسط أنباء عن تسليم الأسد
فلسطين تشعل ثورة إيطالية

يقول فرانشيسكو بييترو (اسم مستعار)، وهو أحد الشباب الإيطاليين الذين شاركوا بقوة في المظاهرات الأخيرة في إيطاليا ورفض ذكر اسمه بسبب التخوفات الأمنية، إن تلك الموجة الأخيرة من المظاهرات الضخمة بدأت يوم 22 سبتمبر/أيلول الماضي، وبعد ذلك شهدت البلاد مسيرات كبيرة يوميا منذ الأول من أكتوبر/تشرين الأول الجاري، وهو اليوم نفسه الذي اعتُقِل فيه أعضاء أسطول الصمود.

وقد استمرت تلك المسيرات حتى 4 أكتوبر، ثم جاءت أحدث المظاهرات يوم 8 أكتوبر ، بعد اعتقال طاقم أسطول الضمير الذي انطلق من إيطاليا.

وكانت أكبر المظاهرات تلك التي انطلقت يوم 22 سبتمبر الفائت في روما وشارك فيها 300 ألف شخص، علاوة على مظاهرة 3 أكتوبر، وهي الإضراب الوطني العام الذي شارك فيه مليونا شخص عبر 100 مدينة إيطالية، ومظاهرة 4 أكتوبر في روما التي شارك فيها مليون شخص.

وقال فرانشيسكو إن المظاهرات العفوية التي حدثت في الأول من أكتوبر، رغم صغر حجمها، فإنها اللحظة التي شعر فيها وكأن شيئا ما قد تغيَّر، حيث اندفع آلاف الأشخاص إلى الشوارع في غضون ساعتين من اختطاف الأسطول.

ومنذ ذلك الحين، ومع تزايد عدد المشاركين، كانت المظاهرات مُفعمة بالمشاعر القوية، مع الحزن والتعاطف الكبيريْن مع الشعب الفلسطيني، والغضب العارم من الظلم الفادح والإبادة الجماعية التي ترتكبها إسرائيل بحق فلسطين، ورفض تواطؤ الحكومة الإيطالية في هذه الفظائع.

في الوقت نفسه، كانت هناك سعادة بالتكاتف في النضال من أجل العدالة، ففي السنوات الأخيرة بعد الجائحة، كانت المظاهرات التي جمعت أعدادا مماثلة من المشاركين في إيطاليا نادرة جدا، ولم تستمر أكثر من 3 أسابيع.

من جهة أخرى، أشارت صوفيا كوكارو (اسم مستعار)، التي تعمل في السلك الدبلوماسي الإيطالي ولذلك فضَّلت عدم ذكر اسمها، إلى إعجابها بتلك المظاهرات الاستثنائية التي شاركت فيها.

فقد كانت مظاهرات ضخمة وسلمية منتشرة في العديد من البلدات والمدن المختلفة، وتذكر صوفيا هنا سِمَتيْن مُهمتيْن للمظاهرات، أولاهما أنها كانت مظاهرات عابرة للأجيال، حيث شارك فيها المسنّون والشباب يدا بيد، وثانيهما أن تلك المظاهرات الضخمة جاءت بعد سنوات سادت فيها العدمية والشعور باستحالة تغيير أي شيء.

ولذا كانت تلك المظاهرات أشبه بعودة الروح بعد سنوات من العزوف عن الشأن العام.

مقالات ذات صلة

اترك تعليقاً

زر الذهاب إلى الأعلى