ماذا تحتوى وثيقة «اتفاق غزة» للسلام؟

نشر البيت الأبيض يوم الإثنين 13 أكتوبر 2025، وثيقة بعنوان “إعلان ترامب للسلام الدائم والازدهار”، والتي تم توقيعها خلال قمة شرم الشيخ للسلام في مصر.
وقع الإعلان الرئيس الأمريكي دونالد ترامب، والرئيس المصري عبد الفتاح السيسي، والرئيس التركي رجب طيب أردوغان، وأمير قطر الشيخ تميم بن حمد آل ثاني.
تهدف الوثيقة إلى إنهاء الحرب في قطاع غزة التي استمرت أكثر من عامين، وفتح صفحة جديدة من الاستقرار والازدهار في الشرق الأوسط، مع التركيز على التعاون الدولي ورفض التطرف.
السياق والأهمية
جاء هذا الإعلان بعد سلسلة من المفاوضات السرية والعلنية، بما في ذلك قمة شرم الشيخ التي استضافت قادة دول الوساطة وممثلين عن إسرائيل وحماس. وصف ترامب الاتفاق بأنه “لحظة تاريخية” تنهي معاناة الشعبين الفلسطيني والإسرائيلي، وتضمن عودة الرهائن وانسحاب القوات الإسرائيلية تدريجيًا.
كما أكدت الوثيقة أنها مبنية على خطة ترامب الشاملة التي أعلن عنها في سبتمبر 2025، والتي تشمل 20 نقطة رئيسية للإعمار والأمن.
رحبت بها الأمم المتحدة والدول الأوروبية، بينما أشاد الرئيس الأمريكي السابق جو بايدن بجهود ترامب، قائلًا إن “الشرق الأوسط يسير الآن على طريق السلام بدعم الولايات المتحدة والعالم”.
النص الكامل للوثيقة
الوثيقة مكونة من فقرات مترابطة تركز على الالتزامات المشتركة، وهي كالتالي:
– الافتتاحية والالتزام العام: “نحن الموقعون أدناه، نرحب بالالتزام التاريخي الحقيقي من جميع الأطراف باتفاقية ترامب للسلام وتنفيذها، منهية أكثر من عامين من المعاناة والخسائر الفادحة، فاتحة فصلا جديدا للمنطقة يسوده الأمل والأمن ورؤية مشتركة للسلام والازدهار.”
– دعم جهود السلام: “ندعم جهود الرئيس ترامب الصادقة لإنهاء الحرب في غزة وإحلال سلام دائم في الشرق الأوسط. سنعمل معا على تطبيق هذه الاتفاقية بما يضمن السلام والأمن والاستقرار والفرص لجميع شعوب المنطقة، بما في ذلك الفلسطينيون والإسرائيليون.”
– حقوق الإنسان والكرامة: “ندرك أن السلام الدائم هو الذي ينعم فيه الفلسطينيون والإسرائيليون بالازدهار مع حماية حقوقهم الإنسانية الأساسية، وضمان أمنهم، وصون كرامتهم.”
– التعاون والحوار: “التقدم الهادف ينشأ من خلال التعاون والحوار المستمر، وأن تعزيز الروابط بين الأمم والشعوب يخدم المصالح الدائمة للسلام والاستقرار الإقليمي والعالمي.”
– احترام التراث الديني: “ندرك الأهمية التاريخية والروحية العميقة لهذه المنطقة للمجتمعات الدينية التي تتشابك جذورها مع أرض المنطقة. سيظل احترام هذه الروابط المقدسة وحماية مواقعها التراثية أمرا بالغ الأهمية في التزامنا بالتعايش السلمي.”
– مكافحة التطرف: “نحن متحدون في عزمنا على تفكيك التطرف والتشدد بجميع أشكاله. لا يمكن لأي مجتمع أن يزدهر عندما يُصبح العنف والعنصرية أمرا طبيعيا، أو عندما تهدد الأيديولوجيات المتطرفة نسيج الحياة المدنية. نلتزم بمعالجة الظروف التي تُمكّن التطرف، وتعزيز التعليم والفرص والاحترام المتبادل كأساس للسلام الدائم.”
– حل النزاعات بالحوار: “نلتزم بموجب هذا بحل النزاعات المستقبلية من خلال الحوار الدبلوماسي والتفاوض بدلا من القوة أو الصراعات المطولة. نُقرّ بأن الشرق الأوسط لا يمكن أن يتحمل دوامة مستمرة من الحروب المطولة، والمفاوضات المتعثرة، أو التطبيق المجزأ أو الناقص أو الانتقائي للشروط التي تم التفاوض عليها بنجاح. يجب أن تكون المآسي التي شهدناها خلال العامين الماضيين بمثابة تذكير عاجل بأن الأجيال القادمة تستحق ما هو أفضل من إخفاقات الماضي.”
– التسامح والفرص المتكافئة: “نسعى إلى التسامح والكرامة وتكافؤ الفرص للجميع، ونضمن أن تكون هذه المنطقة مكانا يمكّن الجميع من تحقيق تطلعاتهم في سلام وأمن وازدهار اقتصادي، بغض النظر عن العرق أو المعتقد أو الأصل العرقي. نسعى إلى رؤية شاملة للسلام والأمن والازدهار المشترك في المنطقة، ترتكز على مبادئ الاحترام المتبادل والمصير المشترك.”
– الختام والتعهد: “من هذا المنطلق، نرحب بالتقدم المحرز في إرساء ترتيبات سلام شاملة ودائمة في قطاع غزة، وكذلك بالعلاقة الودية والمفيدة للطرفين بين إسرائيل وجيرانها الإقليميين. ونتعهد بالعمل الجماعي لتنفيذ هذا الإرث واستدامته، وبناء أسس مؤسسية تزدهر عليها الأجيال القادمة معا في سلام.”
البنود العملية المرتبطة بالخطة الأوسع
ترتبط الوثيقة بخطة ترامب الشاملة لإنهاء النزاع، والتي تشمل:
– إطلاق الرهائن وتبادل الأسرى: إطلاق جميع الرهائن الإسرائيليين خلال 72 ساعة مقابل إفراج إسرائيل عن 250 فلسطينيًا محكومًا بالمؤبد و1700 معتقل من غزة، بما في ذلك النساء والأطفال.
– انسحاب القوات ونزع السلاح: انسحاب تدريجي للقوات الإسرائيلية مقابل نزع سلاح حماس ونشر قوات دولية للحفاظ على الأمن.
– الحكم الانتقالي: تشكيل لجنة تكنوقراطية فلسطينية غير سياسية تحت إشراف “مجلس السلام” برئاسة ترامب، لإدارة الخدمات والإعمار.
– المساعدات الإنسانية: إرسال مساعدات فورية تشمل إعادة تأهيل البنية التحتية (مياه، كهرباء، صرف صحي)، إعادة بناء المستشفيات والمخابز، وإزالة الأنقاض، مع فتح معبر رفح بآلية دولية.
– الإعمار والتنمية: تخصيص 20 مليون دولار من الأمم المتحدة للطوارئ، ومؤتمر مصري لإعادة الإعمار، مع التركيز على الفرص الاقتصادية والتعليم لمكافحة التطرف.
– المراحل المقبلة: محادثات فورية للمرحلة الثانية لضمان عدم وجود فجوة زمنية، مع التركيز على تأمين غزة وإدارتها دوليًا.
الردود والتطورات
– من الدول الموقعة: أكد السيسي دعمه الكامل، وقال لترامب: “تستطيع وحدك تحقيق السلام”. أردوغان وصف الجهود بـ”الصادقة”، بينما أشاد الأنصاري القطري بالتنسيق لتجنب الفجوات الزمنية.
– إسرائيل وحماس: وافقا على المرحلة الأولى، مع إطلاق سراح الرهائن وانسحاب جزئي للقوات. نتنياهو ألغى زيارته الأخيرة لشرم الشيخ بسبب خلافات، لكنه أعرب عن دعمه لاحقًا.
– الدول الأخرى: أشادت الإمارات بدورها في الدعم، وماكرون الفرنسي أكد دورًا خاصًا في إدارة غزة. إيران رفضت الدعوة، بينما أثنى رئيس وزراء باكستان على ترامب كـ”الرجل الذي احتاجه العالم”.
– التحديات: أبرز الأنصاري صعوبة الخطوات القادمة، مشيرًا إلى تأثير الحرب لعقود، لكن الاتفاق يُعتبر “لحظة احتفال” بعد عودة الرهائن وتدفق المساعدات.
هذا الإعلان يُعد خطوة نحو سلام دائم، لكنه يتطلب تنفيذًا دقيقًا لتجنب الانتكاسات السابقة مثل اتفاق أوسلو. سيستمر التشاور الدولي لضمان استدامته، مع التركيز على بناء أسس اقتصادية وأمنية مشتركة.