
أعلن الجيش الباكستاني الجمعة الماضية أنه قضى على 30 مسلحا في عملية عسكرية داخل إقليم خيبر-بختونخوا، ردا على الهجوم الذي أسفر عن مقتل 11 جنديا مطلع أكتوبر الجاري.
كما أعلنت حركة طالبان الباكستانية الجمعة الماضية أيضاً مسؤليتها عن هجمات استهدفت قوات الأمن الباكستانية في إقليم خيبر-بختونخوا الحدودي مع أفغانستان، وأسفرت عن مقتل 23 شخصاً، بينهم 20 عنصرا أمنيا و3 مدنيين، وترد باكستان وتقول أن مسلحي الحركة ينفذون عملياتهم من داخل أفغانستان، وهو ما تنفيه كابل.
وفي كابل، قال المتحدث باسم حكومة طالبان، ذبيح الله مجاهد إن قوات أفغانية سيطرت على 25 موقعاً تابعاً للجيش الباكستاني وقتلت 58 جندياً وأصابت 30 آخرين. وأضاف أن: “باكستان هاجمت، ونحن مستعدون للرد بقوة”
أقرأ أيضاً: تصاعد التوتر بين باكستان وأفغانستان.. اشتباكات حدودية وغارات متبادلة تهدد استقرار المنطقة
اسلام آباد تتوعد بـ “رد قوى”
ولذا تعهدت إسلام آباد “بعدم التسامح وأن ردها سيكون قوياً” لأن الأمر يتعلق بالسيادة الوطنية. وأغلقت باكستان معابر حدودية مع أفغانستان، عقب تبادل القوات الحدودية للدولتين إطلاق النار الكثيف خلال الليل. وقال مسؤول أمني إنه تم إغلاق نقطة تورخام الحدودية بإقليم خيبر-بختونخوا بشمال غربي البلاد ونقطة شامان بإقليم بلوشستان بجنوب غربي البلاد.
وأدان الرئيس الباكستاني آصف علي زرداري ورئيس الوزراء شهباز شريف ما وصفاه بالاستفزازات من جانب أفغانستان وأشادا بالجيش على رده. وصرح الجيش الباكستاني بأن باكستان تصرفت دفاعاً عن النفس بعدما شن مقاتلو حركة طالبان الأفغانية و إرهابيون مدعومون من الهند هجوماً غير مبرر على طول الحدود ليلة السبت.
وأكد وزير الداخلية الباكستاني محسن نقفي أن “أفغانستان تلعب بالنار والدم”، مشيرا الى أن جارته ستتلقى “مثل الهند، ردا قويا لن تجرؤ بعده على النظر بعدائية إلى باكستان” في إشارة إلى أسوأ مواجهة منذ عقود مع جارتها الهندية، وقعت في مايو الماضي، واتسمت بإطلاق صواريخ وشن غارات بطائرات مسيرة وقصف مدفعي.
حرب جديدة بين الهند وباكستان
قال وزير الدفاع الباكستاني خواجة آصف إن “احتمالات الحرب مع الهند حقيقية”، وذلك عقب الهجوم الذي وصفه الجيش بأنه مدعوم من الهند وأضاف آصف في مقابلة تلفيزيونية: ” هناك تهديد بمواجهة مسلحة، وباكستان في حالة تأهب. احتمالات الحرب مع الهند حقيقية. لا أريد التصعيد، لكن الخطر قائم، ولا أنكره. وإذا اندلعت الحرب، فبعون الله سنحقق نتيجة أفضل من ذي قبل”.
وصرح الباحث والمحلل الهندي اميت كومار أن الهند وباكستان خصمان لدودان، وقد خاضتا عدة حروب ونزاعات قصيرة، بما في ذلك الصراع القصير الذي استمر أربعة أيام في مايو الماضي. ويشكل الإرهاب العابر للحدود الذي ترعاه الدولة محور سياسة باكستان تجاه الهند، إذ تسعى إلى “استنزاف الهند استنزافًا شديدًا”. ورغم اتخاذ الهند إجراءات عسكرية – بما في ذلك ضربات دقيقة وغارات جوية – لتدمير معسكرات الإرهاب والمواقع العسكرية في عمق الأراضي الباكستانية، لا تزال روالبندي (الجيش الباكستاني) ملتزمة بشن حرب ضد الهند بوسائل شبه تقليدية. وتشهد سلسلة التصريحات الباكستانية على هذه الحقيقة.
علاوة على ذلك، وبعد أن أعلنت الحكومة الهندية أن أي هجوم إرهابي على الأراضي الهندية سيُعتبر “حربًا على الهند”، فمن المرجح أن تندلع صراعات قصيرة كهذه في السنوات القادمة، على غرار تلك التي وقعت في مايو من هذا العام. إلا أن احتمالية تفاقم ذلك إلى حرب شاملة ستكون محدودة بفضل المظلة النووية.
أقرأ أيضاً:السد الصيني على نهر براهمابوترا.. مشروع عملاق يثير مخاوف الهند وبنغلاديش
تمويل أفغاني لطالبان الباكستانية
وأضاف المحلل في تصريحات خاصة لموقع ” داي نيوز” الإخباري أن سبب دعم طالبان الأفغانية لطالبان الباكستانية هو نفسه سبب دعم الجيش الباكستاني لطالبان الأفغانية في أفغانستان. بينما أرادت باكستان حكومة طالبانية في أفغانستان بدلًا من حكومة ديمقراطية، لأنها اعتقدت أنه سيكون من الأسهل عليها إملاء سياساتها في أفغانستان من خلال طالبان – حيث كان الجيش الباكستاني وجهاز المخابرات الباكستاني هما من رعيا طالبان في باكستان خلال الحرب الأمريكية على الإرهاب.
لكن تداعيات حركة طالبان في أفغانستان كانت مشابهة لحركة طالبان في باكستان، بقيادة حركة طالبان باكستان. وبينما تمنى الجيش الباكستاني سيطرة المتطرفين على أفغانستان، لم يُرِد نجاح حركة مماثلة في باكستان، لأنه لم يُرِد تقاسم السلطة أو التنازل عنها، والآن، وبعد عودة طالبان إلى السلطة في أفغانستان (بدعم ضمني من باكستان)، فإنها تُريد إما نجاح حركة مماثلة في باكستان أو بقائها قويةً لتتمتع بنفوذ عليها.
وأكد كومار على أن هناك نزاع طويل الأمد بين أفغانستان وباكستان حول خط دوراند (الحدود الفاصلة بين أفغانستان وباكستان). ورأت باكستان أن وصول طالبان إلى السلطة بشكل مفاجئ سيجعل من السهل حل النزاع الحدودي. لكن طالبان رفضت الرضوخ لموقف باكستان. ومن ثم، تريد طالبان تحويل طالبان الباكستانية إلى مصدر للضغط على باكستان.
تقارب بين كابل ونيودلهي
وأفاد المحلل أنه بالنسبة للعالم والحكومة الهندية، من الواضح أن طالبان باقية، ولا توجد معارضة حقيقية لحكمها في أفغانستان. لذا، في النهاية، لا بد من التعامل معهم. لا يمكن تمني زوالهم. وللهند مصلحة في التنمية الاقتصادية لأفغانستان، وأن العلاقات بين الشعبين قوية جدًا، وتريد الهند الحفاظ على هذه النوايا الحسنة ومواصلة بنائها بين الشعب الأفغاني. ولا يمكنها تحقيق ذلك دون التعاون مع طالبان.
وأضاف كومار أن الهند سترغب في استغلال أي خلاف أو استياء يُشكل حاليًا أساس العلاقات الباكستانية الأفغانية. لطالما خشيت باكستان من أن تُلجأ الهند إلى سياسة الكماشة ضدها، مما يُجبرها على البحث عن عمق استراتيجي في أفغانستان. وبالطبع لن تمانع الهند في إحياء هذه المخاوف بين القيادة الباكستانية. ومع ذلك، فإن إمكانية تجسيد ذلك على أرض الواقع – وحدة هندية أفغانية ضد باكستان – أمرٌ بعيد الاحتمال، وفي نهاية المطاف أن طالبان لديها قواسم مشتركة مع باكستان أكثر من الهند. وأن قيم الهند لا تتوافق مع قيم طالبان.
علاقة الصين بما يحدث بين الحدود الباكستانية الأفغانية
وأختتم المحلل حديثه بأنه لا ينبغي لنا أن نتجاهل الدور الذي لعبته الصين في تشكيل الوحدة بين باكستان وحركة طالبان. وأن العلاقات الاقتصادية بينهم ستتأثر بالتأكيد، ولكن ليس بسبب هجوم باكستان على أفغانستان بطائرة صينية الصنع، بل بسبب الصراع المتصاعد بين البلدين.