شهدت الساحة السورية خلال الأيام الماضية حالة من الجدل والنقاش الواسع، بعد إعلان الحاخام السوري الأميركي هنري حمرة ترشحه لعضوية مجلس الشعب السوري ممثلاً عن دمشق، ليكون أول مرشح يهودي منذ عام 1967، أي بعد أكثر من نصف قرن من غياب اليهود عن المشهد السياسي في سوريا.
وبحسب ما أفادت به وكالة الأنباء السورية (سانا)، فإن هنري حمرة، البالغ من العمر 48 عاماً، هو نجل الحاخام يوسف حمرة، الذي كان يشغل منصب الحاخام الأكبر لليهود السوريين في نيويورك، وغادر سوريا عام 1992 بعد أن سمح الرئيس الراحل حافظ الأسد لليهود السوريين بالسفر.
وأثار إعلان حمرة اهتماماً واسعاً داخل الأوساط السياسية والإعلامية السورية، خاصة أنه دعا متابعيه عبر منصة X (تويتر سابقاً) إلى الدخول على رابط الترشيح والتصويت له، مؤكداً أن “صوت السوريين هو الأمل في بناء مستقبل جديد لبلادهم”.
تفاصيل برنامجه الانتخابي
يركّز برنامج حمرة الانتخابي على ستة محاور رئيسية تهدف إلى بناء سوريا موحدة ومتسامحة بعد سنوات من الحرب والانقسام، ومن أبرز ما جاء فيه:
1. تعزيز الانتماء والهوية الوطنية من خلال دعم المبادرات الثقافية والتعليمية التي تربط السوريين في الداخل والخارج.
2. الإسهام في إعادة الإعمار والتنمية الاقتصادية عبر تشجيع رجال الأعمال السوريين في المهجر على الاستثمار وخلق فرص عمل للشباب.
3. رفع العقوبات المفروضة على سوريا، خصوصاً تلك الصادرة بموجب قانون قيصر.
4. ترسيخ قيم التسامح والتعددية الدينية، والدفاع عن التراث السوري المشترك من خلال دعم المواقع الأثرية ودور العبادة الإسلامية والمسيحية واليهودية.
5. تعزيز التواصل مع الجاليات السورية في الخارج وبناء جسور تعاون معها.
6. تحقيق العدالة الاجتماعية والمواطنة المتساوية عبر الدفاع عن حقوق جميع السوريين دون تمييز ديني أو عرقي.
وأكد حمرة في تصريحاته أن ترشحه “ليس رمزياً”، بل هو رسالة أمل بأن سوريا الجديدة تتسع لكل أبنائها، بغض النظر عن دياناتهم أو انتماءاتهم، معتبراً أن عودة اليهود السوريين للمشهد الوطني خطوة نحو المصالحة التاريخية.
الانتخابات البرلمانية الأولى بعد سقوط الأسد
تجري هذه الانتخابات في 5 أكتوبر/تشرين الأول 2025، لتشكيل أول مجلس شعب بعد الإطاحة بالرئيس السابق بشار الأسد في 8 ديسمبر/كانون الأول 2024.
وأكد نوار نجمة، المتحدث الإعلامي باسم اللجنة العليا للانتخابات، أن هذا الاستحقاق يمثل “خطوة في طريق طويل لبناء وطن يليق بالسوريين وتضحياتهم”، مضيفاً في منشور له عبر منصة X: *”صوتكم هو أمل السوريين”*.
وأوضح نجمة أن الانتخابات بدأت في موعدها تمام الساعة التاسعة صباحاً بالتوقيت المحلي، فيما ستبقى مقاعد محافظات السويداء والرقة والحسكة شاغرة مؤقتاً.
ويُذكر أن البرلمان الجديد ستكون ولايته 30 شهراً قابلة للتجديد، وفقاً لآلية حددها الإعلان الدستوري المؤقت، وليست انتخابات مباشرة بالكامل من الشعب.
بهذا، يشكّل ترشح هنري حمرة سابقة تاريخية في المشهد السوري الحديث، إذ يُعيد إلى الواجهة حضور الطائفة اليهودية السورية في الحياة العامة بعد عقود من الانقطاع، في وقتٍ تحاول فيه البلاد إعادة بناء مؤسساتها السياسية والاجتماعية بعد مرحلة صعبة من الصراع والانقسام.
