ثورة في إنشاء الفيديوهات الذكية: إطلاق تطبيق Sora من OpenAI

في خطوة جريئة أحدثت ضجة عالمية، أطلقت شركة OpenAI مؤخرًا تطبيقًا مبتكرًا يحمل اسم Sora، مصمم خصيصًا لإنتاج مقاطع فيديو قصيرة تشبه محتوى تيك توك، مدعومًا بنموذج ذكاء اصطناعي متقدم يُدعى Sora 2.
وقد حقق التطبيق نجاحًا فوريًا، حيث تصدر قائمة التنزيلات في متجر تطبيقات أبل ليحتل المرتبة الثالثة، رغم تقييده حاليًا بالدعوات الخاصة للتسجيل.
سرعان ما أثار التطبيق موجة من الجدل، خاصة مع انتشار مقاطع “الديب فيك” (التزييف العميق) الساخرة، أبرزها فيديو يصور الرئيس التنفيذي سام ألتمان وهو يقوم بسرقة وحدات معالجة الرسوميات (GPUs).
داخل جدران OpenAI، عاد هذا الإطلاق إلى إحياء نقاشات قديمة حول التوازن بين تعزيز السلامة وتشجيع الحرية الإبداعية؛ فالقيادات تؤكد ضرورة الضوابط الصارمة لتجنب المخاطر، لكنها تخشى أن تُفسر هذه الإجراءات كقيود مفرطة تعيق الابتكار.
تُعرف ثقافة OpenAI بتفضيلها السرعة في إطلاق المنتجات، حتى لو لم تكتمل آليات الحماية، وهو أمر تجلى بوضوح بعد إعلان الشركة الصينية DeepSeek عن نموذج ذكاء اصطناعي قوي وبأسعار منخفضة في نهاية العام السابق، مما دفع OpenAI إلى تسريع إصداراتها الجديدة.
اليوم، تتمتع الشركة بمكانة مؤسسية قوية، إذ تحولت من مختبر بحثي متواضع في سان فرانسيسكو إلى كيان منظم يمكنه تشكيل فرق متخصصة بسرعة لدعم مشاريع مثل Sora.
تشدد OpenAI على أن التطبيق مزود بطبقات متعددة من الإجراءات الأمنية، بما في ذلك فحص الأوامر النصية، ومراقبة الإخراج مثل إطارات الفيديو والصوت، بالإضافة إلى حظر المحتوى الجنسي الصريح أو العنيف أو الذي يحرض على الإيذاء الذاتي.
كما تشمل هذه الإجراءات وضع علامات مائية ومنع انتحال الهويات، رغم أن بعض المستخدمين نجحوا في تجاوزها مؤقتًا.
يبرز Sora 2 كتحديث كبير عن النسخة الأولى، حيث يولد مقاطع فيديو أطول وأكثر تماسكًا، تبدو واقعية إلى درجة مذهلة.
سمح ألتمان باستخدام صورته الشخصية في التطبيق، مما أدى إلى إنتاج عشرات المقاطع الساخرة، بينما شهدنا ظهور شخصيات كرتونية شهيرة مثل “بيكاتشو” و”سبونج بوب” في سياقات غريبة أثارت الضحك والانتقاد معًا.
ومع ذلك، يواجه التطبيق هجومًا من النقاد بسبب سياسته في التعامل مع المحتوى المحمي بحقوق الملكية الفكرية، إذ يسمح باستخدامه ما لم يعترض أصحاب الحقوق، وهي سياسة تواجه معارك قانونية محتملة.
ردًا على ذلك، أكد ألتمان في تغريدة على منصة إكس أن Sora ليس مجرد أداة إبداعية، بل وسيلة لعرض قدرات التقنية للعامة، مما يعزز الشفافية ويدعم جهود الشركة نحو تطوير الذكاء الاصطناعي العام.
يأتي هذا الإطلاق في خضم منافسة شرسة؛ فقد أعلنت ميتا عن خدمة “Vibes” للفيديوهات القصيرة الأسبوع الماضي، بينما أطلقت جوجل إصدار “Veo 3” المتطور، وكشفت بايت دانس وعلي بابا عن أنظمة مشابهة.
لتعزيز موقعها، حققت OpenAI استثمارًا هائلاً بقيمة 850 مليار دولار لتوسيع بنيتها التحتية وتطوير نماذجها المستقبلية، في خطوة تعكس تصعيدًا دراماتيكيًا في سباق الذكاء الاصطناعي العالمي.
يُرى في نظر الخبراء أن التركيز على الفيديو يتجاوز مجرد جذب المستخدمين، إذ يُعد خطوة حاسمة لتدريب النماذج على البيانات البصرية والسمعية، مما يقربها من القدرات الإدراكية البشرية.
في هذا السياق، أعرب المدير التنفيذي السابق لـ OpenAI، زاك كاس، عن دعمه للإطلاق العلني رغم المخاطر، قائلًا إن “البديل يكمن في عدم البناء أو العمل في السر، وكلاهما أسوأ. إذا كانت لدينا تقنية ثورية، فالأفضل أن يتعرف عليها الجميع ويستخدموها لنتمكن من اللحاق بها معًا”.