منوعات

أخذ الحق حرفة.. عن رد حماس على ترامب

منذ أعلن الرئيس الأمريكي دونالد ترامب عن مقترحه لإنهاء الحرب في غزة بجانب رئيس الوزراء الإسرائيلي بنيامين نتنياهو في مؤتمر صحفي وعلى وجهيهما السعادة المطلقة وكأنها وضعا العالم العربي كله بصفة عامة وحماس على وجه الخصوص في خانة اليك، والعالم يترقب رد الحركة على المقترح. هل توافق وتتنازل عن الأرض والبلاد وتحولها لمنتجع ومرتع للأجانب لتصبح فيلادلفيا الشرق؟ أم تصمد ويصبح صمودها وبالا على الشعب الغزاوي الذي تحمل ويلات الحرب لما يقرب من العامين الآن. 

وها هي حماس تفاجئنا ببيان يجسد مقولة “أخذ الحق حرفة” توافق فيه على ما يحق لها الموافقة عليه وتترك ما لا يحق لها تقريره للشعب الفلسطيني وقوانين المجتمع الدولي. حماس هنا لا تفعل ما فعله بلفور من قبل وتعد بما “لا تملك لمن لا يستحق”. بلفور قديما وعد بأرض فلسطين التي لا يملكها للصهاينة الذين لا يستحقونها. وهنا حماس لم ترد أن تعد بمستقبل وطن لا تملكه وحدها لترامب ونتنياهو ومن يخلفهم وهم لا يستحقونه.

ومن هنا انقلبت الآية وبدلا من وضعها هي في خانة اليك، لتكون الطرف الذي يتعنت ولا يريد إنهاء المعاناة، أصبحت هي الطرف الذي يتكلم في حقه ويترك حق غيره ليتكلم فيه، أصبحت الطرف الذي يضع العالم أمام قوانينه ليواجه هو بنفسه ترامب وخططه.

ردت حماس على المقترح بالموافقة على تسليم الأسرى الذين تملك مصائرهم مقابل وقف الحرب لكنها لم توافق على ما يُسمى بـ”لجنة السلام” التي يريد ترامب رئاستها وتوزيع عضويتها على دول العالم على طريقة “من كل فيلم أغنية”. وتركت للشعب الغزاوي اختيار من يحكمه بشرط أن تكون حكومة “تكنوقراط فلسطينية”.

الحرب في غزة بدأت منذ عامين تقريبا وأهل غزة لم يعد بوسعهم التحمل كثيرا، ومن ناحية أخرى المجتمع الإسرائيلي سواء من الساسة أو الشعب متوتر للغاية ونتنياهو يواجه مواقف دولية ومحلية لن يستطيع المماطلة فيها أكثر من ذلك. حتى أنه وردت أنباء تفيد أن ترامب هدد نتنياهو إن لم يعتذر لقطر ويقبل بخطته فإنه سيتخلى عنه فيما تبقى من هذه الحرب. لهذا يعلم الجميع أن  الحرب يجب أن تتوقف في أقرب فرصة وليس هناك طرف في موقف أصعب من الآخر، وعلى كل طرف استخدام النقاط التي حصل عليها طوال العامين المنصرمين في مفاوضاته كي يخرج بأقل قدر من الخسائر. وأرى أن حماس استطاعت تحقيق تلك المعادلة بأقصى استفادة ممكنة.

السؤال الأهم هنا ليس موقف ترامب أو نتنياهو. العالم يحتفي بترامب منذ رحب أمس برد حماس الإيجابي حتى أن الإعلام الإسرائيلي صوره كأحد أعضاء كتائب عز الدين القسام، لكن هل سيبقى الموقف موحدا حتى بعد تسليم الأسرى؟ ما تخشى منه حماس منذ بدء المفاوضات وما تسعى له إسرائيل من حينها أن يُسلم الأسرى ثم تعيد إسرائيل الضرب دون شيء تخشى عليه في غزة.

يقولون أن الحلول دائما سياسية وأن الصراعات العسكرية لا هدف لها سوى كسب نقاط تفاوض في العملية السياسية. هذا الحديث ينطبق تماما على الوضع في غزة، وكل طرف الآن لديه نقاط قوة ضد الطرف الآخر والرابح في النهاية هو من يضمن بقاء نقاط قوته.

مقالات ذات صلة

اترك تعليقاً

زر الذهاب إلى الأعلى