
انعكس قرار تفعيل “آلية الزناد” الذي صدق عليه مجلس الأمن يوم الجمعة الماضي 26 سبتمبر 2025، وبموجبه عادت كل عقوبات منظمة الأمم المتحدة على إيران فجر الأحد 28 سبتمبر مرة أخرى، على أغلب الصحف الإيرانية سواء الأصولية أو الإصلاحية الصادرة صباح الاثنين بشكل واسع.
حاولت صحيفة “كيهان” الأصولية خلال عمود لها بعنوان “روز معمولى: يوم عادي” التقليل من أهمية هذا القرار وعواقبه على الاقتصاد والشعب الإيراني، حيث انتقدت الاتفاق النووي والرئيس الأسبق “حسن روحاني” الذي أُبرم الاتفاق في عهده، وكتبت: هذه العقوبات لم توقفنا، لكن ضعف بعض المسؤولين والمدراء التنفيذيين وتقاعسهم عن أداء واجبهم الوطني هو ما دفع البلاد إلى التوقف.
وأضافت الصحيفة: سواء كانت آلية الزناد موجودة أم لا، فاليوم مثل كل الأيام الأخرى خلال الـ 46 سنة الماضية منذ قيام الثورة الإسلامية. إنه يوم عادي مثل كل تلك الأيام، فإيران لا تزال تحت وطأة عقوبات الولايات المتحدة وحلفائها الأوروبيين بسبب سعيها إلى الاستقلال وحرية الإرادة المُجرَّم من وجه نظر الغرب.
وفي مقابل ذلك، وصفت صحيفة “الجمهورية الإسلامية”، ذات الأيديولوجيات الإسلامية، في مقالها الافتتاحي العقوبات الدولية بأنها “الإرث المشؤوم للحكومتين التاسعة والعاشرة برئاسة محمود أحمدي نجاد”، وانتقدت مَن يحاولون الاستخفاف بهذه العقوبات والتعامل معها بنوع من اللامبالاة.
وذكرت الصحيفة: يبدو أن المسؤولين الذين يقولون إن عودة العقوبات الأممية ليس لها تأثير أكثر من العقوبات السابقة، ويؤكدون أنهم اتخذوا التدابير اللازمة من أجل احتواء آثارها، منعزلون عن الواقع. إنهم ينظرون إلى حياتهم المرفهة فحسب؛ يتقاضون رواتب فلكية، ويتمتعون بوسائل انتقال مجانية وخدمات علاجية ممتازة دون مقابل، ويعيشون في بيوت تتبع جهات حكومية أو في أحسن العقارات السكنية، ويحظون بحماية كاملة وباحترام بالغة، ولديهم الكثير من الخدم والحشم، وبالتالي لن تؤثر التقلبات الاقتصادية المختلفة في البلاد على حياتهم أو حياة أسرهم وأولادهم مطلقًا.
أما صحيفة “جوان: الشباب”، التابعة للحرس الثوري، فقد كتبت في مقال لها بعنوان “دعواهای بیشرمانه برجامی: نزاع الاتفاق النووي المخجل“: لقد انتهى الاتفاق النووي الذي لم يكن قائمًا في أي وقت. وحذرت الصحيفة مشيرةً إلى الاختلافات الداخلية حول هذا الموضوع، سواء بين المسؤولين أو غير المسؤولين، قائلة: إذا لم يتفقوا سويًا، فسيستمر الخلاف الداخلي بأكثر العبارات تفاهةً وأكثر التصورات سطحيةً، وستظل إيران في موقف ضعيف.
وتناولت صحيفة “اعتماد: الثقة“ الإصلاحية موضوع “إيران في عصر ما بعد آلية الزناد”، ونشرت عِدَّة حوارات ومقالات رأي حول هذا الموضوع، حيث جاء في إحدى هذه المقالات: اليوم دلفنا رسميًا إلى نطاق ما بعد آلية الزناد. لقد وُجهت ضربة أخرى إلى جسد الدبلوماسية الصريع. وأشارت المقالة إلى “خطر الهجوم الإسرائيلي ثانيةً” قائلة: إن في نطاق ما بعد آلية الزناد يزداد خطر الحرب، لكن الردع لا يزال موجودًا. اقتراب طهران من صنع قنبلة ذرية، أو تخصيب اليورانيوم بنسبة 90%، أو انهيار نظام تفتيش الوكالة الدولية للطاقة الذرية في المنشآت النووية الإيرانية؛ كلها مبررات يتذرع بها نتنياهو ودُعاة الحرب في إسرائيل من أجل مهاجمة إيران مرة أخرى.
وعنونت صحيفة “آگاه: اطلاع“، التابعة لوكالة أنباء “مِهر” ذات الأيديولوجيات الإسلامية، صدر صفحتها الأولى بـ “صبح رسوايى: الفضيحة الصباحية”، ونشرت صور عدد من المسؤولين الإيرانيين السابقين؛ من بينهم وزير الخارجية “محمد جواد ظريف”، وعُمدة طهران “غلام حسين كرباستشي”، والبرلماني “عليّ مطهري”، وكتبت: على الرغم من نكث العهود الأمريكية؛ مَن الأشخاص الذين كانوا يشيرون إلى عنوان التفاوض الخاطئ مرة أخرى؟.
وفي إشارة إلى زيارة الرئيس الإيراني “مسعود بزشكيان” إلى الولايات المتحدة من أجل المشاركة في فعاليات الدورة الـ 80 من اجتماعات الجمعية العامة للأمم المتحدة، كتبت الصحيفة مشددةً على التصريحات المتكررة للمرشد الأعلى “عليّ خامنئي” بأن “لا جدوى من التفاوض مع الأمريكيين”: رغم اللقاءات والمساعي، انتهت زيارة بزشكيان إلى نيويورك دون إحراز تقدم يحول دون تفعيل آلية الزناد، وكشفت الزيارة أن الدبلوماسية الإيرانية لا تزال تواجه تحديات جدية أمام ضغوط الغرب وأمريكا.
واعتبرت هذه الصحيفة أن عودة العقوبات الأممية دليلًا على العُزلة المتنامية لمقترحي التفاوض مع الولايات المتحدة.
وكتبت صحيفة “الشرق” الإصلاحية في مانشيتها الرئيس “مرگ برجام به وقت نیویورک: وفاة الاتفاق النووي بتوقيت نيويورك”، واعتبرت المرحلة الحالية إحدى أصعب الفترات في تاريخ الدبلوماسية الإيرانية.
وانتقدت صحيفة “هممیهن: المواطن“ الإصلاحية في عمود لها بعنوان “بدتر از اسنپبک: أسوأ من آلية الزناد” مواقف بعض الساسة الإيرانيين، واعتبرتها متماشية مع إسرائيل، ومِثل طعنة خنجر من الظهر في قلب الأمة الإيرانية.
وجاء في هذا العمود: يتعجب فريق من المحللين السياسيين والاجتماعيين من وجود بعض التوجهات غير الرسمية في إيران المتماشية مع إسرائيل. في حين أن الجميع يستشعر إحساسًا عميقًا مشتركًا بين بعض القطاعات السياسية الرسمية المتوافقة مع إسرائيل والمناهضة للنظام حيال انتهاء الاتفاق النووي بعد تفعيل آلية الزناد.
وأردفت الصحيفة: إن الجهل لا حدود له، والعقلية المعتبرة أن يوم تفعيل آلية الزناد هو عيد وطني تبدد فيه الأمل في الغرب وشرع فيه التوجه إلى الشرق، لا تفكر سوى في بقائها بأي ثمن فقط. لا مكان عندها لإيران وشعبها. لقد بات واضحًا الآن أن جذور المعضلة الإيرانية تكمن في الداخل، وليست في الخارج أو في مجلس الأمن أو نهج التعامل مع الدول الغربية.
الحقيقة أن تفعيل آلية الزناد يُعيد إيران إلى المربع صفر أو بالأحرى إلى الوراء ما يزيد عن 20 عامًا، بعد ماراثون طويل قطعته مع الغرب حول برنامجها النووي منذ عام 2003، كأن هذه السنوات المتأرجحات بين اختلافات واتفاقات، ومفاوضات مباشرة وغير مباشرة، ووساطة أوروبية وعربية قد ذهبت جفاءً.
جدير بالذكر أن العقوبات الدولية التي كانت مفروضة على إيران قبل إبرام الاتفاق النووي، تشمل القطاعات التالية:
- حظر استيراد أو شراء أو نقل النفط الخام ومشتقاته والمنتجات البتروكيماوية الإيرانية.
- حظر الاستثمار أو بيع المعدات والتقنيات الأساسية في قطاعات النفط والغاز والبتروكيماويات الإيرانية.
- حظر عقد صفقات مع الحكومة الإيرانية والبنك المركزي والمؤسسات التابعة، يتم التعامل فيها بالمعادن النفيسة كالذهب والفضة والألماس وغيرها، وكذلك حظر تسليم الأوراق النقدية والنقود المعدنية الصادرة حديثًا إلى البنك المركزي الإيراني.
- تقييد المعاملات المالية مع إيران من خلال وضع سقف يحدد المبالغ المتداولة خلالها.
- تجميد الأصول المالية الخاصة بالخطوط الملاحية والجوية الإيرانية وحظر الخدمات اللوجستية التقليدية والعكسية المقدمة لها.