
أثار توقيع اتفاقية للدفاع الاستراتيجي المشترك بين المملكة العربية السعودية وباكستان، تساؤلات عربية حول إمكانية انضمام دول عربية جديدة لهما لمواجهة تحديات المنطقة تحت مظلة نووية.
ونرى بعد هذا الإتفاق بأيام وزير الدولة المصري للإنتاج الحربي المهندس محمد صلاح الدين مصطفى يلتقي بسفير باكستان في القاهرة عامر شوكت، ويعرب عن تطلعه إلى عقد شراكات استراتيجية بين شركات الإنتاج الحربي والشركات الباكستانية التي تعمل في مجالات تصنيعية مماثلة بما يعود بالنفع على الجانبين.
وقد وجه وزير الدولة للإنتاج الحربي المصري الدعوة للشركات الباكستانية للمشاركة في المعرض الدولي للصناعات الدفاعية، وأشار شوكت، إلى اهتمام الشركات الباكستانية بالتعاون مع وزارة الإنتاج الحربي بمختلف المجالات التصنيعية في ضوء ما تتميز به شركاتها ووحداتها التابعة من إمكانيات تصنيعية وتكنولوجية وفنية وبشرية وبحثية وبنية تحتية على أعلى مستوى.
إقرأ أيضاً: السعودية وباكستان توقعان اتفاقية دفاع استراتيجي لتعزيز الأمن المشترك
هندسة التحالفات الجديدة في الشرق الأوسط
وصف اللواء محمد عبد الواحد، مستشار الأمن الإقليمي والعلاقات الدولية في حوار خاص مع موقع”داي نيوز” الإخباري، أن اتفاقات الدفاع بين مصر وباكستان وقبلها السعودية يخلق توازن للقوة في المنطقة، وأن باكستان دولة اسلامية نووية لديها جيش قوي تقريبا اكبر جيش في العالم الاسلامي حوالي 650 الف جندي، ودائما تأتي باكستان داعمة للمواقف الاسلامية والعربية في المنطقة خاصة فيما تعلق بالقضية الفلسطينية.
وأضاف المستشار أن العلاقات بين السعودية وباكستان علاقات تاريخية فهي علاقات ترجع لسنة 1947م وهناك استثمارات سعودية كبيرة جدا في باكستان، غير العمالة الباكستانية الكبيرة الموجودة بالسعودية حتى معظم الذي يشارك في تأمين الحرم المقدس سواء في مكة او في المدينة من قوات باكستانية.
وأوضح عبد الواحد أن هذا التعاون الإستراتيجي يخلق القوة في المنطقة من خلال الإستعانة بالمظلة النووية الباكستانية، وبالتالي فإنه يشكل ردع لإسرائيل خاصة بعد الضربات على قطر، كما أن باكستان تقدم تدريب عسكري متقدم لذلك قامت السعودية بعمل إتفاق دفاع مشترك مع باكستان، لكن مصر في مشاركتها مع باكستان تركز على التعاون الثنائي العسكري في مجال التدريب وتبادل الخبرات والمعلومات فقط.
وأشار المستشار إلى أنه هناك أسباب أمنية ودفاعية لهذه الإتفاقيات لأن إسرائيل تلوح بالقوة الغاشمة وتلوح من وقت لآخر بإسرائيل الكبرى، وبالتالي لديها أطماع في المنطقة، ولذلك التعاون مع باكستان ربما يُحدث نوع من أنواع توازن القوة، كما يظهر عدم الثقة في الضمانات الأمريكية، وأن هذا القرار يدل على أن هذه الدول سئمت من عملية التأمين الأمريكي المكلف للغاية وليس له جدوى، غير أنه أصبح خائن في المنطقة ولا يدافع بل بالعكس كان جزءاً من المؤامرة التي تمت علي قطر.
لماذا لم تنضم مصر للتحالف السعودي الباكستاني؟
وأوضح المستشار أن سبب عدم إنضمام مصر للتحالف الباكستاني السعودي، هو أن مصر تريد الحفاظ على الاستقلال والاستقرار مع الولايات المتحدة الأمريكية، لا سيما إن مصر تاخد معونة عسكرية مليار وثلاثمائة مليون دولار في السنة من أمريكا، ولها علاقات طيبة معها، وبالتالي إذا انضمت مصر إلى هذا التحالف قد يغضب الولايات المتحدة الأمريكية، كما أن مصر تسعى للحفاظ على توازن دقيق في علاقتها مع الغرب، وبالتالي هذا الاتجاه ناحية باكستان من الممكن أن يثير القلق.
وتابع عبد الواحد بأن مصر تركز على تعزيز دورها في الأقليم أو في المنطقة العربية كقوة مستقلة وليست تابعة، بمعنى إنه إذا كان هناك تحالف عربي فمن الواقع أن تديره مصر كنوع من الاستقلال عن التحالفات الأخرى لإن الانضمام لتحالف سعودي باكستاني يقلل من صورة مصر التي تقدم نفسها بأنها قوة أقليمية أكبر في الشرق الأوسط، وأنها أيضاً تفضل التحالفات متعددة الأطراف مثل القوة العربية المشتركة، وذلك لإن التوجهات الحقيقة ما بين الدول العربية مختلفة، خاصة نظراتهم للقضايا الأقليمية، فهناك خلافات كثيرة عربية عربية على ليبيا، سوريا، اليمن وعلى السودان وعلى مياه النيل.
وأعتبر المستشار أن التحالف السعودي الباكستاني بينما يُنظر إليه على أنه تحالف كبير إلا أن مصر تنظر إليه أنه تحالف وقتي وسريع نتيجة ظروف معينة، وهو ضد إيران وإسرائيل، لكن مصر أولوياتها في استقرار المنطقة وفي تحالفات دائمة فإنها تسعى إلى استقرار المنطقة وتخفيض التوتر في ليبيا وفي السودان وفلسطين وحماية أمنها في البحر المتوسط وحماية مصالحها المائية وحماية القرن الإفريق.
إقرأ أيضاً: إيران على مفترق طرق: أزمة وجودية بين الجمود النووي والضغوط الداخلية والخارجية
تحول استراتيجي في موازين القوى
ومن وجهة نظر باكستانية قال حضرة علي يوسفزاي – خبير في الشؤون الباكستانية، في تصريحات خاصة لموقع “داي نيوز” الإخباري، أن هذه الاتفاقيات ستُمثل تحولاً كبيراً في النموذج الأمني للشرق الأوسط. يعكس اتفاق الدفاع الباكستاني السعودي بالفعل إطاراً شبيهاً بحلف الناتو، حيث “يُعتبر الهجوم على أحدهما عدواناً على كليهما”. يُوضح هذا المبدأ أن باكستان مُلزمة بالرد بحزم في حال واجهت السعودية عدواناً.
يُمثل هذا الاتفاق رادعاً قوياً أيضاً. وبما أنه ينص صراحةً على أن الاعتداء على أحد الشريكين سيؤدي إلى رد فعل جماعي، فإن أي جهة معادية – بما في ذلك إسرائيل – ستُفكر ملياً قبل الانخراط في عمل عسكري ضد السعودية. وإذا وُسِّع ليشمل المزيد من الدول العربية، فإن تأثير الردع سيتضاعف.
هل تدخل إيران ضمن هذا الإتفاق النووي؟
وأضاف يوسفزاي أنه بالنسبة لإيران، فالوضع أكثر تعقيداً. حالياً، تُدرك الرياض أمنها تحت مظلة نووية، وتظل اللاعب الرئيسي في هذا الاتفاق. ونظراً لتاريخ التنافس بينهما، فمن غير المرجح أن توافق السعودية على ضم إيران. في الواقع، فإن أي محاولة لدمج إيران في إطار دفاعي كهذا ستُثير قلق واشنطن على الفور، والتي من المرجح أن تعمل على منعها.
وأختتم حديثه: “مع ذلك، في سيناريو افتراضي تجتمع فيه القوة العسكرية الباكستانية، وقدرات إيران، والقوة المالية العربية تحت مظلة واحدة، سيُنافس هذا التكتل حلف الناتو من حيث القدرة الدفاعية. ومن شأن هذا التحالف أن يُحدث تغييرًا جذريًا في ميزان القوى، ليس فقط في الشرق الأوسط، بل في المشهد الأمني العالمي بأكمله”.