تقارير

ما هى العقوبات الأممية التي سيعاد فرضها على إيران ؟

في تطور دراماتيكي يعكس تصعيداً في التوترات الدولية، أقر مجلس الأمن التابع للأمم المتحدة، يوم 26 سبتمبر 2025، رفض اقتراح روسي-صيني يهدف إلى تأجيل إعادة فرض العقوبات على إيران لمدة ستة أشهر، مما أدى إلى تفعيل آلية “الزناد” (snapback) تلقائياً.

وصلت هذه الخطوة إلى ذروتها مساء السبت 27 سبتمبر 2025، عند الساعة الثامنة مساءً بتوقيت نيويورك (الثالثة والنصف صباحاً بتوقيت طهران يوم الأحد 28 سبتمبر)، حيث دخلت العقوبات حيز التنفيذ الكامل، لأول مرة منذ عقد تقريباً.

كانت هذه العقوبات قد رُفعت مؤقتاً بموجب الاتفاق النووي الشامل المشترك (JCPOA) عام 2015، الذي وقعته إيران مع مجموعة القوى العالمية (الولايات المتحدة، بريطانيا، فرنسا، ألمانيا، الصين، روسيا، والوكالة الدولية للطاقة الذرية)، مقابل تقييد برنامجها النووي. ومع ذلك، اتهمت الدول الأوروبية الثلاث (بريطانيا، فرنسا، ألمانيا – المعروفة بـ”E3″) طهران بـ”عدم الالتزام الجوهري” بالاتفاق، مما دفعها إلى إطلاق عملية إعادة الفرض في 28 أغسطس 2025، بعد فشل محادثات مكثفة في نيويورك خلال الجمعية العامة للأمم المتحدة.

 خلفية التصعيد

بدأ الأمر بقرار مجلس الأمن رقم 2231 لعام 2015، الذي أنهى العقوبات السابقة (التي شملت قرارات 1696، 1737، 1747، 1803، 1835، و1929 بين 2006 و2010) مقابل التزام إيران بقيود نووية صارمة، مثل تقليل تخزين اليورانيوم المخصب، وقصر مستوى التخصيب عند 3.67%، وفتح منشآتها أمام تفتيش الوكالة الدولية للطاقة الذرية. أدى انسحاب الولايات المتحدة من الاتفاق في 2018 تحت قيادة الرئيس السابق دونالد ترامب إلى إعادة فرض عقوبات أمريكية أحادية، مما دفع إيران إلى تعليق التزاماتها تدريجياً، بما في ذلك زيادة تخصيب اليورانيوم إلى 60%، وتراكم مخزون يتجاوز 400 كيلوغرام من اليورانيوم المخصب عالياً.

في 2025، تصاعد الوضع بعد غارات إسرائيلية-أمريكية على منشآت نووية وصاروخية إيرانية في يونيو، تلتها قرارات الوكالة الدولية للطاقة الذرية بإدانة إيران لعدم احترام ضماناتها النووية الدولية.

حذرت E3 في يوليو من تفعيل “آلية الزناد” إذا لم يحدث تقدم بحلول نهاية أغسطس، وفعلتها في الـ28 من الشهر نفسه، مما أعطى 30 يوماً للدبلوماسية.

عرضت الدول الأوروبية تأجيلاً لستة أشهر مقابل استعادة إيران للوصول الكامل للمفتشين النوويين، ومعالجة مخزون اليورانيوم، وانخراط في حوار مع واشنطن، لكن طهران رفضت، معتبرة الخطوة “غير قانونية” و”سياسية”.

أكد الرئيس الإيراني مسعود بزشكيان أن بلاده “مستعدة لأي سيناريو”، لكنه أعرب عن أمله في تجنبها، مشدداً على أنها “ليست نهاية العالم”.

 ردود الفعل الدولية: انقسام حاد

في التصويت على اقتراح روسيا والصين يوم 26 سبتمبر، حصل على 4 أصوات فقط مؤيدة (روسيا، الصين، ودولتان أخريتان غير محددتين)، مقابل 9 معارضة (بما فيها بريطانيا، فرنسا، الولايات المتحدة، والمملكة المتحدة)، وامتناع اثنتين. وصفت روسيا الخطوة بـ”المعيبة قانونياً ومدمرة سياسياً”، معتبرة أن E3 انتهكت الاتفاق أولاً باحتفاظها بعقوباتها. أ

يدت الصين الرفض، ودعت إلى حوار مستمر مع الوكالة الدولية للطاقة الذرية. من جانبها، رحبت الولايات المتحدة بالنتيجة، واصفة الاقتراح بـ”محاولة فارغة لإعفاء إيران من المساءلة”، بينما أكد ممثل فرنسا جيروم بونافون أن الدبلوماسية مفتوحة رغم العقوبات.

استدعت إيران سفراءها في لندن وباريس وبيرلين لاستشارات، وهددت بتعليق التعاون مع الوكالة النووية، وربما الانسحاب من معاهدة حظر الانتشار النووي (NPT)، مما ينهي التدقيق الدولي على برنامجها. ومع ذلك، أكدت طهران عدم نيتها الانسحاب من NPT فوراً.

أعربت الإمارات العربية المتحدة، في تقييم للرئيس محمد بن زايد، عن متابعة التداعيات على استقرار المنطقة، محذرة من رد إيران المحتمل الذي قد يشمل تصعيداً عسكرياً أو اضطرابات بحرية، ودعت إلى مقاربة دبلوماسية متوازنة. كما أجرت محادثات الشيخ طحنون بن زايد مع مسؤول أمريكي رفيع لمناقشة الآثار.

 تفاصيل العقوبات المعاد فرضها

تعيد هذه العقوبات جميع الإجراءات السابقة إلى الحياة، وتشمل قيوداً شاملة على النووي والصواريخ والأسلحة، بالإضافة إلى عقوبات مالية وتجارية. إليك التفاصيل الرئيسية:

– الحظر على الأسلحة والتجارة العسكرية: حظر كامل على تصدير أو استيراد الأسلحة التقليدية من/إلى إيران، بما في ذلك الطائرات والدبابات والصواريخ، مع إذن للدول بمصادرة أي شحنات محظورة. يمتد هذا إلى منع إيران من اكتساب أي مصالح في أنشطة تجارية تتعلق بتعدين اليورانيوم أو إنتاج المواد النووية.

– قيود نووية صارمة: حظر على تخصيب اليورانيوم وإعادة معالجته، ومنع نقل أي تقنيات أو مواد نووية إلى إيران. كما يُمنع أي تعاون دولي في هذه المجالات، مع التركيز على منع تطوير أسلحة نووية.

– عقوبات على الصواريخ الباليستية: حظر على أي أنشطة تتعلق بصواريخ قادرة على حمل رؤوس نووية، بما في ذلك التصميم، الإنتاج، أو الاختبار، مع مصادرة أي مواد ذات صلة.

– تجميد الأصول وحظر السفر: تجميد أصول إيرانية عالمياً، وحظر سفر على أفراد وكيانات إيرانية محددة (مثل مسؤولين في البرنامج النووي أو الحرس الثوري)، بالإضافة إلى قوائم سوداء تشمل عشرات الأسماء والجهات.

 

– قيود اقتصادية وطاقوية: عقوبات على قطاع الطاقة الإيراني، بما في ذلك حظر تصدير النفط والغاز، ومنع الاستثمارات الأجنبية في هذا القطاع. تشمل أيضاً قيوداً على التمويل والتجارة، مما يعزز الضغوط على الاقتصاد الإيراني الذي يعاني بالفعل من تضخم يصل إلى 40%، وعجز ميزانية، ونقص في الكهرباء والمياه.

تشكل هذه اللجان الرقابية (مثل لجنة عقوبات قرار 1737 وفريق خبراء 1929) مسؤولة عن مراقبة التنفيذ، وكشف الالتفافات، ومعالجة الإعفاءات الإنسانية. قد تضيف الاتحاد الأوروبي عقوباته الخاصة الأسبوع المقبل، بينما تعتبر روسيا والصين العقوبات “باطلة” وتستمر في تعاونها مع طهران.

التأثيرات المتوقعة

مع اقتصاد إيران المعذب بالفعل بعقوبات أمريكية منذ 2018، تُتوقع العقوبات الأممية تفاقم الأزمة، خاصة على الشركات الصغيرة والمتوسطة التي تمثل 90% من الوحدات الصناعية ونصف التوظيف. قد تؤدي إلى ارتفاع أسعار النفط عالمياً، وزيادة الفقر، واضطرابات اجتماعية داخلية.

على الصعيد الإقليمي، حذرت إيران من “تصعيد عسكري” أو دعم وكلاء إقليميين، مما يثير مخاوف من عدم استقرار في الخليج أو مضيق هرمز.

ومع ذلك، يرى بعض الدبلوماسيين أن الباب مفتوح لصفقة جديدة، خاصة مع انتهاء صلاحية آلية الزناد في 18 أكتوبر 2025، لكن الخبراء يحذرون من أن الضغط قد يدفع إيران نحو عزلة أكبر أو تسريع برنامجها النووي، مما يجعل المنطقة أكثر خطراً.

Mariam Hassan

مريم حسن كاتبة وصحفية متخصصة في الشأن الهندي ـ الباكستاني و جنوب شرق آسيا خبرة سنتين في مجال العمل الصحفي والإعلامي. أماكن العمل : داي نيوز الإخباري. أعمل على ترجمة وتحرير الأخبار والتقارير الصحفية المتنوعة. تحليل و دراسة التحولات السياسية والتهديدات الأمنية في آسيا وانعكاساتها على الأمن القومي المصري والعربي. متابعة التطورات الاقتصادية والتكنولوجية، وتحليل سياسات القوى الإقليمية وأنماط التحالفات بين جنوب آسيا والشرق الأوسط.

مقالات ذات صلة

اترك تعليقاً

زر الذهاب إلى الأعلى