عقاب جماعي في سوهاج: احتجاز نساء وأطفال وهدم منازل عائلة للضغط على متهم بقضية قتل

في واقعة أثارت الغضب والإدانة الواسعة، شنت قوات الأمن في محافظة سوهاج حملة أمنية واسعة النطاق ضد أفراد عائلة “عبد النبي” المنتسبة إلى قرية الحلافي بدائرة مركز البلينا جنوب المحافظة.
بدأت العملية باقتحام المنازل المملوكة للعائلة في وقت مبكر، حيث قامت القوات باعتقال عشرات النساء والفتيات والأطفال منهم، ونقلهم إلى داخل حجرات الاحتجاز في مركز شرطة البلينا.
وفقاً للتقارير، يُقدر عدد المحتجزين بأكثر من 20 شخصاً، بما في ذلك أطفال صغار ونساء كبار في السن، الذين تم احتجازهم في ظروف قاسية دون توفير الرعاية الأساسية الكافية.
لم تقف الإجراءات عند الاعتقال، بل امتدت إلى هدم المنازل الخاصة بالعائلة بشكل فوري ومنظم، تحت ذريعة عدم وجود تراخيص بناء رسمية للمباني. شهود عيان وصفت العملية بأنها “عقاب جماعي” واضح، حيث استخدمت الآليات الثقيلة مثل الجرافات لتسوية الجدران والأسقف، مما أدى إلى تدمير كامل لعدة وحدات سكنية، وترك العائلة في حالة من التشرد والضياع.
أكدت مصادر محلية أن هذه الخطوات جاءت كوسيلة ضغط مباشرة لإجبار أحد أفراد العائلة، وهو قريب مطلوب، على تسليم نفسه إلى السلطات.
الشخص المطلوب متهم بارتكاب جريمة قتل ضد مواطن يدعى “رائد أحمد”، المنتمي إلى عائلة “أبو جحش”، في سياق خصومة ثأرية قديمة تعود إلى خلافات سابقة بين العائلتين في المنطقة.
أبرزت الشبكة المصرية لحقوق الإنسان، في بيان رسمي، أن هذه الممارسات تمثل انتهاكاً صارخاً للحقوق الأساسية، بما في ذلك حق الحماية من العقاب الجماعي والتمييز ضد النساء والأطفال، ودعت إلى تدخل فوري من الجهات المعنية لإطلاق سراح المحتجزين ووقف عمليات الهدم.
وأشارت الشبكة إلى أن مثل هذه الإجراءات تتعارض مع الاتفاقيات الدولية التي وقعت عليها مصر، مثل اتفاقية حقوق الطفل واتفاقية مناهضة التعذيب. كما حذرت من أن استخدام الضغط على الأبرياء للوصول إلى المشتبه بهم قد يؤجج التوترات العائلية والقبلية في المنطقة، مما يهدد الاستقرار الأمني العام.
شهادات من أقارب العائلة المحتجزة روت تفاصيل مؤلمة، حيث وصف أحد الأقارب الوضع داخل مركز الشرطة بأنه “مكتظ وغير إنساني”، مع نقص في الطعام والمياه والرعاية الطبية، خاصة للأطفال الذين يعانون من البرد والخوف.
وأضاف آخرون أن العائلة كانت تعيش في حالة من الاستقرار النسبي قبل هذه الحملة، وأن المنازل المستهدفة كانت مبنية منذ سنوات دون سابق إنذار أو إجراءات إدارية رسمية. في الوقت نفسه، أثارت الحادثة موجة من التعليقات على وسائل التواصل الاجتماعي، حيث اعتبر الكثيرون أنها تعكس نمطاً من التعامل الأمني الذي يفتقر إلى التناسب والعدالة، ودعوا إلى تحقيق مستقل لكشف الحقائق.
حتى الآن، لم تصدر السلطات الأمنية بياناً رسمياً يؤكد أو ينفي التفاصيل، لكن التقارير تشير إلى استمرار الاحتجاز دون جدول زمني محدد للإفراج، مما يزيد من القلق حول مصير المحتجزين.
تظل القضية تحت المتابعة من قبل المنظمات الحقوقية، التي تطالب بضمانات فورية لسلامة العائلة وحماية حقوقها، في ظل مخاوف من تصعيد التوترات في المناطق الريفية بسوهاج.