تقارير

إيران على مفترق طرق: أزمة وجودية بين الجمود النووي والضغوط الداخلية والخارجية

تواجه القيادة الإيرانية أزمة غير مسبوقة تُوصف بأنها الأخطر منذ الثورة الإسلامية عام 1979، نتيجة تقاطع تحديات داخلية وخارجية تهدد استقرار النظام.

تجمع هذه الأزمة بين تصاعد السخط الشعبي بسبب التدهور الاقتصادي وتفاقم العزلة الدولية جراء فشل المفاوضات النووية وإعادة فرض العقوبات الأممية.

 العزلة الدولية وتعثر الملف النووي

تعيش إيران حالة من الشلل الدبلوماسي في ملفها النووي، حيث فشلت المحادثات مع القوى الغربية، مما دفع مجلس الأمن الدولي إلى إعادة فرض عقوبات صارمة.

تشمل هذه العقوبات حظر تصدير النفط، وتقييد الأنشطة النووية والعسكرية، وتجميد الأصول المصرفية، مما يزيد من الضغط على اقتصاد إيران المنهك.

يرى المحللون أن هذه العقوبات ستعمق عزلة طهران الاقتصادية، خاصة مع اعتمادها الكبير على مبيعات النفط للصين كوسيلة للالتفاف على القيود السابقة.

في الوقت نفسه، تتزايد المخاوف من احتمال لجوء إسرائيل إلى ضربات عسكرية ضد المنشآت النووية الإيرانية إذا استمر الجمود الدبلوماسي.

هذا التهديد يضع النظام أمام خيارين صعبين: إما الخضوع لمطالب الغرب بالتخلي عن جزء من برنامجها النووي، وهو ما يُعتبر داخل النخب الحاكمة استسلاماً قد يؤدي إلى انقسامات داخلية حادة؛ أو التمسك بالموقف المتشدد، مما يعرضها لمواجهة عسكرية قد تهدد بقاء الدولة.

التحديات الداخلية: السخط الشعبي والتضخم

تواجه القيادة الإيرانية تحديات داخلية لا تقل خطورة، حيث يتصاعد الغضب الشعبي نتيجة التدهور الاقتصادي الحاد وارتفاع معدلات التضخم.

العقوبات الدولية أثرت بشكل مباشر على حياة المواطنين، مما أدى إلى تفاقم الفقر وزيادة الاستياء العام.

يخشى المسؤولون من تحول هذا السخط إلى احتجاجات واسعة النطاق، تهدد الاستقرار الداخلي وتضعف موقف النظام في المحافل الدولية.

 استراتيجية المماطلة: محاولة كسب الوقت

في مواجهة هذه الأزمات، تعتمد القيادة الإيرانية استراتيجية تهدف إلى كسب الوقت من خلال المماطلة في المفاوضات النووية، مع الحفاظ على توازن هش يتجنب اندلاع حرب شاملة أو تقديم تنازلات جوهرية تمس المبادئ الثورية.

يراهن بعض القادة على حدوث تغيرات في الظروف الدولية، مثل تحولات في السياسة الأمريكية أو الأوروبية، قد تفتح أبواباً جديدة لتخفيف الضغط.

لكن هذه الاستراتيجية تواجه تحديات داخلية، حيث تظهر انقسامات بين النخب الحاكمة حول كيفية التعامل مع الوضع، خاصة في ظل التهديدات العسكرية المتكررة.

 خيارات محدودة ومخاطر متصاعدة

تكمن الأزمة الوجودية التي تواجهها إيران في تقاطع الضغوط الاقتصادية والاحتجاجات الداخلية مع مخاطر التصعيد العسكري.

الخيارات المتاحة للنظام تبدو محصورة بين تقديم تنازلات قد تهدد وحدة النخب الحاكمة، أو التصعيد الذي قد يؤدي إلى انهيار الدولة. السؤال المحوري يبقى: هل تستطيع طهران الحفاظ على هذا التوازن الدقيق حتى تتحسن الظروف الدولية، أم أن الضغوط المتصاعدة ستؤدي إلى انفجار الأزمة داخلياً أو خارجياً؟

Mariam Hassan

مريم حسن كاتبة وصحفية متخصصة في الشأن الهندي ـ الباكستاني و جنوب شرق آسيا خبرة سنتين في مجال العمل الصحفي والإعلامي. أماكن العمل : داي نيوز الإخباري. أعمل على ترجمة وتحرير الأخبار والتقارير الصحفية المتنوعة. تحليل و دراسة التحولات السياسية والتهديدات الأمنية في آسيا وانعكاساتها على الأمن القومي المصري والعربي. متابعة التطورات الاقتصادية والتكنولوجية، وتحليل سياسات القوى الإقليمية وأنماط التحالفات بين جنوب آسيا والشرق الأوسط.

مقالات ذات صلة

اترك تعليقاً

زر الذهاب إلى الأعلى