نتنياهو يتحدث عن حرب من نوع آخر.. عبر تيك توك وإكس

أصبحت واضحة آثار العزلة الدولية التي تواجهها إسرائيل بسبب استمرار عملياتها العسكرية في قطاع غزة لأكثر من عامين، حيث شهد يوم الجمعة الماضي، 26 سبتمبر 2025، انسحاب جماعي لعشرات الوفود الدبلوماسية من الأمم المتحدة أثناء صعود رئيس الوزراء الإسرائيلي بنيامين نتنياهو إلى المنصة لإلقاء خطابه السنوي أمام الجمعية العامة.
وفي خطابه، اعترف نتنياهو بتأثير “الإعلام” السلبي على صورة إسرائيل عالميًا، محذرًا من حملة “تشويه” مدعومة بتمويلات من منظمات غير حكومية عديدة.
بعد الخطاب مباشرة، عقد نتنياهو اجتماعًا خاصًا مع مجموعة من المؤثرين الأمريكيين البارزين على منصات التواصل الاجتماعي، حيث شدد على أهمية شن “معركة مضادة” أو “حرب إعلامية” لمواجهة هذه الهجمات.
ووصف الحملة التشويهية بأنها مدعومة ماليًا من قبل جهات خارجية، داعيًا الحاضرين إلى التعاون الوثيق معهم لنشر الرواية الإسرائيلية.
وأوضح نتنياهو أن أساليب القتال في الحروب الحديثة قد تغيرت جذريًا، مشددًا على ضرورة استخدام “أسلحة جديدة”، وأبرزها منصات التواصل الاجتماعي، معتبرًا إياها الأداة الأكثر فعالية في تشكيل الرأي العام، خاصة بين الشباب واليمين الأمريكي.
في سياق هذا الاجتماع، أكد نتنياهو أن تطبيق “تيك توك” يحتل المرتبة الأولى بين هذه الأسلحة، مشيرًا إلى أن “شراء” المنصة (في إشارة إلى صفقة الاستحواذ المعلنة مؤخرًا) يُعد خطوة “حاسمة” و”مؤثرة” لتعزيز الدعم الإسرائيلي. وأضاف أن المنصة الثانية في الأهمية هي “إكس” (سابقًا تويتر)، التي يملكها الملياردير الأمريكي إيلون ماسك، داعيًا إلى التواصل المباشر معه لضمان التوافق.
وقال نتنياهو صراحة: “يمكننا الحديث مع ماسك، فهو صديق وليس عدوًا لإسرائيل”، محاولًا طمأنة الحاضرين بأن ماسك لن يعيق الجهود الإسرائيلية. وفي الفيديو الذي انتشر على وسائل التواصل، سأل نتنياهو المؤثرين مازحًا: “ما هي الأداة الأكثر أهمية التي نشتريها الآن؟”، قبل أن يجيب بنفسه: “تيك توك”، مع التأكيد على دورها في “توجيه الرسائل” و”السيطرة على السرد”.
أما في خطابه أمام الأمم المتحدة، فقد رفض نتنياهو بشدة الاتهامات الدولية بارتكاب إسرائيل “إبادة جماعية” في غزة، أو استخدام “التجويع” كأداة حربية. ووصف هذه الاتهامات بأنها “كاذبة تمامًا وبعيدة عن الواقع”، مدعيًا أن إسرائيل أصدرت أوامر إخلاء متكررة للمدنيين في غزة لإنقاذهم، قائلًا: “هل طلبت النازية من اليهود الرحيل بلطف؟”، في إشارة إلى أن مثل هذه الإجراءات تنفي النوايا الإبادية.
كما اتهم حركة حماس باستخدام المدنيين كـ”دروع بشرية” وأدوات دعائية، مضيفًا أن وسائل الإعلام الأوروبية “تلتقط هذه الدعاية كما هي دون تحقق”. وأصر على أن إسرائيل “يجب أن تكمل المهمة” ضد حماس، رافضًا فكرة الدولة الفلسطينية ومطالبًا بإطلاق سراح الرهائن المتبقين في غزة.
يأتي هذا السياق وسط تصاعد الضغوط الدولية على إسرائيل بسبب حربها المستمرة في غزة، التي أسفرت عن مقتل أكثر من 65 ألف فلسطيني، معظمهم من الأطفال والنساء، وفقًا لوزارة الصحة الفلسطينية.
وقد أكدت لجنة تحقيق مستقلة تابعة لمجلس حقوق الإنسان في الأمم المتحدة في تقريرها الأخير أن إسرائيل ارتكبت “إبادة جماعية” بحق الفلسطينيين، من خلال تدمير البنية التحتية، النزوح القسري، والقيود على المساعدات الإنسانية.
كما أصدرت المحكمة الجنائية الدولية مذكرة توقيف ضد نتنياهو بتهم جرائم حرب، بينما تعتبر المحكمة العليا للأمم المتحدة قضية جنوب أفريقيا حول الإبادة الجماعية.
وفي الولايات المتحدة، أثارت الحرب احتجاجات طلابية واسعة في الجامعات العام الماضي، مع انتقادات حادة من مؤثرين عالميين، خاصة على تيك توك، حيث انتشرت حملات ضد الحرب ودعم الفلسطينيين.
بالإضافة إلى ذلك، شهدت نيويورك مظاهرات آلاف الأشخاص أمام مقر الأمم المتحدة يوم الجمعة، مطالبين بـ”اعتقال نتنياهو” و”وقف الدعم الأمريكي لإسرائيل”، مع هتافات “نتنياهو، لا يمكنك الاختباء، نحاسبك على الإبادة الجماعية!”.
ووصفت حكومة غزة الخطاب بأنه “مليء بالكذب والتناقضات”، في محاولة يائسة لتبرير الجرائم الحربية. هذه التطورات تبرز التوتر المتزايد، حيث يحاول نتنياهو تعزيز الدعم الداخلي والأمريكي عبر “جيش المؤثرين”، بينما يواجه عزلة دولية متفاقمة.