في خطوة تاريخية تهدف إلى تعزيز الروابط الاقتصادية بين جنوب شرق آسيا وأمريكا الشمالية، وقّعت إندونيسيا وكندا اتفاقية الشراكة الاقتصادية الشاملة بين إندونيسيا وكندا (ICA-CEPA)، وهي الاتفاقية التجارية الأولى من نوعها بين البلدين.
هذا الإنجاز، الذي تم توقيعه في العاصمة الكندية أوتاوا، يمثل نقطة تحول في العلاقات الثنائية، حيث يفتح أبوابًا جديدة للتبادل التجاري، الاستثمارات، والتعاون الاقتصادي بين جاكرتا وأوتاوا، مع تركيز قوي على تحقيق النمو الاقتصادي المستدام والاستفادة من الفرص التجارية في كلا السوقين.
تفاصيل الاتفاقية وأهميتها الاستراتيجية
أعلن وزير التجارة الإندونيسي، بوي سانتوسو، أن اتفاقية ICA-CEPA تُعد الأولى التي تربط إندونيسيا بدولة في أمريكا الشمالية، كما أنها تمثل أول اتفاقية تجارية شاملة لكندا مع دولة في منطقة جنوب شرق آسيا.
هذا الإنجاز يعكس التزام البلدين بتعزيز التكامل الاقتصادي عبر القارات، حيث تسعى إندونيسيا إلى توسيع نطاق صادراتها إلى الأسواق العالمية، بينما تهدف كندا إلى تعزيز وجودها الاقتصادي في منطقة آسيا والمحيط الهادئ.
تم التوقيع على الاتفاقية بحضور الرئيس الإندونيسي برابوو سوبيانتو، ورئيس الوزراء الكندي مارك كارني، إلى جانب وزير التجارة الدولية الكندي مانيندر سيدهو، خلال زيارة رسمية قام بها الرئيس الإندونيسي إلى كندا. ووصف الرئيس برابوو هذه اللحظة بأنها “تاريخية”، مشيرًا إلى أن الاتفاقية لا تقتصر على الجوانب التجارية فحسب، بل تمتد لتشمل التعاون في مجالات الدفاع والأعمال، مما يعزز الشراكة الاستراتيجية بين البلدين.
المزايا التجارية لإندونيسيا
تتيح اتفاقية ICA-CEPA للمنتجات الإندونيسية وصولًا تفضيليًا واسعًا إلى السوق الكندية من خلال إزالة أو تخفيض الرسوم الجمركية على أكثر من 90% من الصادرات الإندونيسية، وهو ما يشمل 6,573 بندًا جمركيًا. تشمل هذه المنتجات مجموعة متنوعة من القطاعات، مثل:
– المنسوجات والأحذية: التي تشكل جزءًا كبيرًا من الصادرات الإندونيسية.
– الأثاث: بما في ذلك الأثاث الخشبي والمصنوعات اليدوية.
– الأغذية المعلبة: مثل المأكولات البحرية المعالجة والمنتجات الزراعية المصنعة.
– الإلكترونيات الاستهلاكية: مثل الأجهزة المنزلية الصغيرة.
– قطع غيار السيارات: التي تشهد طلبًا متزايدًا في السوق الكندية.
– منتجات متخصصة: مثل أعشاب الطيور، الجرانيت، والرخام.
بعض هذه المنتجات ستحصل على إعفاء فوري من الرسوم الجمركية، بما في ذلك المأكولات البحرية، الأغذية المعالجة، والحرف اليدوية المصنوعة من الألياف الطبيعية، مما يعزز القدرة التنافسية للمنتجات الإندونيسية في السوق الكندية.
المزايا التجارية لكندا
في المقابل، ستفتح إندونيسيا 85.54% من سوقها المحلي، أي ما يعادل 9,764 بندًا جمركيًا، أمام الواردات الكندية. تشمل المنتجات الكندية المستفيدة من هذه الاتفاقية:
– لحوم الأبقار المجمدة: التي تشهد طلبًا متزايدًا في السوق الإندونيسي.
– القمح: الذي يُعد من أهم الصادرات الكندية إلى إندونيسيا.
– البطاطس والمأكولات البحرية: التي تتمتع بشعبية في السوق المحلية.
– الأسمدة وعجينة الخشب: وهي منتجات تدعم القطاعات الزراعية والصناعية في إندونيسيا.
الأثر الاقتصادي المتوقع
تشير التقديرات إلى أن اتفاقية ICA-CEPA ستعزز بشكل كبير الاقتصاد الإندونيسي، مع توقعات بتحقيق الآتي:
– زيادة الصادرات: من المتوقع أن تصل الصادرات الإندونيسية إلى كندا إلى 11.8 مليار دولار أمريكي بحلول عام 2030.
– نمو الناتج المحلي الإجمالي: ارتفاع بنسبة 0.12% في الناتج المحلي الإجمالي لإندونيسيا.
– زيادة الاستثمارات: توقعات بارتفاع الاستثمارات بنسبة 0.38%، خاصة في القطاعات الاستراتيجية مثل الطاقة، الزراعة، والصناعات التحويلية.
من الجانب الكندي، ستتيح الاتفاقية فرصًا للمستثمرين الكنديين لتوسيع استثماراتهم في إندونيسيا، خاصة في القطاعات ذات النمو السريع مثل الطاقة المتجددة، التكنولوجيا، والزراعة.
الوضع التجاري الحالي
شهد التبادل التجاري بين إندونيسيا وكندا نموًا ملحوظًا في السنوات الأخيرة. خلال الفترة من يناير إلى يوليو 2025، بلغ حجم التجارة الثنائية 2.72 مليار دولار أمريكي، بزيادة 30% مقارنة بالعام السابق الذي سجل 2.09 مليار دولار. وتوزعت هذه القيمة كالتالي:
– الصادرات الإندونيسية: 1.01 مليار دولار، تشمل المنسوجات، الأحذية، والمنتجات الزراعية.
– الواردات من كندا: 1.71 مليار دولار، مدفوعة بشكل رئيسي بالقمح، الأسمدة، فول الصويا، عجينة الخشب، والذهب.
في عام 2023، حققت إندونيسيا فائضًا تجاريًا مع كندا بقيمة 2.5 مليار دولار، مما يعكس الإمكانات الكبيرة لتوسيع هذه العلاقة التجارية.
