لعبة “الحوت الأزرق”.. خطر رقمي يعود ليصطاد المراهقين

شهدت مصر واقعة مأساوية جديدة أعادت إلى الأذهان خطورة الألعاب الإلكترونية المظلمة، حيث أنهى طالب بالصف الثاني الإعدادي، يبلغ من العمر 13 عامًا، حياته شنقًا داخل غرفته بعد انجرافه وراء تحديات لعبة “الحوت الأزرق” القاتلة.
هذه اللعبة التي ظهرت لأول مرة في روسيا عام 2013، وانتشرت عالميًا بعد 2016، ما زالت تُصنف كواحدة من أخطر أشكال “الإرهاب الإلكتروني”، إذ تستهدف المراهقين تحديدًا، وتدفعهم تدريجيًا إلى الانتحار عبر سلسلة من التحديات النفسية.
كيف تعمل اللعبة؟
بحسب الدكتور محمد محسن رمضان، رئيس وحدة الذكاء الاصطناعي والأمن السيبراني بمركز العرب للأبحاث والدراسات، فإن “الحوت الأزرق” ليست مجرد تطبيق يمكن حظره، بل شبكة من التحديات تُدار داخل مجموعات مغلقة على منصات التواصل الاجتماعي.
يقوم “المشرفون” باستغلال الاضطرابات النفسية والعاطفية للمراهقين، معتمدين على ما يُعرف في علم النفس بـ”الرباعي المظلم”: السادية، النرجسية، الميكيافيلية، والاعتلال النفسي.
البداية تكون بتكليف المراهق بمهام بسيطة، مثل رسم حوت على ذراعه بأداة حادة، ثم يُطلب منه مشاهدة أفلام رعب، الاستيقاظ ليلًا، والانعزال عن محيطه الاجتماعي. ومع مرور الأيام، تتصاعد التحديات وصولًا إلى المهمة الأخيرة: الانتحار، كدليل على الولاء الكامل للعبة.
اللعبة تتكون من 50 مهمة موزعة على 50 يومًا، تبدأ بريئة المظهر ثم تتحول تدريجيًا إلى سلسلة خطوات خطيرة تنتهي بالمأساة.
لماذا تستهدف المراهقين؟
اللواء أبوبكر عبدالكريم، مساعد أول وزير الداخلية المصري الأسبق، أوضح أن الفئة العمرية بين 12 و16 عامًا هي الأكثر عرضة لهذا النوع من الاستغلال. في هذه المرحلة الحرجة، يبحث المراهق عن التحدي والاختلاف، بينما يعاني البعض من العزلة الاجتماعية وضعف الوعي الرقمي، ما يجعلهم أهدافًا سهلة للمشرفين على اللعبة.
كيف نواجه الظاهرة؟
عودة “الحوت الأزرق” تضع المجتمع أمام تحدٍ خطير: حماية الأبناء من المصائد الرقمية القاتلة.
ويرى الخبراء أن المواجهة تستند إلى أربعة محاور رئيسية:
1. رقابة أسرية ذكية: متابعة استخدام الأبناء للإنترنت دون قمع أو ترهيب.
2. التثقيف الرقمي: إدخال مناهج تعليمية تُعزز وعي المراهقين بالتكنولوجيا ومخاطرها.
3. تشريعات صارمة: تجريم إنشاء أو نشر تحديات تهدد حياة الشباب.
4. مسؤولية مجتمعية شاملة: دور الإعلام والمؤسسات الدينية والتربوية في نشر الوعي والتحذير.
الانتحار الأخير الذي أودى بحياة طالب صغير ليس مجرد حادث فردي، بل ناقوس خطر ينبه إلى أن الأمن السيبراني أصبح قضية حياة أو موت للأجيال الجديدة.