أخبار دوليةتقارير

ترامب يفاجئ الجميع: أوكرانيا قادرة على هزيمة موسكو

كتب:إسلام ماجد

في خطوة غير مسبوقة، أبدى الرئيس الأميركي دونالد ترامب ثقة كبيرة في قدرة أوكرانيا على استعادة جميع أراضيها المحتلة من روسيا، واصفًا اللحظة الراهنة بأنها “المثالية” للتحرك، بسبب الأزمات الاقتصادية العميقة التي تعاني منها موسكو.

جاء هذا الموقف عقب لقاء جمعه بالرئيس الأوكراني فولوديمير زيلينسكي على هامش اجتماعات الجمعية العامة للأمم المتحدة في نيويورك، ما أثار موجة من التساؤلات حول ما إذا كان الأمر يشير إلى تغيير جذري في السياسة الأميركية أم مجرد خطاب دبلوماسي عابر.

هذا الموقف يمثل انقلابًا على تصريحات سابقة لترامب كان خلالها يشجع كييف على تقديم تنازلات إقليمية لوقف الحرب سريعًا، وهو ما اعتبره كثيرون مؤشرًا على إمكانية وجود “صفقات خلف الكواليس” تمنح روسيا شرعية لاحتلالها أما اليوم، فخطابه بدا أقرب إلى دعوة صريحة للتصعيد العسكري ضد موسكو.

منشور على “تروث سوشيال” يثير الجدل

بداية القصة كانت مع منشور نشره ترامب على منصته الخاصة “تروث سوشيال”، كتب فيه:”بوتين وروسيا يواجهان مشكلات اقتصادية كبيرة، وهذا هو الوقت المناسب لأوكرانيا للتحرك”.
وأضاف:”بعد أن رأيت المشكلات الاقتصادية التي يسببها الحرب لروسيا، أعتقد أن أوكرانيا، بدعم من الاتحاد الأوروبي، في موقع يسمح لها بالقتال والفوز واستعادة أوكرانيا كاملة بصورتها الأصلية”.
هذا التصريح يعني عمليًا أن كييف مطالبة بطرد القوات الروسية من حوالي 20% من أراضيها، بما فيها شبه جزيرة القرم التي ضمتها موسكو منذ عام 2014 تحولٌ بمقدار 180 درجة، اعتبره مراقبون “استثنائيًا” في سياق حرب مستمرة منذ فبراير 2022.

تفاؤل أوكراني وحذر أوروبي

زيلينسكي وصف اللقاء بأنه “جيد وبنّاء”، ممتنعًا عن كشف تفاصيل، لكنه أشاد بتصريحات ترامب كـ”تحول كبير”، وأكد في مؤتمر صحفي أن هناك تفاهماً بشأن الاقتصاد الروسي المتدهور، وأن ترامب أبدى استعدادًا لتقديم ضمانات أمنية لأوكرانيا بعد انتهاء الحرب، بل ذهب أبعد من ذلك حين وصفه بأنه “مغير لقواعد اللعبة”.
الاتحاد الأوروبي بدوره رحب بالموقف الجديد، إذ قالت منسقة السياسة الخارجية كايا كالاس: “لقد كانت تصريحات قوية جداً لم نسمعها من قبل في مثل هذه المناسبات، ومن الجيد أننا على التفاهم ذاته الآن”.

اقرأ أيضاً: الإمارات: اجتماع ترامب مع قادة دول إسلامية ركّز على وقف دائم لإطلاق النار في غزة

بين التصعيد والالتزامات الغائبة

ورغم الحدة في الخطاب، لم يُعلن ترامب عن أي قرارات ملموسة، الالتزام الوحيد الذي أعلنه هو الاستمرار في تزويد الناتو بالأسلحة، عبر آلية جديدة تتيح للدول الأوروبية شراء المعدات الأميركية مباشرة لدعم أوكرانيا.

في المقابل، لم يلقَ طلب زيلينسكي المتكرر بفرض عقوبات إضافية صارمة على موسكو أي استجابة فورية من واشنطن.
التناقض بدا أوضح عند مقارنته بقمة ألاسكا الشهر الماضي، حين استقبل ترامب الرئيس الروسي فلاديمير بوتين بحرارة، في محاولة معلنة لتسريع إنهاء الحرب، لكن في نيويورك، وصف الجيش الروسي بأنه “نمر من ورق” يقاتل “بلا هدف”، مؤكدًا أن أي جيش حقيقي كان سينهي الحرب في أقل من أسبوع.

ردود روسية وأميركية متباينة

الرد الروسي لم يتأخر، إذ قلل نائب السفير لدى الأمم المتحدة ديمتري بوليانسكي من أهمية تصريحات ترامب، قائلاً: “لا تنفعلوا كثيرًا بشأن كل تغريدة”.
أما في الداخل الأميركي، فقد اعتبر النائب الديمقراطي السابق توم مالينوفسكي أن خطاب ترامب يمثل “تحولًا مذهلًا بـ180 درجة”، لكنه حذر من أن هذا الموقف قد لا يدوم طويلًا، مضيفًا: “بوتين سيسأل: ما الذي سيفعله ترامب فعليًا لمساعدة أوكرانيا على الفوز؟ إذا لم يكن هناك شيء، فهي مجرد كلمات”.

السياق الأوسع: حرب طويلة وضغوط اقتصادية

تصريحات ترامب تأتي في ظل تعقيدات ميدانية متزايدة، إذ يواجه الجيش الروسي ضغوطًا اقتصادية متراكمة بفعل العقوبات الدولية والخسائر البشرية، فيما تكابد أوكرانيا استنزافًا عسكريًا طويل الأمد.

ومع اقتراب فصل الشتاء، الذي قد يعقد العمليات العسكرية ويزيد الحاجة إلى الدعم الخارجي، يظل السؤال قائمًا: هل يتحول هذا التحول المفاجئ في خطاب ترامب إلى سياسة عملية تغير مسار الحرب، أم أنه سيظل مجرد تصريح عابر في موسم الأمم المتحدة؟

رضا سعد مدير مركز جنيف للدراسات السياسية
رضا سعد مدير مركز جنيف للدراسات السياسية

مدير مركز جنيف للدراسات السياسية لـ”داي نيوز”: تصريحات ترامب تجاه روسيا مجرد خطاب سياسي بلا فاعلية عملية

في سياق متصل، قال رضا سعد، مدير مركز جنيف للدراسات السياسية والمحلل السياسي، في تصريحات خاصة لـ”داي نيوز”، إن موقف الرئيس الأميركي دونالد ترامب الأخير تجاه روسيا وأوكرانيا جاء نتيجة فشل المحاولات الأميركية في احتواء الأزمة، خاصة بعدما كان ترامب قد تعهّد خلال حملته الانتخابية بقدرته على إنهاء الحرب خلال 24 ساعة.

وأضاف سعد أن ترامب كان يأمل بعد لقائه بالرئيس الروسي فلاديمير بوتين أن يبدي الأخير مرونة في الملف الأوكراني، إلا أن المصالح الاستراتيجية الروسية تمنع أي تنازلات، مشيرًا إلى أن الكرملين يسعى إلى تحقيق أهدافه المعلنة منذ بداية العملية العسكرية، خصوصًا ما يتعلق بمنع انضمام أوكرانيا إلى الناتو أو أي تحالفات قد تهدد الأمن القومي الروسي.

وأوضح الخبير أن الأقاليم التي ضمتها روسيا تتمتع بموقع استراتيجي وتضم غالبية ناطقة بالروسية، وهو ما يمنح موسكو مبررًا إضافيًا للتشبث بها، بينما ترفض كييف الاعتراف بذلك. وأشار إلى أن تصريحات ترامب السابقة كانت تميل إلى دفع أوكرانيا للتنازل عن هذه الأراضي، ما شكّل “خيبة أمل” بالنسبة له ودفعه مؤخرًا لرفع سقف الخطاب ضد روسيا.

لكن، بحسب سعد، فإن هذا التصعيد يبقى مجرد خطاب سياسي قوي دون خطوات عملية، إذ إن ترامب ربط دعمه بقدرة الاتحاد الأوروبي على القيام بالدور الأكبر في تمويل ودعم أوكرانيا. وعلّق قائلاً: “هو يريد أن يقاتل الأميركي بآخر جندي أوكراني وبآخر يورو أوروبي”.

وأكد أن هذه السياسة لا تختلف عن نهج إدارة بايدن، حيث لم يكن بوسع أوكرانيا الصمود أمام الزحف الروسي لولا الدعم العسكري والاستخباراتي الأميركي المباشر. وأضاف: “لا أعتقد أن أوروبا وحدها قادرة على استرجاع الأراضي الأوكرانية دون مظلة عسكرية أميركية واضحة”.

اقرأ أيضاً:بريطانيا تطلق موقعاً على الإنترنت المظلم لتجنيد جواسيس من روسيا وأنحاء العالم

ووصف سعد تصريحات ترامب بأنها متقلبة وغير مستقرة، قائلاً: “ترامب معروف بتبدل مواقفه؛ يطلق تصريحًا صباحًا ثم يتراجع مساء، سبق أن تحدث عن ضم كندا وغرينلاند وتحويل غزة إلى منطقة سياحية. لذلك لا ينظر المجتمع الدولي بجدية كبيرة إلى تصريحاته”.

واختتم الخبير السياسي حديثه بالقول إن هذه اللهجة التصعيدية قد تؤدي إلى توتير العلاقات مع موسكو على المدى القصير، لكنها لن تمنع عودة ترامب مستقبلاً إلى عقد صفقات تخدم المصالح الاقتصادية الأميركية، خصوصًا في مجال المعادن والصفقات المالية داخل أوكرانيا، مشددًا على أن “واشنطن لن تدخل حربًا مباشرة مع روسيا من أجل أوكرانيا”.

 

 

مقالات ذات صلة

اترك تعليقاً

زر الذهاب إلى الأعلى