ثورة في حفظ وزراعة الأعضاء.. تجميد بدون تشقّق يفتح آفاقاً جديدة

حقق باحثون في جامعة Texas A\&M الأميركية تقدماً علمياً كبيراً في مجال زراعة الأعضاء، من خلال تطوير طريقة جديدة لحفظ الأنسجة بالتبريد (Cryopreservation) تسمح بتجميد الأعضاء عند درجات حرارة منخفضة دون حدوث التشققات التي لطالما شكلت عقبة أمام هذا المجال لعقود.
وقد نُشرت نتائج الدراسة في مجلة *Nature* العلمية، وتم تمويل البحث من المؤسسة الوطنية للعلوم الأميركية (NSF).
من الخيال العلمي إلى الواقع
لطالما كان حفظ الأنسجة بالتبريد يبدو بعيد المنال، على الرغم من محاولات استمرت قرابة المئة عام. وفي عام 2023، نجح فريق من جامعة مينيسوتا في زراعة كلية مجمّدة في فأر، لكن الانتقال للأعضاء الأكبر ظل صعباً بسبب التشققات الناتجة عن التجميد السريع، والتي تتلف الأنسجة وتحد من فائدتها.
السر في “الانتقال الزجاجي”
قاد الدكتور ماثيو باول-بالم فريق البحث، وشرح أن الحل يكمن في رفع ما يُعرف بدرجة الانتقال الزجاجي (Glass Transition Temperature) للمحاليل المستخدمة في التزجيج، حيث تُحوّل هذه المحاليل الأنسجة إلى حالة تشبه الزجاج، تُجمّد فيها الخلايا دون أن تتكون بلورات جليدية مدمّرة.
وأشار باول-بالم إلى أن المحاليل ذات درجات الانتقال الزجاجي الأعلى تقلّ احتمالية تسببها في التشقّق، ما يمكّن من تصميم محاليل أكثر أماناً لحفظ الأعضاء لفترات أطول.
فوائد تتجاوز زراعة الأعضاء
التقنية الجديدة لا تقتصر على مجال زراعة الأعضاء فحسب، بل تمتد لتشمل حفظ التنوع البيولوجي، تخزين اللقاحات، وتقليل هدر الغذاء. وأكد البروفيسور غييرمو أغيلار، رئيس قسم الهندسة الميكانيكية وأحد المشاركين في الدراسة، أن النتائج تمثل تقدماً أساسياً في فهم الديناميكيات الحرارية للمحاليل المائية، وقد تتيح الحفاظ على النظم البيولوجية على مستويات متعددة، من الخلايا المفردة إلى الأعضاء الكاملة
ما بعد تحدي التشقّق
رغم التفاؤل الكبير، يحذر الباحثون من أن منع التشقّق خطوة أولى فقط. إذ يجب التأكد من أن المحاليل متوافقة حيوياً ولا تسبب سمية للأنسجة. ولا تزال التجارب على البشر بعيدة، بينما تركز المرحلة الحالية على توسيع نطاق الاختبارات على أنواع مختلفة من الأعضاء.
إذا أثبتت التقنية فعاليتها على المدى الطويل، فإنها قد تُحدث ثورة في طب زراعة الأعضاء، حيث يمكن حفظ الأعضاء لفترات أطول، ما يقلّص قوائم الانتظار، ويزيد فرص نجاح العمليات، وينقذ حياة مئات الآلاف سنوياً.