تقارير

تقرير تحليلي | غزة على فوهة بركان: اجتياح بري إسرائيلي يفتح أبواب المجهول

دخلت الحرب في قطاع غزة، المشتعلة منذ 7 أكتوبر 2023، مرحلة وُصفت بالأخطر، مع إعلان الجيش الإسرائيلي بدء عملية برية واسعة داخل مدينة غزة، بالتوازي مع قصف جوي وبحري مكثف. رئيس الوزراء بنيامين نتنياهو وصف التوغل بأنه “مرحلة حاسمة” تهدف إلى القضاء على حركة حماس وتدمير بنيتها التحتية، فيما تبنّى الجيش تكتيك “التقدم التدريجي تحت غطاء نيران كثيفة”.

هذه التطورات دفعت إلى نزوح جماعي بين سكان القطاع البالغ عددهم أكثر من مليوني نسمة.

غضب عربي وتحذيرات أممية

الردود الإقليمية جاءت سريعة؛ إذ أدانت مصر التصعيد ورفضت أي سيناريو للتهجير القسري، مع تأكيد الرئيس عبد الفتاح السيسي على استمرار الجهود السياسية والإنسانية لإدخال المساعدات.

الخارجية الفلسطينية وصفت ما يحدث بـ”جريمة كبرى”، فيما رأت حماس أن الأمر يمثل “حرب إبادة جماعية”. على الصعيد الدولي، حذّر مفوض الأمم المتحدة السامي لحقوق الإنسان من مؤشرات على جرائم حرب، بينما نبّه الاتحاد الأوروبي إلى “كارثة إنسانية وشيكة”.

مخطط تهجير وتدمير شامل

المحلل السياسي الدكتور عزام شعث اعتبر أن الاجتياح يهدف إلى “تدمير مدينة غزة بالكامل على غرار رفح وخان يونس”، في إطار مشروع لإجبار السكان على النزوح.

وأكد أن العملية تحظى بدعم أمريكي واضح، وسط ضعف الردع الدولي وتجاهل مخرجات القمة الإسلامية الطارئة في الدوحة التي اكتفت بالبيانات دون إجراءات تنفيذية.

مصر بين الدبلوماسية والاستعداد العسكري

مصدر مصري رفيع المستوى كشف عن متابعة التطورات عبر لجنة عليا تضم الأجهزة السيادية، مؤكداً أن القاهرة تدرس جميع السيناريوهات بما فيها الخيار العسكري، رغم تفضيل المسار الدبلوماسي.

في المقابل، رفعت القوات المصرية جاهزيتها في شمال سيناء، مع انتشار دبابات ومدرعات قرب معبر رفح، في رسالة ردع مباشرة لتل أبيب. وتشير التقديرات إلى وجود أكثر من 88 كتيبة مصرية في المنطقة، أي ما يتجاوز القيود الواردة في اتفاقية السلام مع إسرائيل.

أصوات تحذير مصرية

الدبلوماسي رخا أحمد حسن حذر من أن التصعيد قد يشعل حرباً إقليمية شاملة، مشيراً إلى أن عمليات الهدم في غزة تمثل “مجازر ضد الإنسانية”.

فيما اعتبر أستاذ العلوم السياسية طارق فهمي أن القاهرة تبعث برسائل غير مسبوقة عبر تصريحات الرئيس السيسي الرافضة للتهجير. وأوضح أن إسرائيل تسيطر فعلياً على نحو 60% من القطاع، بينما تموّل منظمات يهودية خطط تهجير جديدة، سواء عبر البحر أو الجو.

الضوء الأخضر الأمريكي

التصعيد الإسرائيلي تزامن مع زيارة وزير الخارجية الأمريكي ماركو روبيو إلى تل أبيب. محللة الشؤون الأمريكية إيرينا تسوكرمان قالت إن إدارة ترامب ترى في معركة غزة مدخلاً لإعادة ترتيب المنطقة، عبر “تفكيك بنية حماس” كشرط للتطبيع مع السعودية. لكنها لفتت في الوقت نفسه إلى القلق من ارتفاع أعداد الضحايا المدنيين، وتأثير ذلك على استقرار الحلفاء الإقليميين، فضلاً عن الانقسام المتزايد داخل الكونغرس.

خريطة جديدة للشرق الأوسط؟

مع دخول الدبابات الإسرائيلية أحياء غزة، واستنفار مصر عسكرياً وسياسياً، يتقاطع البعد الإنساني مع لعبة النفوذ الإقليمي.

إسرائيل تسعى لاجتياح شامل للقضاء على حماس، فيما يلوح شبح التهجير القسري، بينما يكتفي المجتمع الدولي بالتحذيرات. في ظل هذا المشهد، تبدو غزة أمام خطر الفناء الجماعي، فيما تُرسم خرائط جديدة قد تحدد شكل الشرق الأوسط لعقود قادمة.

مقالات ذات صلة

اترك تعليقاً

زر الذهاب إلى الأعلى