تقارير

من طوفان الأقصى إلى اختراق الدوحة: التحديات والسيناريوهات المطروحة للقمة

في ظل التوترات الإقليمية المتفاقمة، تبرز قمة الدوحة العربية الإسلامية الطارئة، المقررة ليوم الاثنين 15 سبتمبر 2025، كلحظة حاسمة قد تعيد تشكيل ديناميكيات الأمن الجماعي في الشرق الأوسط.

هذه القمة، التي تستضيفها العاصمة القطرية بعد أيام قليلة من الهجوم الإسرائيلي الجريء على أراضيها، ليست مجرد تجمع دبلوماسي روتيني، بل اختبار حقيقي لقدرة القادة العرب والمسلمين على التحول من خطاب الإدانة إلى إجراءات عملية.

تحليليًا، يمثل الحدث نقطة تحول محتملة: إما تعزيز للردع الجماعي أمام “العربدة الإسرائيلية” كما وصفتها بعض الصحف القطرية، أو إعادة إنتاج للقرارات الشكلية التي أضعفت مصداقية القمم السابقة..

 السياق الدرامي: من “طوفان الأقصى” إلى اختراق السماء القطرية

بدأت الأزمة الحالية كامتداد للصراع الفلسطيني-الإسرائيلي، الذي اندلع بعنف في 7 أكتوبر 2023 بعملية “طوفان الأقصى”، والتي أدت إلى شلال من الدماء في غزة وتصعيد إقليمي غير مسبوق.

اقرأ أيضًا: من طوفان الأقصى إلى اختراق الدوحة: التحديات والسيناريوهات المطروحة للقمة

وفقًا لتقارير الجزيرة ووكالة الأنباء القطرية، امتد هذا التصعيد إلى قطر في 9 سبتمبر 2025، حين نفذت إسرائيل غارة جوية “غادرة” استهدفت مقرات سكنية لقيادات في حركة المقاومة الإسلامية (حماس)، في محاولة اغتيال واضحة.

أسفر الهجوم عن مقتل ستة أشخاص على الأقل، بما في ذلك نجل قائد حماس خليل الحية، أعضاء آخرين من الحركة، وضابط شرطة قطري، بالإضافة إلى دمار واسع في مبانٍ مدنية.

من الناحية التحليلية، يُعد هذا الهجوم خرقًا للقانون الدولي وسيادة الدول، كما أكد النائب المصري إبراهيم الديب في تصريحاته، حيث ينقل التهديد الإسرائيلي من الحدود الفلسطينية إلى عواصم عربية وإسلامية أخرى، مثل اليمن، إيران، وتونس سابقًا. هذا التمدد يعكس استراتيجية إسرائيلية تهدف إلى تفكيك الوساطة القطرية، التي لعبت دورًا محوريًا في مفاوضات وقف إطلاق النار في غزة، ويثير تساؤلات حول مدى التزام الولايات المتحدة بدعم حليفها دون إشعال حريق إقليمي أوسع. الشارع العربي، كما يظهر في منشورات على منصة X، يرى في الهجوم “رسالة تحدي” للقادة، مطالبًا بـ”رجولة” و”كرامة”، بينما يخشى آخرون أن تكون القمة مجرد “بيان تنديد” آخر.

 التحضيرات والتوقيت: تضامن استثنائي أم رهانات محلية؟

أعلن رئيس الوزراء القطري محمد بن عبد الرحمن آل ثاني في 11 سبتمبر عن استضافة القمة، بعد دعوة من رئيس الوزراء العراقي محمد شياع السوداني لاجتماع طارئ ينسيق المواقف.

اقرأ أيضًا: الإمارات تستدعي نائب السفير للإسرائيل لتُدين استهداف الدوحة

يوم الأحد 14 سبتمبر، عقد وزراء الخارجية اجتماعًا تحضيريًا مغلقًا في الدوحة، حضره ممثلون عن عشرات الدول العربية والإسلامية، لصياغة مشروع البيان الختامي. وفقًا لتقرير الجزيرة، ركز الاجتماع على إدانة “العدوان الجبان”، مع التأكيد على أن الهجوم يهدد “السلام والتعايش” ويُقوض الاتفاقيات الإقليمية مع إسرائيل.

التحليل الاستراتيجي يكشف عن تضامن نادر: أكثر من 50 دولة أكدت مشاركتها، بما في ذلك السعودية، مصر، والعراق، وسط تصريحات من المتحدث باسم الجامعة العربية جمال رشدي تؤكد “رسالة تضامن كامل” مع قطر.

ومع ذلك، تظل الرهانات المحلية عائقًا؛ فبعض الدول، كما يشير محللون في بي بي سي، تخشى أن يؤدي رد قوي إلى تعطيل اتفاقيات التطبيع، بينما يرى آخرون في القمة “فرصة تاريخية” لإعادة تعريف الأمن الجماعي، كما وصفتها صحيفة “الراية” القطرية بأنها “محطة مفصلية” لوقف “العربدة الإسرائيلية”. على X، تتردد دعوات لـ”قرارات استثنائية”، مع مخاوف من “انتهاء الاجتماع قبل عقده” ببيانات شكلية فقط.

 السيناريوهات المطروحة: من الإدانة إلى الحصار الاقتصادي – فرص ومخاطر

تحمل القمة أسئلة حاسمة: هل ستتجاوز “الأسقف الواطئة” للقمم السابقة، كما تساءل أمين حبلا في الجزيرة، أم ستبقى في إطار الاستنكار؟ بناءً على المناقشات التحضيرية والتحليلات، إليك السيناريوهات الرئيسية، مرتبة من الأقل إلى الأكثر طموحًا:

1. الإدانة والاستنكار: البند التقليدي، كما في بيانات سابقة، لكنه غير كافٍ هنا بسبب “رمزية” الهجوم على قطر، الوسيط النزيه. المسودة المتداولة تُدين “العدوان بأشد العبارات”، معتبرة إياه “عدوانًا على الجميع”، لكن الشارع يراه “مسودة بتسود الوجوه”، كما وصفها أحد المنشورات على X.

2. وقف التطبيع وسحب السفراء: خيار مؤلم لإسرائيل، التي اعتمدت على التوسع في التطبيع كركيزة استراتيجية. محللون مثل أشرف العشري في “الدستور” يتوقعون دعمًا محدودًا من دول مثل العراق والجزائر، لكنه قد يُقوض الاتفاقات الأمريكية المدعومة.

3. قطع العلاقات الاقتصادية والتجارية: يشمل المقاطعة الشاملة للشركات الإسرائيلية، وإغلاق المعابر أمام السفن الإسرائيلية، وتجميد الاتفاقيات.

تحليليًا، يُعد هذا “خنقًا اقتصاديًا” فعالًا، خاصة مع قوة الاقتصادات الخليجية، وقد يؤدي إلى حصار يضعف الاقتصاد الإسرائيلي بنسبة تصل إلى 20%، وفقًا لتقديرات سابقة من رويترز.

4. حملة دولية للإدانة والضغط على الحلفاء: تعزيز الضغط على واشنطن، التي زار وزير خارجيتها ماركو روبيو إسرائيل بالتزامن مع القمة، لوقف الدعم العسكري. السوداني أكد في “الجانب الآخر” أن “الأوراق العربية الإسلامية كثيرة” لمواجهة ذلك.

5. تفعيل الدفاع المشترك: تعزيز التعاون الأمني لحماية الأجواء، مع التصدي للاختراقات. هذا السيناريو، إن تحقق، يمثل نقلة نوعية، لكنه يواجه تحديات التوحد، كما يحذر مراقبون في “العربي الجديد”.

6. دعم الوساطة القطرية ووقف العدوان على غزة: تزكية دور قطر ومصر في التفاوض، مع مطالبة بفتح معبر رفح وإدخال مساعدات تحت حماية عسكرية. الشارع يطالب بـ”ضغوط دولية لكسر الحصار”، لكن المواجهة العسكرية تبقى “أبعد الخيارات”، كما يرى الخبراء.

الرهانات والتوقعات: بين طموح الشارع وواقع الحكام

تكمن قوة القمة في التفويض الشعبي الواسع، الذي يمنحها “أسقفًا عالية” لقرارات ردعية، كما يقول حبلا. ومع ذلك، الرهانات المحلية – مثل الاعتماد على الدعم الأمريكي – قد تحول دون الوصول إلى “رادع منتظر”.

على X، تتردد أصوات متشائمة ترى فيها “اجتماع نوق وخرفان”، مقابل أمل في “نقطة تحول كبرى”. إذا نجحت في إخراج قرارات اقتصادية وعسكرية موحدة، قد تعيد القمة الثقة في العمل الجماعي؛ وإلا، ستعمق الشعور بالخذلان، كما حدث في غزة.

في النهاية، كما قال أحد المتابعين: “غدًا وإن غدًا لناظرة قريب” – فالمنطقة تنتظر ليس كلمات، بل أفعالًا تحول الدم القطري والفلسطيني إلى “عناق خلود أبدي”.

مقالات ذات صلة

اترك تعليقاً

زر الذهاب إلى الأعلى