أخبار عربيةتقارير

التحركات المصرية الدبلوماسية قبيل القمة العربية الإسلامية الطارئة بشأن “هجوم الدوحة”

في سياق التصعيد الإسرائيلي المستمر في المنطقة، يبرز “هجوم الدوحة” كحدث محوري يعيد تشكيل الديناميكيات الإقليمية.

وقع الهجوم في 9 سبتمبر 2025، عندما شنت إسرائيل غارة جوية دقيقة على مجمع سكني في العاصمة القطرية، مستهدفة قيادات سياسية عليا في حركة حماس، بما في ذلك منزل رئيس وفد التفاوض خليل الحية.

أسفر العملية، التي أطلق عليها الجيش الإسرائيلي اسم “قمة النار”، عن مقتل ستة أشخاص: خمسة من مرافقي حماس (بما فيهم نجل الحية وجهاد لبد، مدير مكتبه)، ووكيل عريف في الأمن القطري بدر الدوسري، بالإضافة إلى إصابات في أسرة الحية.

وصف الهجوم كـ”فاشل” من قبل حماس، التي نفت نجاح محاولة الاغتيال، لكنه أثار صدمة إقليمية واسعة، خاصة أنه يُعد أول اعتداء إسرائيلي مباشر على أراضي دولة خليجية، وثاني هجوم على قطر خلال أشهر بعد قصف إيراني على قاعدة العديد في يونيو 2025.

يأتي هذا الهجوم في أعقاب هجمات فلسطينية في القدس وغزة، مما دفع رئيس الوزراء الإسرائيلي بنيامين نتنياهو إلى تبريره كـ”مبرر تماماً” لاستهداف “إرهابيين” مسؤولين عن هجوم 7 أكتوبر 2023.

ومع ذلك، أثار الاعتداء تساؤلات حول دور الولايات المتحدة، التي وعدت قطر بعدم استهداف قادة حماس على أراضيها، وكشفت تقارير عن تحذيرات مصرية وتركية مسبقة لحماس بتشديد الإجراءات الأمنية.

 التفاصيل الكاملة للهجوم

 السياق والتنفيذ

التوقيت والموقع: وقع الهجوم في الساعة 3:46 مساءً بالتوقيت المحلي، في حي القطيفية بالدوحة، قرب محطة وقود “وقود” في شارع وادي الروضان. استهدف المجمع السكني الذي يقيم فيه وفد حماس التفاوضي، الذي كان يناقش مقترحاً أمريكياً لوقف إطلاق النار في غزة.

الوسائل: أطلقت 15 طائرة مقاتلة إسرائيلية 10 ذخائر من خارج المجال الجوي القطري، دون اختراق أجواء السعودية أو الإمارات. كشفت التحقيقات القطرية أن الطائرات استخدمت تقنيات “غير قابلة للكشف”، مما يشير إلى تعطيل محتمل للرادارات الأمريكية في قاعدة العديد، التي تعتمد عليها المنطقة بأكملها.

الضحايا والأضرار: مقتل خمسة من حماس (مرافقون منخفضو الرتبة)، وإصابة زوجة الحية وآخرين. تضررت ست مدارس وعدة حضانات قريبة، مما أثار مخاوف بشأن المدنيين، بما في ذلك طلاب أمريكيين. نفت قطر إبلاغها مسبقاً، ووصفت الاتصال الأمريكي بأنه جاء “أثناء دوي الانفجارات”.

– الردود الفورية: أدانت قطر الهجوم كـ”غدر وانتهاك للسيادة”، وأعلنت تحقيقاً على أعلى مستوى. حماس وصفته بـ”الفاشل” و”استهداف لدور الوساطة”، بينما تعهد نتنياهو بمزيد من الهجمات إذا لم تُطرد قيادات حماس. أدى الهجوم إلى تشييع الضحايا في 11 سبتمبر في جامع الشيخ محمد بن عبد الوهاب، وأثار مخاوف من تدمير دور قطر كوسيط.

 التداعيات الأولية

– على المفاوضات: أوقف الهجوم محادثات وقف إطلاق النار، التي كانت على وشك إصدار رد حماس في 12 سبتمبر.

رئيس الوزراء القطري محمد بن عبد الرحمن آل ثاني أكد في مقابلة مع CNN أن الهجوم “لن يوقف جهودنا”، لكنه “قلص خيارات إسرائيل” وأثار شعوراً بالخيانة تجاه الضمانات الأمريكية.

الدعم الدولي: عقد مجلس الأمن جلسة طارئة في 11 سبتمبر، حيث أدانه الأمين العام أنطونيو غوتيريش كـ”صدمة للعالم”، ووصفه وزير الخارجية الأردني أيمن الصفدي بـ”تجسيد للغدر”. نفت بريطانيا مشاركتها، وأعربت الإمارات عن تضامنها مع قطر.

التأثير على الخليج: يُعد الهجوم رسالة سياسية لمجلس التعاون الخليجي، حيث أكدت السعودية تضامنها الكامل، ودعت الكويت إلى رفض التطبيع. أثار تساؤلات حول الشراكة الأمنية مع الولايات المتحدة، التي تستضيف قطر أكبر قاعدة عسكرية أمريكية في المنطقة.

التحركات المصرية الدبلوماسية: استراتيجية التنسيق والردع

مصر، كلاعب محوري في الوساطة الفلسطينية، كثفت تحركاتها الدبلوماسية قبل يومين من القمة (14-15 سبتمبر)، بهدف توحيد الموقف العربي-الإسلامي وردع التصعيد. يعكس ذلك رؤية القاهرة الدقيقة للتهديدات الإسرائيلية، مع التركيز على المبادرة العربية كإطار عملي للسلام.

 الاتصالات الهاتفية واللقاءات

– الاتصالات الرئيسية: أجرى وزير الخارجية بدر عبد العاطي مكالمات مع نظرائه في السعودية (فيصل بن فرحان)، تركيا (حكان فيدان)، وباكستان (إيشاق دار)، لتقييم التداعيات وتبادل الرؤى. ركزت المباحثات على “التضامن مع قطر” و”التنسيق لموقف موحد” في القمة، مع الإشارة إلى دعم الجمعية العامة للأمم المتحدة لحل الدولتين.

– زيارة الدوحة: وصل عبد العاطي إلى الدوحة في 13 سبتمبر للمشاركة في الاجتماع الوزاري التحضيري، حيث ناقش تنسيق الموقفين المصري والقطري، وآليات تنفيذ القرارات.

أكد في صالون ماسبيرو أن المبادرة العربية “الخطة الوحيدة القابلة للتنفيذ”، ورفض أي محاولات لتشتيت الانتباه عنها.

– الرسائل الإضافية: حذرت مصر الولايات المتحدة من “فتح أبواب الجحيم” إذا امتد الهجوم إلى أراضيها، مشددة على استعدادها لاستضافة قيادات الفصائل الفلسطينية. كما أعلنت خفض التنسيق الأمني مع إسرائيل مؤقتاً، وأعادت ترتيب الاتصالات.

 الرؤية المصرية: رفض التهجير والدفاع عن السيادة

– جدد عبد العاطي رفض مصر لـ”مخطط التهجير”، مؤكداً أن معبر رفح “للمساعدات الإنسانية فقط”، وأن “التهجير يفتقر إلى أساس قانوني أو أخلاقي”. ربطت القاهرة الهجوم بمحاولات إسرائيلية لفرض “إسرائيل الكبرى”، ودعت إلى حشد التأييد للمبادرة العربية كسبيل لـ”تثبيت الحقوق الفلسطينية”.

– اقتراحات استراتيجية: دعت مصر إلى إحياء قوة عسكرية عربية موحدة على غرار الناتو، للدفاع الجماعي ضد الاعتداءات الخارجية. يُناقش هذا في القمة، مع سعي القاهرة لدعم إقليمي واسع.

التحليل: التداعيات والآفاق

التأثير الإقليمي

الهجوم يعزز التقارب بين مصر وقطر، ويفتح باباً لتعزيز التنسيق مع تركيا وإيران ضد “البلطجة الإسرائيلية”. يُرى كـ”هوس تل أبيب” يجر المنطقة إلى الخراب، مما يهدد الاستقرار الخليجي ويوسع دائرة الصراع إلى ثماني دول.

محللون مثل علي الحفني يرون فيه “نتاج حسابات خاطئة” تضر الجميع، بينما يُتوقع من القمة بياناً يدين إسرائيل ويطالب مجلس الأمن بالفصل السابع لإجراءات رادعة.

 الدور الأمريكي والدولي

أثار الهجوم انقساماً أمريكياً: أدان ترامب نتنياهو في مكالمة “غاضبة”، مطالبًا بعدم تكرار، لكن سناتوريين جمهوريين مثل ليندسي غراهام دافعوا عنه.

تعيد قطر تقييم شراكتها الأمنية مع واشنطن، محتملة البحث عن شركاء آخرين، مما يضعف اتفاقيات أبراهام. على الصعيد الدولي، قد تؤدي القمة إلى خفض الروابط الدبلوماسية مع إسرائيل، وتعزيز الضغط عبر الأمم المتحدة.

 الآفاق المستقبلية

للقمة: متوقع صدور مخرجات “رادعة وقابلة للتنفيذ”، بما في ذلك إدانة صريحة ومطالبة بتحركات عملية ضد التصعيد. تشارك 50 دولة، مما يعزز الوحدة العربية-الإسلامية.

للمفاوضات: قد يعيد الهجوم خلط أوراق الوساطة، لكن مصر وعدت باستمرار دورها، محذرة من “غطاء للهجمات الإسرائيلية”.

– الخطر الأكبر: ينذر بتداعيات عالمية على الأمن الجماعي، مع خطر تصعيد يشمل اليمن وليبيا، كما أشارت تغريدات على X إلى مخاوف من هجمات إسرائيلية على العراق.

“هجوم الدوحة” ليس مجرد اعتداء عسكري، بل محاولة إسرائيلية لإعادة رسم المنطقة بالقوة، تهدد السيادة الخليجية والجهود السلمية.

التحركات المصرية، بقيادة عبد العاطي، تمثل نموذجاً للدبلوماسية الاستباقية، تركز على الوحدة والردع، مع الحفاظ على المبادرة العربية كأداة للحل العادل.

نجاح القمة في الخروج بموقف موحد سيكون اختباراً لقدرة العالم العربي والإسلامي على مواجهة “الغطرسة”، لكن التقاعس الدولي قد يعمق الأزمة.

يظل السلام ممكناً إذا تحولت الصدمة إلى عمل جماعي، كما أكدت آراء خبراء مثل حسين هريدي.

مقالات ذات صلة

اترك تعليقاً

زر الذهاب إلى الأعلى