
دخلت إسبانيا متأخرة إلى ساحة العلاقات الدبلوماسية مع إسرائيل، حيث لم تعترف بها رسميًا إلا عام 1986، بعد انضمامها إلى السوق الأوروبية المشتركة. وعلى الرغم من أن السنوات اللاحقة شهدت تعاونًا اقتصاديًا، أبرزُه في تجارة السلاح، لكنه تحول لاحقًا إلى نقطة خلاف كبيرة على خلفية الأحداث الأخيرة و العلاقة لم تخلُ من التوترات السياسية.فقد اتسمت مدريد غالبًا بموقف أكثر انتقادًا لسياسات إسرائيل تجاه الفلسطينيين مقارنة بمعظم العواصم الأوروبية، وهو ما أدى إلى أزمات متكررة بين البلدين.
إبادة غزة تحرك إسبانيا
مع اندلاع الحرب الأخيرة على غزة، صعّدت حكومة بيدرو سانشيز لهجتها بشكل غير مسبوق. فقد دعا رئيس الوزراء إلى وقف فوري لإطلاق النار، واعتبر ما يحدث “كارثة إنسانية بحجم إبادة”.
و من أبرز قرارات رئيس الوزراء الاسباني بيدرو سانشيز ضد إسرائيل:
- فرض حظر دائم على تصدير الأسلحة والذخيرة إلى إسرائيل.
- استدعاء السفير الإسباني من تل أبيب ردًا على اتهامات معاداة السامية.
- زيادة المساعدات الإنسانية الموجهة إلى سكان غزة.
- التوجه نحو قيود على بعض المسؤولين الإسرائيليين عبر عقوبات أو منع سفر.
هذه الإجراءات وضعت مدريد في مواجهة مباشرة مع الحكومة الإسرائيلية، التي اتهمتها بمعاداة السامية، لتدخل العلاقات الثنائية في أسوأ مراحلها.
و أفادت قناة “كان” العبرية في مطلع هذا الأسبوع بأن الحكومة الاسرائيلية عقدت اجتماعاً طارئاً لبحث الرد علي الإجراءات التصعيدية التي اتخذتها إسبانيا ضد إسرائيل على خلفية الحرب في غزة و توسع الاستيطان في الضفة الغربية
قصف الدوحة يفاقم التوتر
في 9 سبتمبر 2025، شنت إسرائيل غارة على الدوحة استهدفت قيادات من حركة “حماس”، وأسفرت عن مقتل ستة أشخاص. العملية أثارت إدانات دولية واسعة، واعتبرتها قطر انتهاكًا لسيادتها.
إسبانيا سارعت بدورها إلى التنديد بالقصف، مؤكدة أنه يمثل “خرقًا واضحًا للقانون الدولي”. هذا الموقف زاد من حدة الخلاف مع تل أبيب، ورسّخ صورة مدريد كأحد أبرز المنتقدين للعمليات العسكرية الإسرائيلية في المنطقة.
صوت إسبانيا يرتفع في الساحة الدولية
تُظهر تحركات إسبانيا الأخيرة تحوّلًا جوهريًا في سياستها الخارجية. فمدريد لم تكتفِ بالتعاطف التقليدي مع الفلسطينيين، بل تبنت أدوات ضغط فعلية عبر الدبلوماسية والاقتصاد.
هذا النهج الجديد قد يُعيد تشكيل صورة إسبانيا داخل الاتحاد الأوروبي، حيث تختلف مواقف العواصم الأوروبية تجاه إسرائيل. ومواصلة مدريد الدفع بهذا الاتجاه، قد يُحدث انقسامًا داخل الاتحاد الأوروبي أو تقود نحو موقف أوروبي أكثر انتقادًا لإسرائيل.
لم تعد إسبانيا مجرد مراقب بعيد عن صراعات الشرق الأوسط، بل لاعب فاعل يرفع صوته ويفرض مواقفه. فالأزمة في غزة، وما تبعها من قصف للدوحة بدولة قطر، دفعت مدريد إلى التحرك خارج دائرة الحذر التقليدي، لتتخذ موقعًا جديدًا على الساحة الدولية. كونها صوت مرتفع ينتصر للقانون الدولي ويضع العلاقات مع إسرائيل على المحك.