أخبار دولية

احتجاجات فرنسا 2025: حركة “لنغلق كل شيء” ضد سياسات ماكرون

في 10 سبتمبر 2025، شهدت فرنسا موجة احتجاجات واسعة النطاق تحت شعار “لنغلق كل شيء” (Bloquons Tout)، تعبيرًا عن الغضب الشعبي تجاه سياسات الرئيس إيمانويل ماكرون، خاصةً الاقتصادية والتقشفية.

بدأت هذه الاحتجاجات بعد يوم واحد من تعيين سيباستيان لوكورنو، وزير الدفاع السابق، رئيسًا جديدًا للوزراء خلفًا لفرانسوا بايرو، الذي سقطت حكومته بسبب تصويت سحب الثقة في البرلمان بسبب خلافات حول مشروع الموازنة لعام 2026.

الحركة، التي انطلقت عبر وسائل التواصل الاجتماعي، تذكر بحركة “السترات الصفراء” عام 2018، لكنها تضم طيفًا واسعًا من المحتجين من مختلف التوجهات السياسية، بما في ذلك اليسار الراديكالي وبعض الجماعات اليمينية.

أسباب الاحتجاجات

1. سياسات التقشف: الاحتجاجات اندلعت كرد فعل على مقترح الموازنة لعام 2026، الذي يتضمن تقليصات في الإنفاق تصل إلى 43-44 مليار يورو، تستهدف الرعاية الصحية، المعاشات، الإعانات، والخدمات العامة. اقتراح إلغاء يومين من العطلات الرسمية أثار غضب النقابات والعمال.

2. عدم الرضا عن ماكرون: شعبية ماكرون وصلت إلى أدنى مستوياتها (77% من الفرنسيين غير راضين عنه وفق استطلاعات حديثة)، حيث يُنظر إليه كمتجاهل لمطالب الشعب.

3. تعيين لوكورنو: اختيار سيباستيان لوكورنو، المقرب من ماكرون، اعتُبر استفزازًا و”صفعة على الوجه” للمطالبين بالتغيير، مما زاد من حدة الاحتجاجات.

4. الأزمة السياسية: فرنسا تعاني من أزمة سياسية غير مسبوقة منذ حل الجمعية الوطنية في يونيو 2024، مما أدى إلى برلمان منقسم بلا أغلبية واضحة، وتعدد رؤساء الوزراء (لوكورنو هو السابع في عهد ماكرون والخامس منذ 2022).

 تفاصيل الاحتجاجات

– المدن المشاركة: شملت الاحتجاجات باريس، مرسيليا، ليون، مونبلييه، نانت، رين، تولوز، بوردو، وستراسبورغ.

– الأنشطة الاحتجاجية:

– إغلاق طرق سريعة وتقاطعات رئيسية، خاصة الطريق الدائري في باريس.

– إشعال النار في حاويات القمامة، الحافلات، وحواجز.

– تعطيل النقل العام، بما في ذلك محطات القطارات مثل “غار دو نور” في باريس.

– محاولات اقتحام الطرق السريعة ومحطات القطار.

– رفع لافتات مناهضة للرأسمالية وماكرون، مثل “لوكورنو، انتهى أمرك” و”سيعاقب الشعب على ازدرائكم”.

– أعداد المشاركين: تختلف التقديرات، حيث أعلنت وزارة الداخلية عن 175 ألف مشارك بحلول نهاية اليوم، بينما قدرت نقابة CGT في مرسيليا 80 ألف متظاهر في المدينة وحدها. السلطات في ليون ومونبلييه قدرت الأعداد بـ8,000 و6,000 على التوالي.

– الاشتباكات: شهدت الاحتجاجات مواجهات مع قوات الأمن، استخدمت فيها الشرطة الغاز المسيل للدموع في نانت ومرسيليا. سُجلت أعمال تخريب مثل إحراق واجهة مبنى قرب ساحة شاتليه في باريس.

 الاستجابة الأمنية

– الاعتقالات: أعلنت وزارة الداخلية الفرنسية توقيف 295 شخصًا حتى منتصف اليوم، معظمها في باريس (95 توقيفًا بحلول الصباح). بحلول نهاية اليوم، تراوحت الأعداد بين 75 و200 حسب المصادر.

– الانتشار الأمني: نُشر 80 ألف شرطي ودركي في جميع أنحاء البلاد، منهم 6,000 في باريس، لمواجهة الاحتجاجات.

– اتهامات الحكومة: اتهم وزير الداخلية برونو روتايو “اليسار الراديكالي” بتنظيم الاحتجاجات، مشيرًا إلى محاولات حصار محطات مثل بوردو.

 ردود فعل سياسية

– لوكورنو: تعهد رئيس الوزراء الجديد بالعمل مع الأحزاب السياسية لإيجاد حلول مبتكرة لتقليص الدين العام مع الحفاظ على الاستقرار. واجه تحديًا كبيرًا في تشكيل حكومة وسط برلمان منقسم.

– المعارضة: أعلن حزب “فرنسا الأبية” (اليسار) عزمه تقديم اقتراح لحجب الثقة عن حكومة لوكورنو، بينما أبدى حزب “التجمع الوطني” (اليمين) استعدادًا مؤقتًا للتعاون.

– ماكرون: واجه ضغوطًا متزايدة، حيث يُنظر إليه كجوهر الأزمة. دعا إلى “اتفاقات سياسية” لضمان الاستقرار.

 تأثير الاحتجاجات

– النقل: شهدت الطرق السريعة والنقل العام اضطرابات كبيرة، مع توقعات بتأخيرات في المطارات.

– التعليم: أُغلقت بعض المدارس، وتوقفت الدراسة في عدة مدن.

– الاقتصاد: أغلق بعض التجار متاجرهم في مونبلييه ومدن أخرى خوفًا من التخريب.

– المقارنة مع “السترات الصفراء”: الحركة أثارت مقارنات مع احتجاجات 2018 بسبب أسلوبها العفوي واستخدام وسائل التواصل الاجتماعي، لكن تأثيرها النهائي لا يزال غير واضح.

آراء المحتجين

– عبر المتظاهرون عن إحباطهم من تجاهل ماكرون لمطالبهم، حيث قالت طالبة في باريس لـ”يورونيوز”: “سئمنا من هذا، لا يمكنه تجاهل الشعب”.

– سائق في باريس أبدى تفهمه للغضب لكنه انتقد أساليب العنف، قائلاً: “لا يمكننا تغيير الأمور بهذه الطريقة”.

الوضع الحالي

بحلول 11 سبتمبر 2025، لا تزال الاحتجاجات مستمرة مع توقعات بتصاعد التوتر. لوكورنو يواصل مشاوراته لتشكيل حكومة جديدة وسط تهديدات بحجب الثقة. الحركة، رغم دعمها من بعض النقابات، تفتقر إلى قيادة مركزية، مما يجعلها تحديًا غير متوقع للحكومة.

مقالات ذات صلة

اترك تعليقاً

زر الذهاب إلى الأعلى