انفجار الدوحة: محاولة اغتيال إسرائيلية لقيادات حماس أثناء مفاوضات الرهائن
مريم حسن

في صباح يوم 9 سبتمبر 2025، هزت سلسلة من الانفجارات العاصمة القطرية الدوحة، مما أثار حالة من الذعر والتوتر الإقليمي.
أفادت مصادر إعلامية إسرائيلية ودولية، نقلاً عن مسؤولين إسرائيليين كبار، بأن الحادث كان عملية اغتيال مستهدفة نفذتها إسرائيل ضد قيادات رفيعة في حركة حماس.
وقعت الانفجارات في حي كتارا، الذي يُعد مركزًا ثقافيًا ودبلوماسيًا في الدوحة، وأدت إلى تصاعد دخان كثيف واهتزاز المباني المجاورة.
أكدت مصادر فلسطينية أن الاستهداف جاء أثناء اجتماع للوفد المفاوض لحماس في قطر، الذي كان يناقش المقترح الأمريكي الأخير لإطلاق سراح الرهائن الإسرائيليين مقابل وقف إطلاق النار في غزة.
يأتي هذا الحدث في سياق تصعيد التوترات الإسرائيلية-الفلسطينية، حيث أصبحت قطر، الوسيط الرئيسي في المفاوضات، هدفًا محتملاً بسبب استضافتها لقادة حماس.
حتى الآن، لم تصدر الحكومة القطرية بيانًا رسميًا، لكن التقارير تشير إلى عدم وجود إصابات مدنية، مع تركيز الضربة على أهداف عسكرية-سياسية.
تفاصيل الحادث والانفجارات
بدأت الانفجارات حوالي الساعة 10:00 صباحًا بتوقيت الدوحة، حيث سُمع دوي هائل يشبه انفجارًا كبيرًا، تلاه سلسلة من الانفجارات الثانوية.
وفقًا لشهود عيان نقلتها رويترز، ارتفع دخان أسود كثيف فوق حي كتارا، الذي يضم مرافق ثقافية ودبلوماسية، بما في ذلك مبانٍ تستخدمها بعض الوفود الدولية.
أفادت فيديوهات انتشرت على وسائل التواصل الاجتماعي باهتزاز النوافذ في مناطق بعيدة مثل وسط المدينة، ووصف السكان الصوت بأنه “كأن السماء تنهار”.
التقارير الأولية من مصادر إسرائيلية، مثل القناة 12 وهيئة البث الإسرائيلية، أكدت أن العملية نفذتها قوات خاصة إسرائيلية أو عبر ضربة جوية دقيقة باستخدام طائرات بدون طيار أو صواريخ بعيدة المدى، مما يتجنب التصعيد المباشر مع قطر.
مراسل أكسيوس، باراك رافيد، نقل عن مسؤول إسرائيلي كبير: “الانفجار في الدوحة هو محاولة اغتيال ضد مسؤولي حماس”.
كما أشارت جريدة جيروزاليم بوست إلى أن الاستهداف كان لـ”قادة كبار في حماس” يقيمون في الدوحة كجزء من مكتب الحركة السياسي هناك.
من ناحية أخرى، أكدت مصادر فلسطينية، نقلًا عن قناة الجزيرة، أن الوفد المفاوض لحماس كان يجتمع في الموقع أثناء مناقشة المقترح الأمريكي الذي يتضمن إطلاق 50 رهينة إسرائيليًا مقابل وقف مؤقت للعمليات العسكرية في غزة وإدخال مساعدات إنسانية.
وصف الحدث بأنه “اعتداء صهيوني على السيادة القطرية”، مشيرًا إلى أن الاجتماع كان تحت رعاية قطرية رسمية.
لم يتم الإعلان عن أسماء محددة للأهداف، لكن التقارير تشير إلى أنها تشمل أعضاء في المكتب السياسي لحماس، مثل خليل الحية أو مساعديه، الذين يقيمون في الدوحة منذ سنوات كوساطة للحوار مع إسرائيل.
الضحايا والإصابات
حتى الساعة الحالية (حوالي 13:00 بتوقيت الدوحة)، لم تصدر السلطات القطرية أرقامًا رسمية عن الضحايا، لكن مصادر إسرائيلية أكدت نجاح العملية في “تصفية” عدة قيادات حماس دون إصابة مدنيين قطريين.
أفادت مصادر فلسطينية بمقتل ثلاثة أو أربعة من أعضاء الوفد، بما في ذلك مسؤولين رفيعي المستوى كانوا يشاركون في المفاوضات.
كما ذكرت تقارير من X (تويتر سابقًا) عن إصابة خفيفة لبعض الحراس القطريين بسبب الموجة الصدمية، لكن التركيز كان على تجنب الخسائر المدنية للحفاظ على العلاقات مع قطر، التي تعتبر حليفًا أمريكيًا ومضيفًا لقواعد عسكرية أمريكية.
في سياق متصل، أشارت منظمة الصحة العالمية إلى أن الدخان الناتج قد يحتوي على مواد كيميائية، مما دفع إلى إجراء فحوصات صحية للسكان المجاورين.
لم يتم الإبلاغ عن قتلى قطريين، وهو أمر يُعتبر إيجابيًا في ظل التوترات الإقليمية، لكنه يثير تساؤلات حول كيفية تنفيذ مثل هذه العملية داخل أراضي دولة خليجية دون إشعار مسبق.
الاستجابة الرسمية والتحقيقات
تحركت السلطات القطرية فورًا، حيث أغلقت الطرق المؤدية إلى حي كتارا ونشرت قوات الدفاع المدني والأمن لتأمين الموقع.
أعلن رئيس الوزراء القطري، الشيخ خالد بن خليفة آل ثاني، عن تشكيل لجنة تحقيق مشتركة مع الولايات المتحدة، مشيرًا إلى أن “قطر لن تتسامح مع أي انتهاك لسيادتها”.
في بيان أولي، نفت قطر أي تورط في الحادث، لكنها أكدت دعمها لجهود السلام في غزة، مع الإشارة إلى أن مكتب حماس في الدوحة “قناة اتصال ضرورية” للوساطة.
على الجانب الإسرائيلي، لم يصدر بيان رسمي من الحكومة، لكن إذاعة الجيش الإسرائيلية نقلت عن مسؤول كبير: “ننتظر نتائج الهجوم في قطر”.
أما حماس، فقد أصدرت بيانًا عبر قناتها الرسمية، واصفة الحادث بـ”عمل إرهابي صهيوني” ووعدت بالرد “في الوقت والمكان المناسبين”.
الولايات المتحدة، كوسيط رئيسي، أعربت عن “قلقها الشديد”، مع تصريح من الخارجية الأمريكية بأنها “تتواصل مع جميع الأطراف لتجنب التصعيد”.
منظمات دولية مثل الأمم المتحدة والاتحاد الأوروبي دعت إلى التحقيق الفوري، محذرة من أن مثل هذه العمليات قد تعرقل المفاوضات الجارية لإطلاق الرهائن.
بدأت لجنة التحقيق القطرية عملها، بالتعاون مع خبراء أمريكيين، لتحديد نوع المتفجرات المستخدمة، مع التركيز على ما إذا كانت الضربة جوية أو أرضية. الخبراء يتوقعون صدور تقرير أولي خلال 24 ساعة.
التأثيرات السياسية والإقليمية
سياسيًا، يُعد هذا الحدث ضربة لجهود الوساطة القطرية، التي نجحت في إطلاق سراح رهائن سابقًا في يناير 2025.
أدى إلى تعليق مؤقت للمفاوضات، مع تهديد حماس بوقف أي حوار مع إسرائيل، مما قد يطيل أمد الحرب في غزة حيث يُحتجز أكثر من 100 رهينة.
إقليميًا، أثار غضبًا في الخليج، حيث أعربت السعودية والإمارات عن تضامنها مع قطر، محذرتين من “انتهاكات للقانون الدولي”.
أمريكيًا، يضع الرئيس ترامب في موقف حرج، إذ يدعم إسرائيل لكنه يعتمد على قطر كحليف استراتيجي.
اقتصاديًا، أدى الحدث إلى انخفاض طفيف في أسعار النفط بنسبة 2% بسبب مخاوف من تعطيل الإنتاج القطري، لكن الاستقرار القطري سريع. بيئيًا، أدى الدخان إلى ارتفاع مستويات التلوث المؤقت في الدوحة، مع حملات تنظيف جارية.
يُمثل انفجار الدوحة نقطة تحول في الصراع الإسرائيلي-الفلسطيني، حيث امتدت يد إسرائيل إلى قلب الخليج لاستهداف حماس، مما يهدد بتصعيد إقليمي أوسع.
رغم النجاح المزعوم للعملية، فإنها قد تعيق أي تقدم في مفاوضات الرهائن وتزيد من التوترات مع قطر، التي أصبحت هدفًا غير مباشر.
مع استمرار التحقيقات، يبقى العالم يترقب ردود الفعل، محذرًا من أن مثل هذه الأعمال قد تحول دون السلام الدائم في المنطقة.