أخبار عربيةأخبار مصر

إثيوبيا تدشن سد النهضة وسط توترات مستمرة مع مصر والسودان

في خطوة أثارت جدلاً إقليمياً، أعلنت إثيوبيا عن افتتاح سد النهضة الكبير رسمياً يوم الإثنين، 8 سبتمبر 2025، بعد 14 عاماً من العمل المتواصل منذ بدء بنائه في 2011.

ويأتي هذا الحدث في ظل توترات مستمرة مع دولتي المصب، مصر والسودان، بسبب غياب اتفاق قانوني ملزم بشأن تشغيل السد وإدارة مياه النيل الأزرق.

أكد رئيس الوزراء الإثيوبي، آبي أحمد، خلال تصريحاته أن السد لا يشكل أي تهديد لمصر أو السودان، مشدداً على أن إثيوبيا تستخدم موارد النيل الأزرق بشكل محدود دون المساس بحقوق الدول الأخرى.

وأشار إلى أن السد، الذي بلغت تكلفته حوالي 4 مليارات دولار، يمثل “فرصة مشتركة” للتنمية في المنطقة، مضيفاً أن إثيوبيا قد تبني سدوداً إضافية في حوض النيل مستقبلاً.

وأوضح أحمد أن السد، الذي بدأ توليد الكهرباء منه في فبراير 2022، يمتلك سعة تخزينية تصل إلى 74 مليار متر مكعب، وهو قادر على إنتاج أكثر من 5000 ميغاواط من الكهرباء، مما يجعله أكبر مشروع للطاقة الكهرومائية في إفريقيا.

من جانبه، كشف وزير المياه والطاقة الإثيوبي، هابتامو إيتيفا، عن الخسائر البشرية التي تكبدتها إثيوبيا أثناء بناء السد، حيث أكد في مقابلة مع مجلة “ريبورتر” أن حوالي 15 ألف شخص لقوا حتفهم خلال أعمال البناء، بما في ذلك مدير المشروع السابق، المهندس سيميجنيو بيكيلي.

ويُعد السد، الذي يقع على بعد 30 كيلومتراً من الحدود مع السودان بطول 1.8 كيلومتر وارتفاع 145 متراً، ركيزة أساسية في خطة إثيوبيا لتلبية احتياجاتها من الطاقة لسكانها البالغ عددهم حوالي 130 مليون نسمة.

على الجانب الآخر، أعربت مصر والسودان عن رفضهما القاطع للإجراءات الأحادية التي تتخذها إثيوبيا في إدارة السد. وفي بيان مشترك، أكدتا أن الأمن المائي لهما جزء لا يتجزأ من أمنهما القومي، محذرتين من أي تحركات تهدد مصالحهما المائية.

وتخشى مصر، التي تعتمد على النيل لتأمين 97% من مواردها المائية، من تأثير السد على حصتها المائية، بينما يعرب السودان عن قلقه بشأن سلامة السد، خاصة أن المنطقة التي يقع فيها تُعتبر منطقة زلازل نشطة.

وقد عقد الرئيس المصري عبد الفتاح السيسي وقائد الجيش السوداني عبد الفتاح البرهان اجتماعاً في وقت سابق، جددا خلاله التأكيد على رفضهما لأي خطوات أحادية في حوض النيل الأزرق.

تزامن الافتتاح مع نهاية موسم الأمطار، حيث وصل مخزون بحيرة السد إلى طاقتها القصوى. وفي محاولة لتهدئة التوترات، وجه آبي أحمد دعوة رسمية لمصر والسودان لحضور حفل الافتتاح، معتبراً أنه “حدث تاريخي” يمكن أن يشكل نقطة انطلاق للتعاون الإقليمي.

لكن مصر رفضت الدعوة، مؤكدة أن الافتتاح يُعد “إجراءً غير شرعي” ومخالفاً للقوانين الدولية، وأعلنت مواصلة تحركاتها الدبلوماسية لتأمين حقوقها المائية عبر حشد الدعم الدولي.

للتصدي للتحديات المحتملة، تعمل مصر على تعزيز بنيتها التحتية المائية من خلال مشاريع مثل تبطين الترع، إنشاء محطات لمعالجة مياه الصرف، وتطوير محطات تحلية المياه، بالإضافة إلى تشجيع الري الحديث وترشيد استهلاك المياه.

وفي الوقت نفسه، أعلنت إثيوبيا عن تركيب تقنيات متقدمة تتيح التحكم الكامل في السد من العاصمة أديس أبابا، مما يعزز كفاءة إدارته.

على الرغم من الرسائل الإثيوبية التي تحاول طمأنة دولتي المصب، يبقى الخلاف قائماً في ظل فشل جولات التفاوض السابقة في التوصل إلى اتفاق شامل.

ويُتوقع أن يفتح هذا الافتتاح مرحلة جديدة من التوترات الدبلوماسية والفنية، خاصة مع إصرار مصر والسودان على ضرورة التوصل إلى اتفاق ملزم قانونياً يضمن تقاسم عادل للمياه وحماية مصالحهما.

مقالات ذات صلة

اترك تعليقاً

زر الذهاب إلى الأعلى