منوعات

زرع خلايا بيتا في عضلات الساعد بدون مثبطات مناعية لعلاج السكري من النوع الأول

تم زرع خلايا بيتا المفرزة للأنسولين (الخلايا التي تنتج هرمون الأنسولين في البنكرياس) في عضلات الساعد لمريض، وذلك لأول مرة في التاريخ بدون الحاجة إلى أدوية مثبطة للمناعة.

هذا الإنجاز يُعتبر خطوة حقيقية نحو علاج جذري للسكري، حيث أظهرت الخلايا كفاءة في إفراز الأنسولين وخفض مستويات السكر التراكمي في الدم (HbA1c)

. سأقدم لك كل التفاصيل المعروفة بناءً على الدراسات والتقارير العلمية الحديثة، مع التركيز على الدراسة الرئيسية التي تطابق وصفك بدقة. هذه المعلومات مستمدة من مصادر موثوقة مثل مجلة نيو إنجلاند جورنال أوف ميديسين (NEJM) وشركة Sana Biotechnology، وتم نشرها في أغسطس 2025

خلفية الدراسة وأهميتها

المشكلة الطبية: مرض السكري من النوع الأول هو اضطراب مناعي ذاتي يدمر الخلايا البيتا في البنكرياس، مما يؤدي إلى نقص الأنسولين وعدم القدرة على التحكم في مستويات السكر في الدم.

العلاج التقليدي يعتمد على حقن الأنسولين الخارجي، لكنه لا يمنع المضاعفات طويلة الأمد مثل تلف الأعصاب، الكلى، والقلب. زرع الخلايا البيتا من متبرعين (allogeneic) كان خياراً واعداً، لكن الجهاز المناعي يهاجمها، مما يتطلب أدوية مثبطة للمناعة مدى الحياة، والتي تسبب آثاراً جانبية خطيرة مثل الالتهابات والسرطان.

الإنجاز الرائد: في دراسة أجراها باحثون في مستشفى جامعة أوبسالا (Uppsala University Hospital) في السويد، بالشراكة مع شركة Sana Biotechnology، تم تعديل الخلايا جينياً لتكون “غير مرئية” للجهاز المناعي (hypoimmune).

هذا سمح بزرعها بدون أي مثبطات مناعية، وهو أمر لم يحدث من قبل في تاريخ الطب. الدراسة نشرت في 4 أغسطس 2025 في مجلة NEJM بعنوان “Survival of Transplanted Allogeneic Beta Cells with No Immunosuppression” (DOI: 10.1056/NEJMoa2503822).

   لماذا هو “أمل حقيقي”؟

: النتائج الأولية (حتى 6 أشهر) تظهر أن الخلايا تعمل بكفاءة، مما يفتح الباب لعلاج جذري يعيد إنتاج الأنسولين الطبيعي دون حاجة للحقن أو الأدوية المناعية. هذا يمكن أن يغير حياة ملايين المرضى، خاصة أن الزرع في الساعد يسمح بمراقبة سهلة وإزالة إذا لزم الأمر.

 تفاصيل الطريقة (Methods)

– المريض: رجل يبلغ من العمر 42 عاماً مصاب بالسكري من النوع الأول منذ 37 عاماً (أي منذ طفولته).

كان يعتمد تماماً على حقن الأنسولين الخارجي، ومستويات C-peptide (مؤشر لإنتاج الأنسولين الداخلي) لديه غير قابلة للكشف قبل الزرع.

تم اختياره لأنه يعاني من مضاعفات شديدة، مثل نقص الوعي بالنقص السكري (hypoglycemic unawareness)، مما يجعله مرشحاً مثالياً للعلاجات المتقدمة.

   تحضير الخلايا:

– الخلايا مستمدة من بنكرياس متبرع متوفى (deceased donor) متطابق مع فصيلة الدم O لتقليل خطر الرفض الأولي.

– تم عزل الجزر البنكرياسية (islets) التي تحتوي على خلايا بيتا، ثم فصلها وتعديلها جينياً باستخدام تقنية CRISPR-Cas12b (أداة تحرير جيني دقيقة) ولentiviral transduction.

    التعديلات الجينية الرئيسية:

– إزالة جيني B2M وCIITA لتقليل تعبير HLA class I وII (الجزيئات التي تكشف الخلايا للمناعة).

– إضافة تعبير مفرط لجين CD47، الذي يرسل إشارة “لا تأكلني” للخلايا المناعية (مثل الماكروفاج).

– هذا يجعل الخلايا “hypoimmune”، أي تتجنب الهجوم المناعي الذاتي والأجنبي دون إضعاف المناعة العامة للمريض.

– تم حقن جرعة منخفضة (حوالي 80 مليون خلية، أي 7% فقط من الجرعة الكاملة المطلوبة للشفاء التام) لاختبار السلامة أولاً.

– موقع الزرع: عضلات الساعد الأيسر (تحديداً عضلة brachioradialis)، عبر 17 حقنة جراحية تحت التخدير العام. تم اختيار الساعد لأنه موقع آمن، يسمح بمراقبة سهلة عبر التصوير بالرنين المغناطيسي (MRI)، ويوفر أكسجيناً كافياً للخلايا مقارنة بالكبد (الموقع التقليدي). في المستقبل، قد يُستخدم عضلات البطن لجرعات أكبر.

– بدون مثبطات مناعية: لم يتلقَ المريض أي أدوية مثل الستيرويدات أو الجلوكوكورتيكويدات، وهو ما يميز هذه الدراسة عن السابقة.

الدراسة: دراسة أولية في مرحلة 1 (first-in-human)، مدعومة بمنحة من The Leona M. and Harry B. Helmsley Charitable Trust. الهدف الرئيسي: السلامة؛ الهدف الثانوي: بقاء الخلايا، تجنب المناعة، وإنتاج C-peptide.

النتائج (Results)

    إفراز الأنسولين:

– قبل الزرع: مستويات C-peptide (مؤشر لإنتاج الأنسولين) غير قابلة للكشف.

– بعد الزرع: ارتفاع ملحوظ في C-peptide خلال 4-12 أسبوعاً، واستمر حتى 6 أشهر. في اختبار تحمل الوجبة المختلطة (MMTT)، زادت مستويات C-peptide استجابة للسكر، مما يثبت أن الخلايا تفرز الأنسولين بكفاءة عند الحاجة.

– في الأسبوع 12: إنتاج مستقر ومتجاوب مع الجلوكوز، مع عدم وجود رد مناعي ضد الخلايا.

– خفض السكر التراكمي (HbA1c): انخفضت مستويات HbA1c (قياس السكر التراكمي) بشكل ملحوظ، مما يشير إلى تحكم أفضل في السكر دون زيادة الحاجة إلى الأنسولين الخارجي. ومع ذلك، ما زال المريض يحتاج إلى بعض الحقن بسبب الجرعة المنخفضة، لكن الدراسة لم تكن تهدف إلى الاستقلال التام بعد.

بقاء الخلايا: أكدت التصوير بالـPET-MRI بقاء الخلايا في الساعد حتى 6 أشهر، مع إشارات إيجابية للخلايا البيتا الناجية.

الآثار الجانبية: حدثت 4 حوادث غير خطيرة (مثل ألم خفيف في موقع الزرع)، ولم تكن مرتبطة بالخلايا. لا دليل على رفض مناعي أو التهاب.

المدة: النتائج الأولية تغطي 12 أسبوعاً (نشر في NEJM)، مع بيانات إضافية حتى 6 أشهر قدمت في مؤتمر الجمعية الأمريكية للسكري (ADA) في يونيو 2025 ومؤتمر زرع الأعضاء العالمي في أغسطس 2025.

الاستنتاجات والآفاق المستقبلية (Conclusions and Future Prospects)

القيمة العلمية: هذه الدراسة توفر أول دليل سريري في البشر على نجاح زرع خلايا بيتا allogeneic بدون مثبطات مناعية، مما يثبت فعالية تقنية “hypoimmune” من Sana. الخلايا لم تُهاجم من المناعة الذاتية أو الأجنبية، وأنتجت أنسوليناً وظيفياً. هذا يُعتبر “ثورة” في علاج السكري، كما وصفه البروفيسور بير-أولا كارلسون (القائد الرئيسي للدراسة).

القيود: الدراسة على مريض واحد فقط (مرحلة أولية للسلامة)، والجرعة كانت منخفضة، لذا لم يصل المريض إلى استقلالية كاملة عن الأنسولين. تحتاج إلى دراسات أكبر لتأكيد السلامة طويلة الأمد (مثل خطر السرطان من التعديل الجيني) وفعالية الجرعات الكاملة.

    الخطط المستقبلية:

– شركة Sana تطور SC451، وهي خلايا بيتا من خلايا جذعية (stem cell-derived) مع نفس التعديلات، لتكون متاحة بكميات غير محدودة (بدلاً من الاعتماد على المتبرعين). يُتوقع تقديم طلب للفحص السريري (IND) لدى FDA في 2026.

– دراسات متعددة المرضى في مواقع متعددة، مع جرعات أعلى لتحقيق استقلالية عن الأنسولين.

– تطبيقات أوسع: قد يُستخدم هذا النهج لأمراض مناعية أخرى مثل التصلب المتعدد أو زرع الأعضاء.

– التأثير على المرضى: إذا نجحت الدراسات التالية، يمكن أن يصبح هذا علاجاً جذرياً لملايين المصابين بالسكري من النوع الأول، مع تحكم طبيعي في السكر دون مخاطر الأدوية المناعية. ومع ذلك، قد يبدأ بمرضى شديدي الحالة فقط.

هذا الإنجاز يمثل أملاً كبيراً، لكنه لا يزال في مراحل مبكرة. إذا كنت بحاجة إلى مزيد من التفاصيل أو روابط للدراسات الأصلية، أخبرني! تذكر أن استشارة الطبيب ضرورية لأي نصيحة شخصية.

مقالات ذات صلة

اترك تعليقاً

زر الذهاب إلى الأعلى