حرب أوكرانيا أمام مفترق طرق.. سيناريوهان معقدان يحددان مصيرها

مع تصاعد الجهود الدبلوماسية بين واشنطن وموسكو، وبينما جمع لقاء ألاسكا الرئيس الأمريكي دونالد ترامب بنظيره الروسي فلاديمير بوتين، ثم تلاه اجتماع موسّع في البيت الأبيض بحضور الرئيس الأوكراني فولوديمير زيلينسكي وعدد من الزعماء الأوروبيين، باتت ملامح نهاية الحرب الأوكرانية أكثر وضوحاً بعد أكثر من ثلاث سنوات على اندلاعها.
صحيفة وول ستريت جورنال رأت أن الصراع، الذي يُعد الأكبر في أوروبا منذ الحرب العالمية الثانية، يسير نحو خيارين رئيسيين:
- إما أن تخسر أوكرانيا بعض أراضيها لكنها تبقى دولة قومية ذات سيادة محمية من الغرب.
- أو أن تخسر أراضيها وسيادتها معاً، لتعود إلى دائرة النفوذ الروسي المباشر.
استمرار القتال وضغوط موسكو
رغم الضغوط الأمريكية والأوروبية من أجل وقف إطلاق النار، تجاهل بوتين هذه المساعي مؤكداً أنه سيواصل القتال حتى تتحقق الأهداف الجيوسياسية الأوسع لروسيا.
وبينما فشلت موسكو في السيطرة على كييف، فإن صمود القوات الأوكرانية حصر الروس في مكاسب ميدانية محدودة مقابل كلفة بشرية وعسكرية مرتفعة. ومع ذلك، تبدو آمال كييف في استعادة كامل أراضيها “شبه مستحيلة” بسبب محدودية قدراتها العسكرية.
السيناريو الأول: تقسيم مع الحماية
القيادة الأوكرانية تدرك أن استعادة الحدود الكاملة غير ممكنة حالياً، لذلك يتمثل خيارها الأفضل في حصر روسيا بما تحتله اليوم (حوالي خمس مساحة البلاد).
هذا السيناريو يتضمن:
• بقاء 80% من الأراضي الأوكرانية تحت سيادة كييف.
• حصول أوكرانيا على ضمانات أمنية أوروبية، وربما أمريكية، عبر تعزيز قدراتها الدفاعية ونشر قوات من “تحالف الراغبين” بقيادة بريطانيا وفرنسا داخل أراضيها.
•وضع يشبه ما حدث في كوريا عام 1953، حيث انتهت الحرب بالتقسيم لكن مع حماية خارجية طويلة الأمد لكوريا الجنوبية.
لكن بالنسبة لبوتين، مثل هذه النهاية تعني خسارة سياسية كبرى: الاحتفاظ بجزء صغير من أوكرانيا مقابل فقدان التأثير على بقية أراضيها، التي ستتحول إلى دولة غربية الهوى محمية عسكرياً.
السيناريو الثاني: تقسيم مع التبعية
تتمثل الرؤية الروسية منذ بداية الحرب في جعل أوكرانيا دولة ضعيفة تابعة لموسكو، ويشمل ذلك:
• تقليص حجم جيشها وقدراتها الدفاعية.
• تقليص اعتمادها على السلاح الغربي.
• إدخال تغييرات سياسية ودستورية تضعف هويتها القومية المستقلة.
بهذا الشكل، قد تُجبر كييف على الانصياع لمطالب الكرملين، لتتحول ما تبقى من أوكرانيا إلى محمية روسية، تخسر استقلالها السياسي وتفشل في تحقيق حلمها بالاندماج مع أوروبا.
ويرى خبراء أن موسكو تراهن على استنزاف الجيش الأوكراني وإضعاف معنوياته حتى يرضخ في النهاية، خاصة أن أوكرانيا بعد ثلاث سنوات ونصف من الحرب باتت تعاني من نقص في الأعداد، تراجع الحماس الشعبي، وانتقادات لقيادتها العسكرية، رغم استمرارها في القتال.
بين الواقع والمصير
في المحصلة، يظل السيناريو الأول (خسارة جزئية مع حماية غربية) أقل سوءاً لأوكرانيا، لكنه بالنسبة لروسيا فشل استراتيجي. أما السيناريو الثاني (التبعية الكاملة) فهو ما تطمح إليه موسكو، لكنه يتطلب انتصاراً حاسماً لم يتحقق حتى الآن.
المعادلة النهائية ستعتمد على قدرة كييف على الصمود، واستعداد الغرب – وخاصة الولايات المتحدة – لتوفير مظلة حماية طويلة الأمد.