لماذا تتمسك الهند بروسيا رغم ضغوط ترامب؟.. 4 أسباب استراتيجية عميقة

رغم العقوبات الاقتصادية القاسية التي فرضها الرئيس الأمريكي دونالد ترامب على الهند، برفع الرسوم الجمركية إلى 50% على معظم وارداتها عقاباً لها على شراء النفط الروسي، إلا أن نيودلهي ترفض الانصياع وتصر على الحفاظ على علاقاتها الوثيقة مع موسكو.
مجلة فورين بوليسي أوضحت أن تمسك الهند بروسيا ليس مجرد خيار اقتصادي، بل يرتكز على أربعة أسباب استراتيجية عميقة تشمل الأمن القومي، التوازن الجيوسياسي، الإرث التاريخي، والسياسة الداخلية.
1. اعتماد عسكري يصعب تعويضه
تشكل الأسلحة الروسية أكثر من 60% من الترسانة العسكرية الهندية، بدءاً من الدبابات والمقاتلات وحتى الدفاعات الجوية.
ورغم محاولات نيودلهي تنويع مصادر التسلح، إلا أن التخلي عن موسكو بشكل مفاجئ سيترك فجوة خطيرة في منظومتها الدفاعية.
• روسيا توفر معدات متقدمة وقطع غيار بشروط مرنة.
• الولايات المتحدة وشركاؤها يفرضون قيوداً صارمة على نقل التكنولوجيا وإعادة التصدير.
وتبرز مشاريع استراتيجية مثل منظومة S-400 والصاروخ المشترك “براهموس” كدليل على عمق الشراكة العسكرية بين الجانبين.
2. مخاطر جيوسياسية في مواجهة الصين
الهند تدرك أن أي فتور في علاقتها مع موسكو قد يدفع روسيا إلى مزيد من التقارب مع الصين، الخصم التاريخي للهند وخصمها الحدودي في الهيمالايا.
لذلك ترى القيادة الهندية أن الحفاظ على صلات قوية بروسيا يحد من نفوذ بكين، ويُبقي توازن القوى الإقليمي لصالحها.
3. إرث تاريخي من الثقة
العلاقة بين البلدين تعود إلى حقبة الحرب الباردة، حيث وقّعا عام 1971 معاهدة السلام والصداقة والتعاون.
• موسكو استخدمت حق النقض (الفيتو) أكثر من مرة لدعم الهند في نزاع كشمير.
• الاتحاد السوفيتي زود الهند بأسلحة متطورة وبأسعار تفضيلية، مما ساعدها على تحديث جيشها رغم محدودية مواردها آنذاك.
هذا التاريخ خلق ما يُعرف بـ”حنين الحرب الباردة”، الذي لا يزال يرسخ مكانة روسيا كشريك موثوق في عقل صانعي القرار الهنود.
4. بعد سياسي داخلي ودولي
لعبت موسكو دوراً غير مباشر في استقرار السياسة الداخلية الهندية خلال الحرب الباردة، عبر التأثير على الحزب الشيوعي الهندي الموالي لها، وهو ما عزز صورة روسيا لدى النخب السياسية.
أما اليوم، فإن التقلبات في سياسات واشنطن – خاصة في عهد ترامب – تزيد من شكوك الهند تجاه الولايات المتحدة كشريك استراتيجي، رغم عقود من التقارب منذ اتفاق التعاون النووي عام 2008.
لذلك، ترى نيودلهي أن تعزيز علاقاتها مع روسيا جزء من سياسة “التعددية المتوازنة” التي تسمح لها بالتعامل مع القوى الكبرى جميعاً دون الخضوع لإملاءات طرف واحد.
الهند تعتبر روسيا اليوم ركيزة ثابتة في عالم متعدد الأقطاب، خاصة في ظل الشكوك التي تحيط بعلاقة نيودلهي مع واشنطن.
وبينما تواصل واشنطن فرض العقوبات والرسوم، تزداد قناعة الهند بأن التخلي عن موسكو ليس خياراً وارداً لا اقتصادياً ولا استراتيجياً.