جانين بيرو تتولى منصب المدعية العامة لمنطقة كولومبيا بعد تأكيد مجلس الشيوخ
في خطوة بارزة، صادق مجلس الشيوخ الأمريكي يوم السبت 2 أغسطس 2025 على تعيين القاضية ومقدمة البرامج التلفزيونية السابقة جانين بيرو في منصب المدعية العامة الفدرالية لمنطقة كولومبيا، لتصبح إحدى الشخصيات الإعلامية البارزة التي يضمها الرئيس دونالد ترامب إلى إدارته.
جاءت المصادقة بأغلبية 50 صوتًا مقابل 45، بعد ضغوط من ترامب على مجلس الشيوخ الذي يهيمن عليه الجمهوريون لتسريع الموافقة على ترشيحاته خلال عطلة نهاية الأسبوع.
خلفية التعيين
جانين بيرو، البالغة من العمر 74 عامًا، كانت قد عُينت في مايو 2025 بشكل مؤقت في هذا المنصب، وهو من أرفع المناصب القضائية في الولايات المتحدة، بعد فشل المرشح السابق إد مارتن في حشد الدعم الكافي داخل مجلس الشيوخ.
ووصف ترامب بيرو، المعروفة بلقب “القاضية جانين”، بأنها “امرأة لا مثيل لها”، مشيدًا بخبرتها القضائية والإعلامية. تولت بيرو سابقًا منصب المدعية العامة لمقاطعة ويستتشستر في نيويورك بين عامي 1993 و2005، وكانت أول امرأة تتقلد هذا المنصب، كما شغلت منصب قاضية في المحكمة ذاتها، محققةً حلم طفولتها بالعمل في القضاء.
المسيرة الإعلامية
اشتهرت بيرو بمسيرتها الإعلامية الطويلة مع قناة “فوكس نيوز”، حيث قدمت برنامج “القاضية جانين بيرو” بين عامي 2008 و2011، ثم برنامج “العدالة مع القاضية جانين” الذي استمر 11 عامًا.
كما شاركت في تقديم برنامج “الخمسة” حتى مايو 2025، عندما غادرت القناة لتتولى منصبها المؤقت. خلال مسيرتها الإعلامية، كانت بيرو من أبرز داعمي ترامب، خاصة خلال حملته الرئاسية عام 2016، واستخدمت منصتها للدفاع عن سياساته ومهاجمة خصومه السياسيين.
كما ألفت كتبًا، منها “كاذبون، مسربون، وليبراليون” عام 2018، الذي تناول ما وصفته بـ”المؤامرة” ضد ترامب.
لاقى تعيين بيرو دعمًا قويًا من الجمهوريين، حيث أشاد السيناتور توم تيليس بمسيرتها القضائية “الحافلة”، ووصفها السيناتور ليندسي جراهام بأنها “خيار رائع”.
ومع ذلك، واجه التعيين معارضة من الديمقراطيين، حيث انتقد ديك دوربين، كبير أعضاء اللجنة القضائية بمجلس الشيوخ، اختيار بيرو، واصفًا إياه بـ”الموافقة السطحية” لترامب.
وأشار دوربين إلى ترويج بيرو لنظريات المؤامرة حول انتخابات 2020، التي خسرها ترامب أمام جو بايدن، معتبرًا أنها غير مؤهلة لتكون مدعية عامة دائمة.
سياق التعيين
يأتي تعيين بيرو في ظل تحقيق جنائي أطلقته وزارة العدل ضد المدعية العامة لنيويورك، ليتيسيا جيمس، التي لعبت دورًا بارزًا في ملاحقة ترامب قضائيًا خلال السنوات الماضية.
كما يعكس التعيين استراتيجية ترامب لتعزيز إدارته بشخصيات إعلامية موالية له، مثل بيت هيغسيث، الذي تولى وزارة الدفاع، وشون دافي، وزير النقل، وكلاهما من “فوكس نيوز”.
وفي سياق متصل، عُين محامي ترامب السابق إميل بوف قاضيًا استئنافيًا فدراليًا الأسبوع الماضي، مما يعكس سرعة إدارة ترامب في تثبيت حلفائها في مناصب رئيسية.
الخلفية الشخصية
وُلدت جانين بيرو عام 1951 في إلميرا، نيويورك، لوالدين أمريكيين من أصول لبنانية تنحدر من بلدة بصاليم في جبل لبنان.
حصلت على بكالوريوس في الآداب من جامعة بافالو، ثم نالت الدكتوراه في القانون من كلية الحقوق بجامعة ألباني عام 1975، حيث شغلت منصب رئيسة تحرير مجلة القانون.
بدأت مسيرتها القضائية كمساعدة مدعي عام في مقاطعة ويستتشستر، ثم أصبحت أول قاضية في محكمة المقاطعة عام 1990. خلال عملها كمدعية عامة، ركزت على قضايا العنف المنزلي والجرائم ضد الأطفال وكبار السن، مما أكسبها شهرة واسعة.
خلال فترة عملها كمدعية عامة، واجهت بيرو جدلاً بسبب إدانة زوجها السابق ألبرت بيرو بالتهرب الضريبي، لكن ترامب أصدر عفوًا عنه خلال ولايته الأولى.
كما أثارت مواقفها الإعلامية، خاصة دعمها لترامب وانتقادها للقضاء الفدرالي، جدلاً حول مدى حياديتها في منصب قضائي حساس.
أهمية المنصب
يشرف مكتب المدعي العام لمنطقة كولومبيا على بعض أبرز القضايا السياسية والجنائية في الولايات المتحدة، بما في ذلك محاكمات حلفاء ترامب السابقين.
تعيين بيرو يضعها في قلب هذه القضايا، مما يثير تساؤلات حول تأثير خلفيتها الإعلامية وولائها لترامب على أدائها. ولم يوضح ترامب ما إذا كان التعيين سيصبح دائمًا، مما يترك الباب مفتوحًا لمزيد من التكهنات حول دورها المستقبلي.
يُعد تعيين جانين بيرو في منصب المدعية العامة لمنطقة كولومبيا خطوة مثيرة للجدل تعكس نهج ترامب في دمج شخصيات إعلامية بارزة في إدارته.
مع خبرتها القضائية الطويلة ومواقفها السياسية المعلنة، تواجه بيرو تحديًا كبيرًا في إثبات حياديتها في واحد من أكثر المناصب حساسية في النظام القضائي الأمريكي.
وسط دعم الجمهوريين ومعارضة الديمقراطيين، يبقى أداؤها في هذا المنصب تحت المجهر في ظل التحقيقات الجارية والتوترات السياسية.
