السنغال تعزز تحصيناتها الأمنية على الحدود مع مالي لمواجهة تهديدات الجماعات المتطرفة

أعلنت السنغال عن تعزيز تواجدها الأمني على حدودها الشرقية مع مالي، من خلال نشر وحدات جديدة من الدرك الوطني، وذلك استجابة لتصاعد التهديدات الأمنية الناجمة عن نشاط الجماعات المتطرفة في المنطقة.
تأتي هذه الخطوة في ظل مخاوف متزايدة من تمدد جماعة “نصرة الإسلام والمسلمين”، التابعة لتنظيم القاعدة، التي تسعى لتوسيع نفوذها إلى داخل الأراضي السنغالية.
تفاصيل الانتشار الأمني
أفادت مصادر رسمية أن وزير القوات المسلحة السنغالية، الجنرال بيرامي ديوب، افتتح وحدات درك جديدة في مناطق تامباكوندا، كيدوغو، وسرايا، وهي مناطق استراتيجية قريبة من الحدود مع مالي.
تشمل هذه الوحدات فرقة تحقيق، ومجموعة مراقبة سريعة التدخل، إلى جانب قوات درك إضافية. وتهدف هذه الوحدات إلى مكافحة الجرائم العابرة للحدود، بما في ذلك التهريب بجميع أشكاله، ومواجهة التحديات الأمنية المتزايدة في هذه المناطق الحدودية.
وأكد الدرك الوطني السنغالي، عبر منشور على منصة فيسبوك، أن هذا الانتشار يعكس التزام السلطات العليا بحماية السكان وممتلكاتهم، وضمان أمن الأراضي السنغالية. وشدد الجنرال ديوب على أهمية بناء علاقة ثقة مع المجتمعات المحلية لتعزيز التعاون الأمني، مما يسهم في تحسين فعالية هذه الوحدات.
خلفية التهديدات الأمنية
تزايدت المخاوف في السنغال بعد هجمات شنتها جماعة نصرة الإسلام والمسلمين في يوليو 2025، والتي استهدفت مواقع عسكرية في غرب مالي، بما في ذلك بلدة ديبولي الحدودية، التي تبعد أقل من 500 متر عن بلدة كيديرا السنغالية.
هذه الهجمات، التي تبنتها الجماعة، أثارت قلق السلطات السنغالية، خاصة مع تقارير المحللين التي تشير إلى طموح الجماعة لتوسيع عملياتها إلى السنغال، مستغلةً الشعور بالتهميش لدى بعض السكان في منطقة الساحل.
ردًا على هذه التهديدات، فرضت السلطات السنغالية حظرًا ليليًا على استخدام الدراجات النارية في منطقة باكل الشرقية، المتاخمة للحدود مع مالي. يأتي هذا القرار بعد رصد استخدام المتطرفين للدراجات النارية في هجماتهم في مالي، بما في ذلك هجوم ديبولي. ويهدف الحظر إلى الحد من تحركات الجماعات المتطرفة المحتملة عبر الحدود.
السياق الإقليمي
تنشط جماعة نصرة الإسلام والمسلمين بشكل رئيسي في مالي، النيجر، وبوركينا فاسو، حيث تستغل التوترات العرقية والاجتماعية والشعور بالإقصاء لتجنيد أفراد جدد. وقد أدى انسحاب القوات الفرنسية من المنطقة إلى مخاوف من تصاعد نشاط هذه الجماعات، خاصة مع تراجع التعاون الأمني الإقليمي بعد انسحاب مالي وبوركينا فاسو والنيجر من منظمة “إيكواس”.
أهمية التعاون الإقليمي
تشير التقارير إلى أن منطقة غرب مالي، التي تشمل مدنًا مثل كايس ونيورو، أصبحت هدفًا متزايدًا لهجمات الجماعات المتطرفة.
هذه المنطقة ذات أهمية استراتيجية كبيرة للسنغال وموريتانيا، حيث تضم ممرات تجارية حيوية، مثل طريق داكار-باماكو، الذي يمر عبره 70% من صادرات وواردات مالي.
كما تستضيف المنطقة سدودًا كهرومائية رئيسية، مثل سدود مانانتالي وفيلو وجوينا، التي تزود السنغال ومالي وموريتانيا وغينيا بالكهرباء.
تسعى السنغال إلى تعزيز قدراتها الأمنية من خلال التعاون الدولي، حيث تلقت دعمًا من الولايات المتحدة في تدريب وتجهيز وحدات الدرك، بما في ذلك توفير معدات وتدريبات على المراقبة الاستخباراتية.
كما تشارك السنغال في مبادرات إقليمية مثل “مبادرة أكرا”، التي تهدف إلى تعزيز التنسيق الأمني بين دول غرب إفريقيا.
على الرغم من أن السنغال لم تشهد هجمات إرهابية على أراضيها حتى الآن، إلا أن القرب الجغرافي من مناطق النزاع في مالي يجعلها عرضة لمخاطر التسلل. وتظل التحديات المرتبطة بضعف الحوكمة، والحدود المسامية، والفقر في المناطق الحدودية، عوامل تسهل استغلال الجماعات المتطرفة للوضع.
ومع ذلك، فإن الاستقرار السياسي في السنغال، إلى جانب التزامها بتعزيز الأمن والتنمية في المناطق الحدودية، يشكلان حصنًا قويًا ضد هذه التهديدات.
تؤكد الخطوات الأخيرة التي اتخذتها السنغال على التزامها بمواجهة التهديدات المتطرفة قبل أن تمتد إلى أراضيها. من خلال تعزيز التواجد الأمني، وتطبيق إجراءات وقائية، والعمل على بناء الثقة مع المجتمعات المحلية، تسعى السنغال إلى حماية حدودها وتعزيز الاستقرار الإقليمي في مواجهة تحديات معقدة ومتزايدة.