إسرائيل تعزز وجودها العسكري في سوريا: قاعدة جديدة في رأس النبع تثير مخاوف دمشق

تسعى إسرائيل إلى تعزيز نفوذها العسكري في جنوب سوريا من خلال إنشاء قاعدة عسكرية دائمة في منطقة رأس النبع، الواقعة بالقرب من مدينة قطنا في ريف دمشق.
ويأتي هذا المشروع في موقع كان يضم سابقًا مقر اللواء 78 التابع للجيش السوري المنحل، في خطوة تثير قلقًا متزايدًا بشأن النوايا الإسرائيلية في المنطقة.
وفقًا لمصادر محلية، وصلت قافلة عسكرية إسرائيلية تضم ضباطًا رفيعي المستوى إلى المنطقة، حيث أجرت عمليات مسح ميداني لتحديد تفاصيل إقامة القاعدة الجديدة.
وتتزامن هذه التحركات مع مفاوضات جارية في العاصمة الأذربيجانية باكو تهدف إلى التوصل إلى تفاهمات حول الوجود العسكري الإسرائيلي في الجنوب السوري بعد انهيار نظام بشار الأسد.
تُعتبر مدينة قطنا، التي تبعد حوالي 10 كيلومترات فقط عن العاصمة دمشق، مركزًا سكانيًا وعسكريًا بارزًا في ريف دمشق الغربي. تضم المدينة مزيجًا من السكان من مختلف الطوائف، بما في ذلك الدروز، العلويون، المسيحيون، والمسلمون، مع غالبية درزية.
كما كانت قطنا في السابق موقعًا استراتيجيًا هامًا، حيث استضافت قواعد عسكرية للفرقة العاشرة ووحدات من الفرقة السابعة، إلى جانب قوات الحرس الجمهوري وجيش التحرير الفلسطيني التابع لوزارة الدفاع السورية السابقة.
تشير تقارير إلى أن الجيش الإسرائيلي كثّف عملياته في الأراضي السورية مؤخرًا، حيث سبق له اقتحام قطنا عبر قرى مجاورة مثل عيسم وبقعسم وقلعة جندل وبيت جن وحضر، وهي مناطق ذات أغلبية درزية.
وعلى الرغم من انسحابه لاحقًا من هذه المناطق، يُنظر إلى هذه العمليات على أنها استطلاع ميداني لتوسيع النفوذ في المستقبل.
تتزامن هذه التطورات مع تعزيز إسرائيل لوجودها العسكري في الجنوب السوري، حيث بلغ عدد قواتها في الجولان وجبل الشيخ والقنيطرة حوالي 45 ألف جندي من مختلف الوحدات العسكرية.
كما قامت إسرائيل، للمرة الأولى منذ عام 1973، بنشر بطاريات مدفعية من نوع “هاوتزر” داخل الأراضي السورية، في خطوة تعكس تصعيدًا غير مسبوق.
تأتي هذه التحركات في إطار عملية عسكرية إسرائيلية أُطلق عليها اسم “سهم باشان”، بدأت في 8 ديسمبر 2024، وتشمل غارات جوية وتوغلات برية في المنطقة العازلة والقنيطرة وهضبة الجولان المحتلة. وتسعى إسرائيل من خلال هذه العمليات إلى تثبيت وجودها العسكري في المنطقة تحت ذريعة حماية أمنها القومي من أي تهديدات محتملة قد تنطلق من الأراضي السورية.
تثير هذه التطورات مخاوف جدية في دمشق، خاصة مع قرب القاعدة الجديدة من العاصمة، مما يضعها تحت تهديد مباشر.
كما تزيد التوترات في المنطقة بعد تصاعد العمليات الإسرائيلية عقب الاشتباكات الأخيرة في السويداء، والتي امتدت لتشمل غارات جوية على مواقع عسكرية في دمشق.
في ظل هذه التطورات، يبقى السؤال المطروح: هل تسعى إسرائيل إلى فرض واقع أمني جديد في الجنوب السوري، أم أن هذه التحركات تمهيد لاحتلال دائم؟ الإجابة قد تتضح مع استمرار المفاوضات وتطور الأوضاع الميدانية.