لبنان على أعتاب نقاش حاسم حول نزع سلاح حزب الله في جلسة حكومية مرتقبة

يترقب اللبنانيون جلسة حكومية حاسمة مقررة يوم الثلاثاء 5 أغسطس 2025، لمناقشة ملف حساس وشائك يتعلق بحصر السلاح بيد الدولة، مع التركيز على سلاح حزب الله.
تأتي هذه الجلسة في ظل تصاعد الضغوط الدولية والإقليمية، ووسط توترات مستمرة بسبب الاعتداءات الإسرائيلية على الأراضي اللبنانية، رغم اتفاق وقف إطلاق النار الموقع في نوفمبر 2024.
خلفية الجلسة
أثار خطاب الرئيس اللبناني جوزيف عون، الذي دعا فيه إلى سحب سلاح جميع القوى المسلحة، بما في ذلك حزب الله، وتسليمه إلى الجيش اللبناني، جدلًا واسعًا.
جاء هذا الخطاب خلال كلمته في وزارة الدفاع، حيث كشف عن مقترحات أمريكية تم تعديلها لتتماشى مع الموقف اللبناني، تشمل: وقف الاعتداءات الإسرائيلية، انسحاب القوات الإسرائيلية من الأراضي اللبنانية المحتلة، بسط سيادة الدولة على كامل أراضيها، وسحب سلاح الميليشيات. هذه المقترحات ستُطرح رسميًا في جلسة مجلس الوزراء المرتقبة.
موقف حزب الله
أعلن حزب الله، عبر أمينه العام نعيم قاسم، رفضه مناقشة تسليم سلاحه قبل تحقيق شروط محددة، تشمل وقف الاعتداءات الإسرائيلية وبدء إعادة إعمار المناطق المتضررة في جنوب لبنان. واعتبر قاسم أن ملف السلاح شأن داخلي لبناني، رافضًا أي ارتباط بضغوط خارجية، خاصة من إسرائيل. كما أشار رئيس البرلمان نبيه بري إلى ضرورة وقف إطلاق النار كشرط أساسي قبل أي نقاش حول السلاح.
مشاورات وتوقعات
وفقًا لمصدر حكومي، تتواصل المشاورات بين القادة اللبنانيين للوصول إلى توافق حول آلية تنفيذ حصر السلاح بيد الدولة.
ورغم عدم وجود تصور نهائي حتى الآن، فإن خطاب عون وضع أسسًا محتملة لخطة تنفيذية قد تُطبق على مراحل، مع جداول زمنية مدروسة. وأشار المصدر إلى أن جلسة الثلاثاء قد تمثل نقطة انطلاق لهذه الخطة، لكن نجاحها يعتمد على توافق الأطراف السياسية.
المحلل السياسي ألان سركيس وصف موقف عون بأنه “تحول تاريخي”، مشيرًا إلى أنه أول مرة منذ اتفاق الطائف يطالب رئيس الجمهورية حزب الله بتسليم سلاحه صراحةً.
وأضاف أن غالبية الوزراء قد تدعم القرار، مما يمنحه شرعية دستورية وقانونية. في حال إقراره، سيُحال إلى المجلس الأعلى للدفاع لوضع خطط تنفيذية عبر الجيش والقوى الأمنية.
ويرى سركيس أن حزب الله في موقف صعب، حيث يواجه خيارين: الصدام مع الجيش اللبناني أو مواجهة إسرائيلية محتملة إذا لم يتم تنفيذ القرار.
في المقابل، يرى المحلل قاسم قصير أن الوضع لا يزال غامضًا، مشيرًا إلى أن موقف حزب الله وحركة أمل قد يعيق تنفيذ أي قرار دون توافق شامل. وأضاف أن مشاركة الوزراء الشيعة في الجلسة ليست مؤكدة، لكنهم قد يحضرون للمشاركة في النقاش. وأكد قصير أن العلاقة بين عون وحزب الله لا تزال إيجابية، مع استمرار التواصل المباشر أو عبر وسطاء.
الضغوط الدولية
يأتي هذا النقاش في ظل ضغوط أمريكية واضحة، حيث جدد المبعوث الأمريكي توماس باراك دعوته لاحتكار السلاح بيد الدولة، مؤكدًا أن مصداقية الحكومة اللبنانية تعتمد على تنفيذ هذا المبدأ. وكان باراك قد زار بيروت في يوليو 2025، حيث تسلم ردًا رسميًا من عون على المقترح الأمريكي.
وفي منشور على منصة “إكس”، شدد باراك على أن استمرار احتفاظ حزب الله بالسلاح يعيق أي تقدم.
يواجه لبنان تحديات معقدة في ظل استمرار الاعتداءات الإسرائيلية، التي تضعف الاستقرار الأمني وتعيق الجهود السياسية.
كما أن غياب توافق سياسي شامل، خاصة مع حزب الله وحركة أمل، قد يجعل تنفيذ قرار حصر السلاح صعبًا. ومع ذلك، فإن خطاب عون ودعم الجيش يوفران أرضية قوية لتحرك الدولة نحو استعادة سيادتها.
تُعد جلسة مجلس الوزراء المقبلة محطة مفصلية في تاريخ لبنان السياسي، حيث يمكن أن تمهد الطريق لتحولات كبرى في مسألة السلاح غير الشرعي. وسط ضغوط دولية وتحديات داخلية، يبقى السؤال: هل سيتمكن لبنان من تحقيق توافق يعزز سيادته، أم ستظل الانقسامات السياسية عائقًا أمام هذا الهدف؟