أخبار دولية

اجتماع واشنطن بين الكونغو ورواندا يواجه تحديات الشروط المسبقة والتوترات الميدانية

وسط أجواء مشحونة بالتوتر والريبة، عُقد أول اجتماع للجنة المشتركة لمراقبة تنفيذ اتفاق السلام بين جمهورية الكونغو الديمقراطية ورواندا في العاصمة الأمريكية واشنطن، بحضور ممثلين عن البلدين، إلى جانب مراقبين من الولايات المتحدة، وقطر، وتوغو (بصفتها وسيطًا للاتحاد الأفريقي)، وممثلين عن مفوضية الاتحاد الأفريقي.

رغم الطابع الفني للاجتماع، فإن التطورات السياسية والميدانية ألقت بظلالها على مجريات اللقاء، خاصة في ظل إصرار رواندا على شروط مسبقة تتعلق بانسحاب ميليشيا “القوات الديمقراطية لتحرير رواندا” من المناطق الحدودية، قبل أن تقدم على أي خطوة لسحب قواتها من شرق الكونغو.

أهداف الاجتماع وتحديات التنفيذ

كان الهدف الأساسي من الاجتماع هو تقييم مدى التزام الأطراف بالاتفاق الموقع في يونيو/حزيران الماضي، والحفاظ على استمرارية التواصل، وبناء الثقة بين الطرفين، إلى جانب التحضير لاجتماع آلية التنسيق الأمني المشتركة، المزمع عقده الأسبوع القادم.

الاتفاق الذي رُوّج له كخطوة محورية في جهود إدارة الرئيس الأمريكي دونالد ترامب لإحلال السلام في منطقة البحيرات العظمى، جاء بعد سنوات من صراع دموي أودى بحياة الآلاف، في منطقة تعج بالثروات المعدنية مثل التنتالوم والكوبالت والنحاس والذهب.

ورغم التوقيع الرسمي، ما تزال التوترات العسكرية والدبلوماسية بين كينشاسا وكيغالي قائمة. وتبرر رواندا استمرار وجودها العسكري على الأراضي الكونغولية بما تسميه “دوافع دفاعية”، مشيرة إلى تهديد “القوات الديمقراطية لتحرير رواندا” لأمنها القومي.

جمود ميداني وخلافات سياسية

بحسب الاتفاق، كان من المفترض أن تُشكّل الكونغو ورواندا آلية للتنسيق الأمني خلال 30 يومًا من التوقيع، والبدء بخطوات تنفيذية لمراقبة انسحاب القوات الرواندية خلال 90 يومًا.

إلا أن أي من هذه الإجراءات لم يبدأ فعليًا، مما أضعف الثقة بين الجانبين، وأثار شكوكًا حول مصداقية الاتفاق.

رغم ذلك، قلّل مسعد بولس، مستشار ترامب للشؤون الأفريقية، من أهمية التأخير، مؤكدًا أن العمل يسير وفق جدول غير معلن وأن التنسيق الأمني سينطلق قريبًا.

تطورات ميدانية وتصعيد إعلامي

في الميدان، أكدت مصادر عسكرية ودبلوماسية غربية أن أطراف النزاع المسلح، ومن بينها جماعات مثل “إم23” وميليشيات “وازاليندو”، كثّفت وجودها على خطوط المواجهة، فيما احتلت قوات “إم23″ مدينتي غوما وبوكافو مطلع العام الجاري، ما أدى إلى تفاقم الأزمة الإنسانية ونزوح مئات الآلاف.

أما على المستوى السياسي، فقد اشتعلت الحرب الكلامية بين الطرفين مؤخرًا، حيث عبّر البرلمان الرواندي عن أسفه لما وصفه بـ”الادعاءات الباطلة” التي أطلقها رئيس الجمعية الوطنية الكونغولية، فيتال كاميرهي، خلال مؤتمر برلماني دولي في جنيف، متهمًا رواندا بدعم المتمردين واحتلال أراضٍ كونغولية.

ورأى البرلمان الرواندي أن هذا التصعيد الكلامي يهدد بنسف روح التعاون التي تجلت في اتفاق السلام، محذرًا من أن المواقف المتقلبة قد تعرقل جهود تنفيذ الاتفاق وتؤثر سلبًا على الاستقرار الإقليمي.

تجدر الإشارة إلى أن البرلمان الرواندي صادق رسميًا على اتفاق السلام يوم 29 يوليو/تموز، في خطوة تُفترض أن تكون داعمة للعملية السياسية، رغم استمرار الخلافات الميدانية والتراشق الإعلامي.

رغم التوقيع على اتفاق واشنطن الذي عُدّ إنجازًا دبلوماسيًا كبيرًا، لا تزال العوائق السياسية والعسكرية تحول دون ترجمته إلى واقع على الأرض. فشروط رواندا، وتأخر تنفيذ بنود الاتفاق، وغياب الثقة بين الجانبين، كلها عوامل تهدد بإبقاء المنطقة رهينة للصراع والنزاع المفتوح.

مقالات ذات صلة

اترك تعليقاً

زر الذهاب إلى الأعلى