
شهدت جامعة الأزهر مؤخرًا مناقشة رسالة ماجستير سلطت الضوء على حياة الشاعر البخاري المثير للجدل محمد نقيب خان طغرل أحراري، قدّمتها الباحثة إسراء جبريل عبدالعزيز تحت إشراف نخبة من أساتذة الأدب الفارسي.
تناولت الرسالة سيرة أحراري، الذي عاش في مرحلة حافلة بالتحولات السياسية والثقافية، خاصة في ظل الاحتلال الروسي لإمارة بخارى ومحاولات طمس الهوية الإسلامية فيها. وقد برز أحراري خلالها بصوته الأدبي والروحي المميز، محافظًا على جذور الأدب الفارسي، وداعيًا في أشعاره إلى القيم الأخلاقية ونصرة المظلومين.
واختارت الباحثة هذا الموضوع لما يحمله من أبعاد فكرية وإشكالات ثقافية، خصوصًا ما يتعلق بموقف أحراري من النظام السوفييتي، إذ جمع بين التصوف والانخراط في المشروع الاشتراكي، وهو ما أثار جدلًا واسعًا حول توجهاته، وانتهى باغتياله على يد من اعتُبروا حلفاءه.
ولقد أبرزت الدراسة ملامح العصر الي عاش فيه أحراري من خلال رؤية قل نظيرها في المؤلفات العربية، لتمزج بين السمات الإسلامية لدى شعوب آسيا الوسطى، وحرصهم على التمسك بهويتهم، وكذلك الظلم الذي عانوا منه من حكامهم قبل الروس.
وهنا قد نجد الإجابة على هذا التساؤل الذي حير الكثير من الباحثين وجعل شخصية طغرل أحراري تثير شهية الباحثين في آداب آسيا الوسطى، إذ كيف لشاعر صوفي ذو مكانة دينية بين أهل بلدته أن ينخرط في المشروع الإشتراكي السوفييتي؟
ويكشف هذا البحث أن تأييد أحراري للتيارات السوفيتية كان نابعًا من تطلعه لرفع المظالم المتراكمة، مما دفعه إلى الانخداع مؤقتًا بالشعارات البلشفية. لاسيما أنه أعدم على أيدي السوفييت بتهمة الخيانة في أول عام لهم من حكمهم على بخارى.
وهكذا، يتضح أن ما نطالعه في الكتب لا يمكن قبوله دائمًا على علاته، فكل معلومة تستدعي منا التحري والتثبت، لأن المعرفة لا تقوم إلا على التمحيص والدقة في طلب الحقيقة.