أخبار دولية

إيران تطالب بتعويضات “حرب الـ12 يومًا”: شرط يهدد بتصعيد التوتر مع أمريكا

أثارت إيران جدلاً دولياً بطرحها شرطاً جديداً يتطلب موافقة الولايات المتحدة على دفع تعويضات عن الأضرار التي لحقت بها خلال “حرب الـ12 يومًا”، كمدخل لاستئناف المفاوضات النووية.

هذا المطلب، الذي وصفه خبراء بأنه استفزازي، قد يعرقل الجهود الدبلوماسية الجارية ويزيد من مخاطر التصعيد العسكري، خاصة مع إدارة الرئيس الأمريكي دونالد ترامب التي تتبنى موقفاً متشدداً تجاه طهران.

 تفاصيل المطلب الإيراني

في تصريحات نقلتها صحيفة “فاينانشال تايمز”، أكد وزير الخارجية الإيراني عباس عراقجي أن دفع الولايات المتحدة تعويضات عن الخسائر التي تكبدتها إيران خلال النزاع الأخير، الذي استمر 12 يوماً واستهدف مواقع عسكرية ونووية إيرانية، يُعد شرطاً أساسياً لإعادة فتح قنوات الحوار النووي.

ويأتي هذا الموقف عقب مطالبات مماثلة من أعضاء البرلمان الإيراني، الذين طالبوا كلاً من واشنطن وإسرائيل بتعويضات عن الهجمات التي أضرت بالبنية التحتية الإيرانية.

تحليل الخبراء

يرى مختصون في الشأن الإيراني أن هذا الشرط يعكس استراتيجية طهران في تعزيز موقفها أمام الرأي العام الداخلي، في ظل ضعفها الاقتصادي والسياسي. وفقاً للدكتور نبيل الحيدري، الخبير في الشؤون الإيرانية، فإن هذا المطلب ليس سوى جزء من “البروباغندا” التي يتبناها النظام الإيراني لإظهار القوة، رغم إدراكه لحالة الضعف التي يعيشها بعد الخسائر الكبيرة في الحرب الأخيرة.

وأضاف الحيدري أن طهران، التي سبق أن أطلقت تهديدات غير واقعية مثل “إزالة إسرائيل في 7 دقائق”، تدرك أنها لن تستطيع الصمود أمام حرب جديدة مع الولايات المتحدة وإسرائيل.

وبالتالي، فإن هذا الشرط يُعتبر محاولة لكسب الوقت أو تحسين شروط التفاوض، لكنها في النهاية ستضطر للخضوع للمطالب الأمريكية لتجنب مواجهة عسكرية أكثر تدميراً.

من جهته، حذر الخبير الاستراتيجي راغب رمالي من أن هذا الشرط قد يُغضب الرئيس ترامب، الذي يسعى لإنهاء الملف النووي الإيراني بشكل حاسم خلال ولايته الحالية.

وأوضح رمالي أن طهران تعتمد أسلوب “المراوغة” الذي استخدمته سابقاً مع ترامب، لكنها تتجاهل أن الرئيس الأمريكي في ولايته الثانية أكثر تصميماً على اتخاذ قرارات سريعة وحاسمة، خاصة مع ضغوط إسرائيل لمواجهة التهديد الإيراني.

 السياق السياسي

تأتي هذه التطورات في ظل توترات متصاعدة بين إيران والولايات المتحدة، حيث تتهم واشنطن طهران بتهديد الأمن الإقليمي والدولي من خلال برنامجها النووي ودعمها لجماعات مسلحة.

وتُعد “حرب الـ12 يومًا”، التي تضمنت هجمات دقيقة على منشآت إيرانية، دليلاً على قدرة الولايات المتحدة وإسرائيل على إضعاف البنية العسكرية الإيرانية، مما يضع طهران في موقف دفاعي.

ويرى المحللون أن إيران تواجه ضغوطاً داخلية متزايدة، مع اقتصاد منهك واضطرابات اجتماعية، مما يجعلها أقل قدرة على تحمل تبعات حرب جديدة. ومع ذلك، فإن طرح شروط مثل التعويضات يُظهر محاولة النظام للحفاظ على ماء الوجه أمام شعبه، حتى لو كان ذلك على حساب تعقيد المفاوضات.

 مخاطر التصعيد

يحذر الخبراء من أن استمرار إيران في تبني مواقف متشددة قد يدفع ترامب إلى اللجوء للخيار العسكري، خاصة أن إنهاء الملف النووي الإيراني يُعد أولوية بالنسبة لواشنطن وحليفتها إسرائيل.

وتشير تصريحات سابقة لترامب إلى استعداده لتوجيه ضربات جديدة إذا لم تُبدِ طهران جدية في التفاوض.

ويُضاف إلى ذلك أن ترامب، الذي يسعى لتحقيق إنجازات ملموسة خلال ولايته الحالية، قد يرى في هذا الشرط الإيراني تحدياً مباشراً لسلطته، مما يزيد من احتمالية الرد بعمل عسكري لإجبار إيران على التراجع.

مطالبة إيران بتعويضات عن “حرب الـ12 يومًا” كشرط للمفاوضات النووية تعكس محاولتها لكسب مكاسب سياسية داخلية، لكنها تحمل مخاطر كبيرة بتعطيل الجهود الدبلوماسية واستفزاز الولايات المتحدة.

في ظل ضعف طهران وتصميم ترامب على حسم الملف النووي، قد تؤدي هذه الخطوة إلى تصعيد عسكري جديد، ما لم تتراجع إيران عن شروطها أو تتوصل الأطراف إلى تسوية دبلوماسية سريعة.

مقالات ذات صلة

اترك تعليقاً

زر الذهاب إلى الأعلى