أخبار دولية

الحرس الثوري الإيراني يحذر أوروبا من تفعيل “آلية الزناد”: ستكونون الخاسر الأكبر

وجهت إيران تحذيرًا حادًا إلى الدول الأوروبية من مغبة تفعيل “آلية الزناد” المنصوص عليها في الاتفاق النووي لعام 2015، والتي تتيح إعادة فرض عقوبات الأمم المتحدة على طهران، محملة أوروبا مسؤولية ما قد يترتب على هذه الخطوة من تصعيد.

وفي تصريحاته خلال مؤتمر صحفي يوم الأحد 27 يوليو، قال رئيس استخبارات الحرس الثوري الإيراني، مجيد خادمي، إن إيران “تملك خيارات فعالة للرد” وسترد “بشكل مناسب”، محذرًا من أن “أوروبا ستكون الخاسر الأكبر” إذا تم تفعيل الآلية.

 موقف رسمي موحد من طهران

وأكد وزير الخارجية الإيراني، عباس عراقجي، أن تفعيل الآلية يعتبر خرقًا للاتفاق النووي ويتعارض مع روحه، مشددًا على أن هذه الخطوة ستُنهي فعليًا أي دور أوروبي في الملف النووي.

كما صرح المتحدث باسم وزارة الخارجية، إسماعيل بقائي، أن طهران لن تقبل بأي إجراءات أوروبية أحادية، واصفًا أوروبا بأنها “فاقدة للشرعية القانونية والأخلاقية في فرض العقوبات”.

 محادثات إسطنبول: حوار متوتر بلا نتائج

في محاولة لاحتواء الأزمة، عُقد اجتماع يوم الجمعة 25 يوليو في إسطنبول بين وفد إيراني ومبعوثين من الدول الأوروبية الثلاث (فرنسا، بريطانيا، ألمانيا). ورغم وصف المحادثات بأنها “صريحة”، لم يتم التوصل إلى اتفاق، بل اكتفى الطرفان بالتأكيد على مواصلة المشاورات.

تهدف إيران من هذه اللقاءات إلى ثني أوروبا عن تفعيل “آلية الزناد” التي تنتهي صلاحيتها في أكتوبر المقبل، في ظل مخاوف من أن تؤدي إعادة العقوبات إلى مزيد من العزلة الدولية والضغط الاقتصادي.

سياق متوتر: الضربات النووية وتعليق التعاون

تشهد العلاقات بين إيران والغرب تصعيدًا غير مسبوق منذ الضربات الجوية التي استهدفت منشآت نووية إيرانية في يونيو 2025، ونُسبت إلى إسرائيل والولايات المتحدة.

وأسفرت الضربات عن أضرار جسيمة، ودخلت إيران بعدها في مواجهة عسكرية استمرت 12 يومًا.

وفي يوليو، قررت طهران تعليق تعاونها مع الوكالة الدولية للطاقة الذرية، متهمة إياها بالتواطؤ أو التقصير في منع الهجمات. مع ذلك، سمحت إيران لفريق تقني من الوكالة بزيارة منشآتها في الأسابيع المقبلة، في خطوة وصفها مدير الوكالة رافايل غروسي بأنها “مشجعة”.

 آلية الزناد: سيف العقوبات المعلّق

تُعد “آلية الزناد” أحد البنود الحساسة في الاتفاق النووي، حيث تتيح لأي طرف شكاية إيران أمام مجلس الأمن بدعوى انتهاك التزاماتها، مما يفتح الباب أمام إعادة العقوبات الدولية التي فُرضت بين عامي 2006 و2015.

تتهم الدول الأوروبية إيران بعدم الالتزام ببنود الاتفاق، خاصة مع رفع مستوى تخصيب اليورانيوم إلى 60%، وهو مستوى أعلى بكثير من الحد المتفق عليه (3.67%)، وإن كان أقل من عتبة 90% اللازمة لتصنيع سلاح نووي. وهددت الترويكا الأوروبية بإعادة العقوبات إذا لم تعد إيران إلى الالتزام الكامل قبل نهاية أغسطس.

 موقف إيران: التخصيب حق سيادي

ترى طهران أن تخصيب اليورانيوم بمستويات مرتفعة هو حق سيادي وغير قابل للتفاوض، مؤكدة أن برنامجها النووي سلمي.

وفي حال أعادت الأمم المتحدة فرض العقوبات، هددت إيران بالانسحاب من معاهدة حظر الانتشار النووي، ما يزيد من قلق الغرب بشأن نواياها النووية.

 تحذير الحرس الثوري: ردع واستعراض قوة

تحذير الحرس الثوري يعكس تصعيدًا محسوبًا ضمن استراتيجية الضغط المضاد. فهذه المؤسسة العسكرية، التي تُعد مركز القوة الفعلية داخل النظام، كانت دائمًا في واجهة الدفاع عن برنامج إيران النووي والصاروخي، وسبق أن واجهت عقوبات بسبب دورها في قمع احتجاجات داخلية ودعم جماعات مسلحة خارج البلاد.

 تحليل المشهد

يرى مراقبون أن تحذير الحرس الثوري يهدف إلى ردع أوروبا عن اتخاذ خطوات أحادية قد تعمّق المواجهة، خصوصًا في ظل تآكل الثقة بين الجانبين.

* من طهران، يقول الدكتور حسن أحمديان إن إيران تسعى من خلال محادثات إسطنبول إلى إثبات التزامها بالدبلوماسية وتجنب العقوبات الدولية.

* من أوروبا، يوضح البروفيسور سكوت لوكاس أن الأوروبيين يواجهون معضلة بين الضغط على إيران للعودة إلى الالتزامات، وتجنب خطوات قد تُفشل أي مسار تفاوضي.

تصريحات الحرس الثوري تعزز موقف إيران المتشدد، لكنها تأتي في وقت حساس تحاول فيه الأطراف تجنب مواجهة دبلوماسية أو عسكرية شاملة. وبينما تسعى الدول الأوروبية لإنقاذ ما تبقى من الاتفاق النووي، يبقى نجاح أي مبادرة مرهونًا بإرادة سياسية متبادلة، وقدرة الطرفين على تخطي منطق التهديدات والعودة إلى طاولة التفاوض قبل انتهاء صلاحية آلية الزناد في أكتوبر 2025.

مقالات ذات صلة

اترك تعليقاً

زر الذهاب إلى الأعلى