اتفاق تجاري بين الهند وبريطانيا يعكس تحوّلًا في سياسة نيودلهي

في خطوة تُعد تحوّلًا تدريجيًا في السياسة التجارية للهند، وقّعت الحكومة الهندية اتفاقية تجارة حرة مع المملكة المتحدة، تمثل أكبر شراكة استراتيجية للهند مع اقتصاد متقدم حتى الآن، وفق ما أعلن مسؤولون حكوميون ومحللون.
وُقّع الاتفاق يوم الخميس بحضور رئيس الوزراء الهندي ناريندرا مودي ونظيره البريطاني كير ستارمر في مقر “تشيكرز” ببريطانيا، حيث وصفه مودي بأنه “خطة مشتركة للازدهار الاقتصادي”.
انفتاح اقتصادي مدروس
الاتفاق يتضمن خفض الرسوم الجمركية على واردات السيارات البريطانية، وهي خطوة تُعد تغييرًا كبيرًا في سياسة الحماية الاقتصادية التي اتبعتها الهند طويلًا لحماية صناعتها المحلية.
لكن هذا الانفتاح يتم وفق نظام حصص، حيث تبدأ الهند بالسماح باستيراد 10 آلاف سيارة سنويًا، وصولًا إلى 19 ألف وحدة في العام الخامس، مع تقليص تدريجي للرسوم من أكثر من 100% إلى 10% خلال 15 سنة.
التزام بالخطوط الحمراء
ورغم الانفتاح الجزئي، حافظت الهند على ثوابتها الاقتصادية، إذ لم تقدّم أي تنازلات في ملفات الزراعة أو منتجات الألبان مثل الجبن ومصل اللبن، وهي قطاعات يعتبرها المسؤولون “خطًا أحمر” لا يُسمح بفتحه أمام المنافسة الدولية، سواء في الاتفاق مع بريطانيا أو المفاوضات الجارية مع الاتحاد الأوروبي وأمريكا.
فرص للصادرات الهندية
من الجانب الآخر، سيستفيد المُصدّرون الهنود من إعفاءات جمركية كاملة على منتجات تشمل الأقمشة، الأحذية، الأحجار الكريمة، الأثاث، قطع غيار السيارات، المعدات، والمواد الكيميائية.
ووفقًا لن. ثيروكوماران، الأمين العام لرابطة مصدري تيروبور، فإن صادرات الملابس إلى المملكة المتحدة قد تتضاعف خلال ثلاث سنوات بفضل هذا الاتفاق.
نحو اتفاقيات أوسع مع الاتحاد الأوروبي وأمريكا
يرى الخبراء أن هذا الاتفاق يشكل نموذجًا أوليًا تتطلع الهند لتكراره مع شركاء آخرين، أبرزهم الاتحاد الأوروبي ونيوزيلندا، وربما الولايات المتحدة لاحقًا.
لكن المحادثات مع واشنطن، وخاصة في ظل إدارة الرئيس دونالد ترامب، قد تكون أكثر تعقيدًا، نظرًا للمطالب الأمريكية المتكررة بشأن فتح الأسواق الهندية أمام المنتجات الزراعية والألبان.
مع ذلك، أشار وزير التجارة الهندي، بيوش غويال، إلى أن بلاده تأمل في التوصل لاتفاق مع الولايات المتحدة يمنحها “معاملة خاصة وتفضيلية”.
الاتفاق الهندي-البريطاني لا يعكس فقط تقاربًا سياسيًا، بل أيضًا تحوّلًا استراتيجيًا في مقاربة الهند للأسواق العالمية، من الحماية المطلقة إلى الانفتاح المدروس.