دونالد ترامب في اسكتلندا: زيارة تجمع الغولف والدبلوماسية وسط توترات تجارية

هبط الرئيس الأمريكي دونالد ترامب في مطار بريستويك قرب غلاسكو مساء الجمعة 25 يوليو 2025، لبدء زيارة تمتد خمسة أيام إلى اسكتلندا، تجمع بين الدبلوماسية، الأعمال الشخصية، وممارسة الغولف.
انتقل ترامب فور وصوله إلى منتجع ترنبري، أحد ملعبي الغولف اللذين تملكهما عائلته في اسكتلندا، حيث يعتزم قضاء عطلة نهاية الأسبوع.
وتخلل الزيارة إجراءات أمنية مشددة، شملت عملية شرطية واسعة النطاق في جميع أنحاء البلاد، تحسبًا لاحتجاجات متوقعة في أدنبرة، أبردين، وبالقرب من ملاعب الغولف، نظمتها مجموعات مثل “Stop Trump Scotland” التي وصفت سياسات ترامب بأنها “تسرع انهيار المناخ وانتشار الفاشية”.
لقاءات دبلوماسية
تتضمن الزيارة، التي وصفتها البيت الأبيض بأنها “خاصة”، لقاءات دبلوماسية بارزة. أعلنت رئيسة المفوضية الأوروبية أورسولا فون دير لايين أنها ستلتقي ترامب يوم الأحد 27 يوليو في اسكتلندا لمناقشة العلاقات التجارية عبر الأطلسي، بهدف التوصل إلى اتفاق تجاري يتجنب فرض رسوم جمركية أمريكية بنسبة 15% على الاتحاد الأوروبي قبل الموعد النهائي في 1 أغسطس.
ووصف ترامب فرص التوصل إلى اتفاق مع الاتحاد الأوروبي بأنها “50-50″، مشيرًا إلى وجود عقبات عديدة.
كما سيجتمع ترامب برئيس الوزراء البريطاني كير ستارمر يوم الإثنين 28 يوليو في منتجع ترنبري، قبل زيارة مشتركة لملعب الغولف الثاني في أبردين، رغم بعض الالتباس حول الجدول الزمني الدقيق.
وأشاد ترامب بستارمر، قائلاً: “أحب رئيس وزرائكم، إنه رجل جيد، أبرم صفقة تجارية بعد 12 عامًا”، في إشارة إلى اتفاق تجاري أُعلن عنه في مايو 2025، خفض بموجبه الرسوم الجمركية الأمريكية على السيارات البريطانية من 27.5% إلى 10%، مقابل زيادة صادرات اللحوم البقرية والإيثانول الأمريكية إلى بريطانيا.
ومع ذلك، أثار قلق المزارعين البريطانيين من احتمال السماح بمنتجات الألبان الأمريكية التي تستخدم هرمونات محظورة في بريطانيا.
سيُلتقي ترامب أيضًا بالوزير الأول الاسكتلندي جون سويني، الذي تعهد بـ”الدفاع عن مصالح اسكتلندا”، مرفضًا في البداية اللقاء لكنه قرر لاحقًا المشاركة لمناقشة قضايا مثل التجارة، الوضع في غزة، والحرب في أوكرانيا.
كما سيفتتح ترامب ملعب غولف جديد في أبردين يحمل اسم والدته ماري آن ماكلويد ترامب، التي وُلدت في جزيرة لويس الاسكتلندية.
الرسوم الجمركية والتجارة
ركزت الزيارة على المفاوضات التجارية، حيث أكد ترامب عند وصوله أن الاتفاق التجاري مع بريطانيا “تم إبرامه”، مشيرًا إلى أن لقاءه مع ستارمر سيكون “احتفاليًا” أكثر من كونه مفاوضات مكثفة، لكنه سيغطي “أمورًا أخرى”.
ومع ذلك، خيب آمال بريطانيا عندما استبعد تخفيضات دائمة على الرسوم الجمركية للصلب والألمنيوم، قائلاً: “إذا فعلت ذلك لدولة واحدة، يجب أن أفعله للجميع”.
هذا التصريح أثار مخاوف في لندن، التي كانت تستفيد من إعفاء مؤقت من رسوم جمركية أمريكية بنسبة 50% على هذه المعادن.
من ناحية أخرى، تسعى فون دير لايين لتأمين اتفاق تجاري مع الولايات المتحدة بعد تعثر مفاوضات الشهر الماضي، حيث هدد ترامب بفرض رسوم بنسبة 30% على الاتحاد الأوروبي. وأشارت مصادر إلى أن ترامب لن يلتقي فون دير لايين ما لم يكن الاتفاق جاهزًا للتوقيع، مما يعكس نهجه الحازم في المفاوضات.
قضايا إقليمية ودولية
من المتوقع أن تكون الحرب في غزة محور نقاش رئيسي خلال لقاء ترامب وستارمر، خاصة بعد دعوة 221 نائبًا بريطانيًا ستارمر للاعتراف بدولة فلسطين، على غرار قرار فرنسا الأخير.
وانتقد ترامب الرئيس الفرنسي إيمانويل ماكرون بشدة لهذا القرار، معتبرًا أنه “لا يحمل وزنًا”. كما تطرق ترامب إلى قضية الهجرة في أوروبا، داعيًا الدول الأوروبية إلى “وضع حد لهذا الغزو الرهيب”، مشيدًا بسياساته في ترحيل المهاجرين غير الشرعيين، مدعيًا أن الولايات المتحدة “أوقفت الهجرة غير الشرعية الشهر الماضي”.
جدل إبستين يلاحق ترامب
على الرغم من تركيزه على الدبلوماسية والغولف، لاحقت ترامب قضية جيفري إبستين حتى في اسكتلندا. وردًا على أسئلة الصحفيين، نفى ترامب علمه بإدراج اسمه في وثائق محكمة عام 2019 تتعلق باتهامات إبستين بالاتجار الجنسي بالقاصرات، واصفًا الجدل بأنه “ليس أمرًا كبيرًا”.
كما رفض التعليق على إمكانية العفو عن غيسلين ماكسويل، المتورطة في القضية، قائلاً إنه “لم يفكر في الأمر”. وتسببت هذه القضية في توتر مع الإعلام، حيث استبعدت صحيفة “وول ستريت جورنال” من تغطية الرحلة بسبب تقرير عن “علاقة” ترامب بإبستين، وهو ما اعتبرته البيت الأبيض “افتراءً كاذبًا”.
احتجاجات وأمن
أثارت زيارة ترامب ردود فعل متباينة في اسكتلندا. استقبلته حشود من المؤيدين في مطار بريستويك، بينهم مشجع ألماني يدعى يوناس فييريك، لكن الزيارة واجهت معارضة قوية من السكان المحليين. ونظمت مجموعة “Stop Trump Scotland” “مهرجان مقاومة” يوم السبت، مطالبة سويني بإلغاء لقائه مع ترامب.
وتطلب الزيارة عملية أمنية ضخمة، شملت نشر أكثر من 6300 شرطي بريطاني، بتكلفة تقدر بملايين الجنيهات، مع نقل موكب ترامب المدرع، المعروف بـ”The Beast”، وطائرة “Air Force One” المحصنة.
تجمع زيارة ترامب إلى اسكتلندا بين الأعمال الشخصية والدبلوماسية، مع تركيز على التجارة ومناقشة قضايا مثل غزة والهجرة.
ومع أن الزيارة تواجه تحديات مثل الاحتجاجات وجدل إبستين، فإنها تعكس نهج ترامب في مزج السياسة والترفيه. ويُتوقع أن يعود ترامب إلى بريطانيا في سبتمبر 2025 لزيارة رسمية بدعوة من الملك تشارلز الثالث، قد تكون أكثر ترحيبًا