منوعات

مخزون طاقة سري في الدماغ.. اكتشاف يُعيد رسم خريطة الأعصاب!

هدير البحيري

في اكتشاف علمي لافت، توصل باحثون من جامعة ييل الأمريكية إلى أن الخلايا العصبية تملك “بطاريات طوارئ” داخلية تُساعدها على الاستمرار في العمل خلال فترات الضغط الشديد، حين تعجز عن الحصول على الطاقة بشكل طبيعي.

وعلى خلاف الاعتقاد السائد منذ عقود بأن خلايا الدعم الدماغي، المعروفة بالخلايا الدبقية، هي المسؤولة عن تخزين الجليكوجين (نوع من السكر يُستخدم كمصدر للطاقة)، كشف الفريق البحثي بقيادة البروفيسور ميليند سينغ أن الخلايا العصبية نفسها تحتفظ بمخزون داخلي من هذا الوقود الحيوي، وتقوم بتكسيره عند الحاجة.

قال سينغ، في بيان صادر عن كلية الطب بجامعة ييل، إن الاعتقاد السائد كان أن الخلايا العصبية تعتمد كليًا على الخلايا الدبقية كمصدر خارجي للطاقة، لكن الاكتشاف الجديد أثبت أنها قادرة على تخزين الجليكوجين واستخدامه عند الحاجة، لا سيما في الظروف الصعبة، مضيفًا أن “الأمر يشبه اكتشاف أن سيارتك ليست تقليدية فقط، بل هجينة أيضًا، تحمل بطارية طوارئ تساعدها على العمل حتى عندما لا يتوفر الوقود”.

ويعتمد هذا الاكتشاف على تجارب ميكروسكوبية أجريت على ديدان أسطوانية باستخدام أجهزة استشعار فائقة الحساسية، قادرة على تتبع انبعاثات متوهجة تصدر عند تحلل السكر داخل الخلايا العصبية.

وقد نُشرت نتائج الدراسة في المجلة الرسمية للأكاديمية الوطنية للعلوم في الولايات المتحدة، مشيرةً إلى أن هذه المرونة التي تتمتع بها الخلايا العصبية قد تسهم مستقبلًا في تطوير علاجات لأمراض عصبية معقدة مثل السكتة الدماغية، والصرع، وهي حالات ترتبط غالبًا بنقص الطاقة داخل الدماغ.

وأوضح الباحثون أن أهمية هذا المصدر الاحتياطي للطاقة تتجلى بشكل خاص عند تعطل “الميتوكوندريا”، التي تُعد محطات توليد الطاقة الرئيسية داخل الخلية، كما يحدث في حالات نقص الأوكسجين أو التلف الخلوي، إذ يُتيح الجليكوجين استجابة طارئة تُمكن الخلايا العصبية من الاستمرار في العمل رغم انهيار مصادر الطاقة الأخرى.

قال البروفيسور دانيال كولون راموس، أحد كبار الباحثين المشاركين من جامعة ييل، إن هذه المرونة التي أظهرتها الخلايا العصبية قد تشكل مفتاحًا للحفاظ على وظائف الدماغ في مواجهة الضغوط والإصابات، مشيرًا إلى أن هذا الاكتشاف يعيد تشكيل فهمنا لكيفية إدارة الدماغ لموارده الطاقية، ويمهد الطريق أمام استراتيجيات جديدة لحماية الخلايا العصبية في أوقات الأزمات البيولوجية.

 

 

مقالات ذات صلة

اترك تعليقاً

زر الذهاب إلى الأعلى