قمة بريكس 2025 في ريو دي جانيرو: تعزيز التعاون وتحدي الهيمنة الغربية

تستضيف مدينة ريو دي جانيرو البرازيلية القمة السابعة عشرة لمجموعة بريكس يومي 6 و7 يوليو 2025، حيث يجتمع قادة الدول الأعضاء لمناقشة استراتيجيات تعزيز التعاون التجاري والتكنولوجي بينهم، وسط مساعٍ لمواجهة الهيمنة الاقتصادية الغربية.
يترأس القمة الرئيس البرازيلي لويس إيناسيو لولا دا سيلفا، ويشارك فيها قادة بارزون مثل رئيس الوزراء الهندي ناريندرا مودي ورئيس الوزراء الصيني لي تشيانغ، في حين يغيب الرئيس الروسي فلاديمير بوتين بسبب مذكرة توقيف دولية صادرة بحقه.
تأسيس وتطور مجموعة بريكس
تأسست مجموعة بريكس عام 2001 كتكتل اقتصادي يضم البرازيل وروسيا والهند والصين، بهدف تمثيل الاقتصادات الناشئة القادرة على قيادة النمو العالمي بحلول 2050.
صيغ اسم “BRIC” من قبل الخبير الاقتصادي جيم أونيل، ليعكس الحروف الأولى لهذه الدول. في عام 2010، انضمت جنوب إفريقيا إلى المجموعة، ليصبح اسمها “BRICS”.
ومع انضمام مصر وإثيوبيا وإيران والإمارات العربية المتحدة وإندونيسيا، تضاعف عدد الأعضاء إلى عشر دول. تتولى الدول الأعضاء رئاسة المجموعة بالتناوب سنوياً.
توسع المجموعة وجاذبيتها
أصبحت بريكس قوة اقتصادية وجيوسياسية بارزة، حيث تمثل أكثر من 40% من سكان العالم وثلث الناتج الاقتصادي العالمي، متجاوزة بذلك مجموعة السبع الكبرى من حيث القوة الشرائية.
جذبت المجموعة اهتمام 44 دولة تقدمت بطلبات رسمية للانضمام، من بينها بيلاروسيا وبوليفيا وكوبا وكازاخستان وماليزيا وتايلاند وأوزبكستان وفيتنام وأوغندا، بصفة شركاء تمهيداً للعضوية الكاملة تحت اسم “BRICS+”.
في المقابل، تتردد السعودية في اتخاذ قرار نهائي بالانضمام رغم إدراجها كعضو على الموقع الرسمي للمجموعة، بينما رفضت الهند انضمام تركيا بسبب علاقاتها مع باكستان، وسحبت الأرجنتين طلبها للانضمام عام 2023 لتعزيز علاقاتها مع الغرب.
أهداف اقتصادية طموحة
تسعى بريكس إلى تحدي النظام الاقتصادي العالمي بقيادة الولايات المتحدة، الذي هيمن على المشهد منذ الحرب العالمية الثانية.
أنشأت المجموعة بنك التنمية الجديد كبديل للبنك الدولي، بتمويل بلغ 100 مليار دولار لدعم مشاريع البنية التحتية والتنمية المستدامة.
كما تسيطر الدول الأعضاء على 40% من إنتاج النفط العالمي، بفضل إيران والإمارات، وحوالي 75% من المواد الأرضية النادرة.
وبلغ حجم التبادل التجاري بين الأعضاء أكثر من تريليون دولار، مع تسجيل 44 مليون براءة اختراع بين 2009 و2023، تمثل أكثر من نصف براءات الاختراع العالمية.
التحديات ومحاولات التخلص من هيمنة الدولار
تسعى بريكس إلى تقليل الاعتماد على الدولار الأمريكي من خلال استخدام العملات المحلية وأنظمة دفع بديلة مثل “BRICS Pay”، كمنافس لنظام سويفت المدعوم غربياً.
ورغم الدعوات المبكرة لإطلاق عملة مشتركة، تعترض الهند على هذه الفكرة خشية هيمنة الصين اقتصادياً.
كما أن تهديدات الرئيس الأمريكي دونالد ترامب بفرض رسوم جمركية بنسبة 100% على دول المجموعة في حال إطلاق عملة مشتركة تزيد من التحديات.
وتشير تقارير إلى أن قيود الصين على استخدام اليوان دولياً قد تعيق جهود تحرير التجارة من الدولار.
تحديات التوسع والانقسامات الداخلية
يثير التوسع السريع للمجموعة تساؤلات حول استقرارها. فبينما تدفع الصين وروسيا نحو تقوية بريكس كقوة مضادة للغرب، تركز الهند والبرازيل على التعاون الاقتصادي دون مواجهة جيوسياسية.
تضارب المصالح بين الأعضاء، مثل التوترات بين السعودية وإيران أو مصر وإثيوبيا، قد يعيق التوافق السياسي.
كما أن الفوارق الاقتصادية بين الدول الأعضاء، مثل هيمنة الصين الاقتصادية مقارنة بإثيوبيا أو جنوب إفريقيا، والاختلافات في الأنظمة السياسية بين الديمقراطيات مثل الهند والبرازيل والأنظمة الاستبدادية مثل الصين وإيران، تشكل تحديات إضافية.
يرى بعض المحللين أن بريكس قد تتطور لتصبح قوة منافسة للمؤسسات الغربية، بينما يحذر آخرون من أن الانقسامات الداخلية قد تعرقل هذا الطموح.
ستظل القمة في ريو دي جانيرو فرصة حاسمة لتحديد ما إذا كانت بريكس قادرة على تحقيق أهدافها في إنشاء نظام عالمي متعدد الأقطاب، أم أنها ستواجه صعوبات بسبب التوترات الداخلية والتحديات الخارجية.