طفل مزاجي أم زعيم صلب؟ كيف يتعامل القادة مع ترامب في المكتب البيضاوي؟

مع اقتراب موعد اللقاء المرتقب بين الرئيس الأمريكي دونالد ترامب ورئيس الوزراء الإسرائيلي بنيامين نتنياهو في البيت الأبيض، تتزايد الترقبات والمخاوف بين القادة الدوليين حول كيفية التعامل مع ترامب، الذي أعاد تشكيل قواعد الدبلوماسية التقليدية بأسلوبه غير التقليدي.
يُنظر إلى هذه الزيارة على أنها اختبار حقيقي لقدرة الزعماء على التعامل مع شخصية ترامب المزاجية وأسلوبه الاستعراضي في المكتب البيضاوي.
تغيير قواعد الدبلوماسية التقليدية
تقليديًا، كانت زيارات البيت الأبيض مناسبات لتعزيز العلاقات الدبلوماسية، وإظهار التحالفات، والتقاط الصور الرسمية التي تعكس الاحترام المتبادل. لكن مع ترامب، تحولت هذه اللقاءات إلى تجربة مختلفة تمامًا.
فقد أشار تقرير إلى أن ترامب أدخل تغييرات جذرية على هذه الزيارات، حيث أصبحت محفوفة بالمخاطر والتوترات.
على سبيل المثال، خلال لقائه الأخير مع الرئيس الأوكراني فولوديمير زيلينسكي، وجه ترامب انتقادات علنية لضيفه، مما أثار صدمة وقلق القادة الآخرين الذين باتوا يرون زيارات المكتب البيضاوي اختبارًا صعب.
توترات ومواجهات غير متوقعة
لم تقتصر تجربة ترامب على زيلينسكي، فقد شهدت لقاءاته السابقة مواقف مثيرة للجدل، مثل اتهامه غير المثبت بالإبادة الجماعية لرئيس جنوب إفريقيا سيريل رامافوزا، وتوترات ملحوظة مع رئيس الوزراء الكندي مارك كارني.
وصف خمسة دبلوماسيين بارزين أجواء المكتب البيضاوي في عهد ترامب بأنها تشبه “حلبة ملاكمة” أو “استوديو تلفزيوني”، حيث يسعى ترامب إلى فرض حضوره الطاغي، مما يجعل اللقاءات معه أشبه بعرض استعراضي.
نصائح دبلوماسية للتعامل مع ترامب
قدم دبلوماسيون مخضرمون نصائح للزعماء الراغبين في تجنب الإحراج أثناء لقاءاتهم مع ترامب. جيرار أرو، السفير الفرنسي السابق، نصح بعدم معارضة ترامب علنًا أمام الكاميرات لتجنب إثارة غضبه، حيث يرفض ترامب بشدة أي محاولة لتحديه علنًا.
من جهته، وصف وزير الخارجية الليتواني السابق غابرييل لاندسبيرجيس لقاءات ترامب بأنها “عرض” يهدف فيه إلى إبراز نفسه كزعيم مهيمن، مما يقلل من شأن الآخرين.
تحضيرات إسرائيلية لزيارة نتنياهو
قبل زيارة نتنياهو المرتقبة يوم 7 يوليو 2025، أبدى المسؤولون الإسرائيليون حرصًا على إظهار تعاونهم مع مطالب ترامب، خاصة بعد تصريحه الأخير بأنه سيكون “صارمًا جدًا” في الضغط من أجل وقف إطلاق النار في غزة.
وبعد يوم واحد فقط من هذا التصريح، أعلنت إسرائيل موافقتها المبدئية على هدنة لمدة 60 يومًا، في إشارة إلى محاولتها تهيئة الأجواء للقاء.
ترامب في ولايته الثانية: ثقة ونفوذ أكبر
يرى دبلوماسيون بارزون أن ترامب في ولايته الثانية أصبح أكثر ثقة وسلطة، وأقل تقيدًا بالقواعد التقليدية. وصف جو هوكي، السفير الأسترالي السابق، ترامب بأنه أصبح “أكثر صراحة في المفاوضات التجارية وأمهر في إدارتها”، بينما شبه جيرار أرو البيت الأبيض في عهده بـ”بلاط ملكي”، حيث لا يمكن للقادة تحقيق أهدافهم دون بناء علاقة شخصية وثيقة مع ترامب أو أفراد عائلته.
مخاطر التعامل مع ترامب
حذر أرتورو ساروخان، السفير المكسيكي السابق، من أن لقاءات المكتب البيضاوي في عهد ترامب قد تتحول إلى “تخريب دبلوماسي” أو “فخ للإيقاع بالزعماء”.
كما أشار روفوس جيفورد، رئيس البروتوكول الأمريكي السابق، إلى أن الاجتماعات التي كانت تُحضَّر لأشهر أصبحت الآن عرضة للتغيير المفاجئ، حيث يمكن أن تنقلب الأمور رأسًا على عقب في لحظة.
استراتيجيات التعامل مع ترامب
للتعامل مع ترامب بنجاح، قدم الخبراء النصائح التالية للقادة الأجانب:
– السماح له بالحديث: تجنب معارضته علنًا، والإشادة به أولاً لكسب وده.
– التحضير للمصافحات القوية: حيث يستخدم ترامب المصافحة كاختبار للشخصية.
– عدم توقع مسار تقليدي: ترامب يتسم بالمزاجية، وقراراته قد تكون لحظية.
– الحذر من المجاملة المفرطة: حذر جيفورد من الإفراط في المداهنة، لأنها قد تتحول لاحقًا إلى مصدر إحراج إذا استُغلت بشكل خاطئ.
“طفل مزاجي” أم “زعيم مهيمن”؟
في وصف لافت، شبه دبلوماسيون التعامل مع ترامب بـ”التعامل مع طفل غريب الأطوار لا يمكن توقع تصرفاته”، على الرغم من كونه “أقوى رجل في العالم”.
وأكد جيفورد أن ترامب غنى عن هذا التشبيه، مشيرًا إلى أن ترامب يزدهر في إبقاء القادة في حالة من الارتباك المستمر. وأضاف أن زيارة البيت الأبيض قد تكون فرصة ذهبية لتحقيق مكاسب دبلوماسية، لكنها قد تأتي بثمن باهظ، مثل التعرض لانتقادات علنية أمام العالم على الهواء مباشرة.
مع اقتراب زيارة نتنياهو للبيت الأبيض، يترقب العالم تطورات هذا اللقاء الذي يُعد محطة دبلوماسية حساسة، حيث يسعى نتنياهو إلى تعزيز التحالف مع الولايات المتحدة ومناقشة قضايا ملحة مثل الحرب في غزة، الرهائن، إيران، والتطبيع الإقليمي.
ستكون هذه الزيارة، المقررة في 7 يوليو 2025، اختبارًا لقدرة نتنياهو على إدارة ديناميكيات ترامب غير التقليدية، مع توقعات بأن تكون محطة سياسية حاسمة قد تؤثر على مسار العلاقات الأمريكية-الإسرائيلية والوضع الإقليمي تابعوا معنا لمزيد من التفاصيل حول هذا الحدث وتحليلاته.