ترامب يوقع قانون خفض الضرائب والإنفاق في احتفال عيد الاستقلال

في حدث بارز تزامن مع احتفالات عيد الاستقلال الأمريكي، وقّع الرئيس الأمريكي دونالد ترامب، يوم الجمعة 4 يوليو 2025، قانونًا شاملًا لخفض الضرائب والإنفاق في مراسم أقيمت على الحديقة الجنوبية للبيت الأبيض، وسط أجواء احتفالية تضمنت عرضًا جويًا للطائرات العسكرية وحضور حاشد من أنصاره وأعضاء الكونغرس الجمهوريين.
يُعد هذا القانون، الذي أطلق عليه ترامب اسم “المشروع الكبير والجميل”، إنجازًا تشريعيًا رئيسيًا في ولايته الثانية، حيث يهدف إلى تعزيز أجندته الاقتصادية والسياسية، مع إثارة جدل واسع حول تداعياته على الدين الوطني والخدمات الاجتماعية.
تفاصيل القانون وأهدافه
القانون، الذي أقره الكونغرس بأغلبية ضيقة (218 صوتًا مقابل 214 في مجلس النواب، مع تصويت حاسم من نائب الرئيس في مجلس الشيوخ)، يمتد ليشمل تعديلات جذرية في السياسات الضريبية والإنفاق الحكومي. من أبرز بنوده:
– تثبيت تخفيضات ضريبية: يجعل القانون تخفيضات الضرائب التي أُقرت عام 2017 بموجب قانون تخفيضات الضرائب والوظائف (TCJA) دائمة، والتي تشمل خفض معدلات الضرائب للأفراد والشركات، وزيادة الخصم القياسي، وتوسيع الائتمان الضريبي للأطفال.
– إعفاءات ضريبية جديدة: يتضمن إلغاء الضرائب على الإكراميات، وأجور العمل الإضافي، ومزايا الضمان الاجتماعي لكبار السن. كما يقدم خصمًا بقيمة 6000 دولار للأفراد فوق سن 65 عامًا (حتى عام 2028)، وزيادة الخصم القياسي بمقدار 1000 دولار للأفراد و2000 دولار للمتزوجين حتى عام 2028.
– حسابات ترامب للأطفال: يتضمن برنامجًا تجريبيًا يمنح كل طفل ولد بين 2025 و2028 مبلغ 1000 دولار يُستثمر في سوق الأسهم، مع إمكانية إضافة 5000 دولار سنويًا من قبل الوالدين.
– زيادة الإنفاق على الأمن والدفاع: يخصص القانون حوالي 175 مليار دولار لتعزيز إنفاذ قوانين الهجرة، بما في ذلك استكمال بناء جدار الحدود، وزيادة تمويل الجيش وأمن الحدود.
– خفض الإنفاق الاجتماعي: يتضمن تخفيضات كبيرة في برامج الرعاية الاجتماعية، مثل ميديكيد (برنامج التأمين الصحي للفقراء والمعاقين) بقيمة حوالي تريليون دولار، والبرنامج التكميلي للمساعدة الغذائية (SNAP) بقيمة 1.2 تريليون دولار، مما قد يؤدي إلى فقدان 12 مليون أمريكي لتأمينهم الصحي و11.8 مليون لمساعداتهم الغذائية بحلول 2034، وفقًا لتقديرات مكتب الميزانية في الكونغرس.
– قيود جديدة: يفرض متطلبات عمل على البالغين الأصحاء بدون أطفال للحصول على ميديكيد ومساعدات غذائية، مع إعادة التسجيل كل ستة أشهر بدلاً من سنويًا، مما قد يعقد الوصول إلى هذه الخدمات.
ردود الفعل والجدل
أشاد ترامب بالقانون خلال الاحتفال، واصفًا إياه بأنه “أكبر تخفيض ضريبي في التاريخ الأمريكي”، مؤكدًا أنه سيطلق “طفرة اقتصادية غير مسبوقة”، وهو ما رددته المتحدثة باسم البيت الأبيض كارولاين ليفيت في منشور على منصة إكس.
وحضر الحفل قادة جمهوريون بارزون مثل رئيس مجلس النواب مايك جونسون وزعيم الأغلبية ستيف سكاليس، اللذين لعبا دورًا حاسمًا في تمرير التشريع رغم المعارضة الداخلية من بعض الجمهوريين المحافظين الذين طالبوا بخفض إنفاق أكبر.
على الجانب الآخر، واجه القانون انتقادات حادة من الديمقراطيين، حيث ألقى زعيم الأقلية في مجلس النواب حكيم جيفريز خطابًا ماراثونيًا استمر قرابة تسع ساعات، وصف فيه القانون بـ”الاعتداء الأكبر على الرعاية الصحية والتغذية في تاريخ أمريكا”، مؤكدًا أنه يخدم الأثرياء وأصحاب المصالح الخاصة على حساب العائلات العاملة.
وأشار تحليل مركز السياسات الضريبية إلى أن 60% من الفوائد الضريبية ستذهب إلى الأفراد الذين يزيد دخلهم عن 217,000 دولار، بينما سيحصل الأقل دخلاً (أقل من 35,000 دولار) على تخفيضات ضريبية متواضعة بمتوسط 150 دولارًا فقط.
كما أثار القانون قلقًا بشأن تأثيره على الدين الوطني، حيث تتوقع تقديرات مكتب الميزانية في الكونغرس أن يضيف القانون 3.3 إلى 3.8 تريليون دولار إلى الدين الوطني البالغ 36.2 تريليون دولار خلال العقد القادم، على الرغم من توقعات البيت الأبيض بأن النمو الاقتصادي سيخفف من هذا العجز.
وانتقد الملياردير إيلون ماسك، الذي كان سابقًا من حلفاء ترامب، القانون بشدة على وسائل التواصل الاجتماعي، مهددًا بدعم مرشحين مناهضين للجمهوريين في انتخابات منتصف المدة بسبب تكلفته الباهظة.
سياق تمرير القانون
مر القانون عبر عملية المصالحة الميزانية، التي تتيح تمرير التشريعات بأغلبية بسيطة في مجلس الشيوخ، مما ساعد الجمهوريين على تجاوز معارضة الديمقراطيين.
بدأت العملية بموافقة مجلس النواب على قرار ميزانية في فبراير 2025، يسمح بزيادة العجز بمقدار 4.5 تريليون دولار من التخفيضات الضريبية، شريطة خفض الإنفاق بمقدار 1.7 تريليون دولار.
واجه القانون مقاومة داخلية من الجمهوريين المحافظين، مثل أعضاء هيئة الحرية في مجلس النواب، الذين طالبوا بخفض إنفاق أعمق، لكن التعديلات النهائية، مثل زيادة حد خصم الضرائب المحلية وإقليمية (SALT) إلى 40,000 دولار وتخصيص 50 مليار دولار للمستشفيات الريفية، ساعدت في كسب تأييد المعارضين.
تأثيرات اقتصادية واجتماعية
يتوقع أنصار القانون، بقيادة ترامب، أن يحفز النمو الاقتصادي من خلال زيادة الاستثمار والإنفاق الاستهلاكي، حيث تشير تقديرات مؤسسة الضرائب إلى زيادة الناتج المحلي الإجمالي بنسبة 1.2% على المدى الطويل.
ومع ذلك، يحذر المحللون من أن التخفيضات في برامج الرعاية الاجتماعية ستؤثر بشكل كبير على الأمريكيين ذوي الدخل المنخفض، حيث قد يواجه الملايين صعوبات في الوصول إلى الرعاية الصحية والمساعدات الغذائية.
كما أن إلغاء الإعفاءات الضريبية للسيارات الكهربائية والطاقة النظيفة بحلول نهاية 2025، باستثناء مشاريع الطاقة النووية، أثار مخاوف من تأثيرات بيئية سلبية.
يُعد توقيع ترامب على قانون “المشروع الكبير والجميل” انتصارًا سياسيًا كبيرًا يعزز أجندته الاقتصادية والأمنية، لكنه يثير انقسامات عميقة حول تأثيراته على العجز المالي والعدالة الاجتماعية.
بينما يحتفل الجمهوريون بتحقيق وعود حملة ترامب، يواصل الديمقراطيون وعدد من المحللين تحذيرهم من التكاليف طويلة الأمد على الأمريكيين الأقل دخلاً والاستدامة المالية للبلاد.