اقتصاد وتكنولوجيا

لماذا لم تحصل إيران على منظومة S-400 الروسية رغم التهديدات الجوية الإسرائيلية؟

تثير الهجمات الجوية الإسرائيلية المكثفة على إيران، التي وقعت في منتصف يونيو 2025، تساؤلات حول قدرات الدفاع الجوي الإيراني، خاصة في ظل غياب منظومة الدفاع الجوي الروسية المتطورة “إس-400” عن ترسانتها العسكرية.

ورغم التحالف الوثيق بين طهران وموسكو، لم تنجح إيران في اقتناء هذا النظام الدفاعي المتقدم، مما يثير جدلًا حول الأسباب السياسية والاقتصادية والاستراتيجية وراء هذا الغياب.

 اتهامات إيرانية وانتقادات لروسيا

وجهت شخصيات إيرانية ومصادر غربية مؤيدة لطهران انتقادات حادة لروسيا بسبب عدم تزويدها إيران بمنظومة “إس-400″، رغم العلاقات العسكرية الوثيقة بين البلدين.

على سبيل المثال، أشار علي مطهري، نائب رئيس البرلمان الإيراني الأسبق، إلى أن روسيا باعت هذه المنظومة لدول مثل تركيا، بل وعرضتها على السعودية، لكنها امتنعت عن تزويد إيران بها، موضحًا أن ذلك قد يكون بسبب حرص موسكو على الحفاظ على علاقاتها مع إسرائيل.

كما اعتبر البعض أن روسيا لم تُظهر المعاملة بالمثل تجاه إيران، رغم الدعم الإيراني الكبير لموسكو في حربها ضد أوكرانيا، خاصة من خلال تزويدها بطائرات مسيرة متطورة من طراز “شاهد”.

تردد روسي تاريخي

تاريخيًا، أظهرت روسيا ترددًا في تزويد إيران بأنظمة دفاع جوي متقدمة. فعلى سبيل المثال، ألغت موسكو في عام 2009 صفقة لبيع منظومة “إس-300” لإيران تحت ضغوط غربية.

ومع ذلك، تحسنت العلاقات العسكرية بين البلدين بعد عام 2015، خاصة في إطار التعاون في سوريا، حيث سلّمت روسيا إيران منظومة “إس-300” في عام 2016.

وفي عام 2019، أعربت روسيا عن استعدادها لبيع “إس-400” لإيران، لكنها زعمت أن طهران لم تُبدِ اهتمامًا جديًا بإتمام الصفقة.

 الاعتماد على القدرات المحلية

تؤكد إيران أنها تعتمد على أنظمة دفاع جوي محلية الصنع، مثل منظومة “باور 373″، التي زعمت طهران أنها نجحت في إسقاط ثلاث طائرات إسرائيلية من طراز “إف-35” خلال التصعيد الأخير.

لكن هذه الرواية أثارت شكوكًا، خاصة مع استمرار الطائرات الإسرائيلية في اختراق العمق الإيراني. يرى المراقبون أن إيران تسعى لإظهار اكتفائها الذاتي في الصناعات العسكرية، وهو جزء من استراتيجيتها السياسية لتعزيز صورتها كدولة قادرة على مواجهة التحديات دون الاعتماد على الخارج.

تشير التحليلات إلى أن إحجام إيران عن شراء منظومة “إس-400” قد يكون ناتجًا عن عوامل اقتصادية وسياسية. فمن الناحية الاقتصادية، تواجه إيران قيودًا مالية بسبب العقوبات الدولية، مما يحد من قدرتها على تمويل صفقات عسكرية باهظة الثمن.

ومن الناحية السياسية، قد تكون طهران مترددة في الاعتماد بشكل كبير على روسيا، خاصة في ظل التجارب السابقة التي أظهرت عدم موثوقية موسكو في بعض الأحيان.

بالإضافة إلى ذلك، قد تكون إيران تسعى لتجنب استفزاز إسرائيل والولايات المتحدة بشكل أكبر من خلال اقتناء منظومة دفاعية متقدمة مثل “إس-400”.

 اختلال في الشراكة الإيرانية-الروسية

رغم الدعم الكبير الذي قدمته إيران لروسيا في حربها ضد أوكرانيا، بما في ذلك تزويد موسكو بطائرات “شاهد” المسيرة التي أثبتت فعاليتها في استهداف الدفاعات الأوكرانية، لم تقدم روسيا دعمًا مماثلاً لتعزيز القدرات الدفاعية الإيرانية.

هذا التباين أثار تساؤلات في الأوساط الإيرانية حول مدى جدية موسكو في دعم أمن طهران، خاصة في مواجهة التهديدات الجوية المتزايدة من إسرائيل والولايات المتحدة.

إن غياب منظومة “إس-400” عن الترسانة الإيرانية يترك أسئلة مفتوحة حول قدرة إيران على مواجهة التهديدات الجوية المستقبلية.

ففي حين أن الأنظمة المحلية مثل “باور 373” قد توفر درجة معينة من الحماية، إلا أنها لا تضاهي القدرات المتقدمة لـ”إس-400″، التي تتميز بمدى يصل إلى 400 كيلومتر وقدرة على التصدي لأهداف متعددة، بما في ذلك الطائرات الشبحية والصواريخ الباليستية. ومع استمرار التوترات مع إسرائيل، قد تجد إيران نفسها مضطرة إلى إعادة تقييم استراتيجيتها الدفاعية، سواء من خلال تعزيز التعاون مع روسيا أو تطوير قدراتها المحلية بشكل أكبر.

يعكس غياب منظومة “إس-400” من ترسانة إيران مزيجًا من التردد الروسي، والقيود الاقتصادية والسياسية الإيرانية، والسعي لتحقيق الاكتفاء الذاتي.

ورغم الشراكة الاستراتيجية بين طهران وموسكو، يبدو أن هذه العلاقة تعاني من اختلال في موازين الدعم المتبادل، مما يترك إيران في موقف صعب أمام التهديدات الجوية المتزايدة.

ومع استمرار التصعيد في المنطقة، تبقى فعالية الدفاعات الجوية الإيرانية تحت المجهر، مع تساؤلات حول ما إذا كانت طهران قادرة على سد الفجوة الدفاعية بمواردها الحالية أو من خلال شراكات مستقبلية.

مقالات ذات صلة

اترك تعليقاً

زر الذهاب إلى الأعلى